"القاتل الصامت" يسرق حياة الأفغان

"القاتل الصامت" يسرق حياة الأفغان

17 مايو 2015
تتسبب بقايا الذخائر في قتل وإصابة كثيرين (Getty)
+ الخط -
ما زال الأفغان يسقطون ضحايا للألغام الأرضيّة، ما بين قتلى وجرحى معوّقين. وهذه الألغام، كانت القوات الدولية تزعم أن الجماعات المسلحة وحدها تقوم بزرعها، أو هي من بقايا الغزو السوفييتي لأفغانستان. لكن قبائل المنطقة والسلطات المحلية اكتشفت في الآونة الأخيرة أن القوات الأميركية والدولية التي انسحب بعضها في نهاية العام الماضي، كان لها نصيب في زرع الألغام الأرضية التي حصدت وما زالت أرواح الأفغان.

وقد تركت القوات الأميركية في الأقاليم الجنوبية آلاف الألغام مزروعة بعد انسحابها منها، وهو ما أدى إلى مقتل العشرات بالإضافة إلى إلحاق الضرر بالأراضي. كذلك، تتسبب بقايا الذخيرة في مواقع التدريب التي أخلتها القوات الدولية والأميركية إلى قتل كثيرين، خصوصاً الأطفال. فتلك القوات تركت مواقعها العسكرية من دون أي علامات تشير إلى خطورتها. إلى ذلك، كان الاتحاد السوفييتي قد ترك في خلال غزوه لأفغانستان في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، نحو ما يقدّر بنحو 20 مليون لغم أرضي بالإضافة إلى ذخيرة غير منفجرة. بالتالي، هذه الظاهرة ليست جديدة، لكن خطورتها تفاقمت بعد الاحتلال الأميركي في عام 2001.

إلى جانب ما تملكه القوات الأميركية والدولية وكذلك القوات المسلحة الأفغانية، تعدّ الألغام سلاحاً فتاكاً في يد الجماعة المسلحة، لا بل هو سلاحها الأبرز والرخيص بهدف التصدي لمدرعات القوات الأفغانية والدولية. لذا تلجأ إلى زرع الألغام من دون التفكير في أنها تشكل خطراً على الإنسان والحيوان على حدّ سواء.

وتكاد وسائل الإعلام الأفغانية لا تخلو من أخبار مؤلمة لأفغان تضرروا نتيجة ألغام أرضية. وفي بعض الأحيان، تتسبب تلك الألغام في القضاء على أسر بكاملها، خصوصاً عند تعرّض السيارات المدنية للألغام التي تزرع على جوانب الطرقات الرئيسية، وهو ما يحدث في الجنوب.

وتشير إحصائية إلى أن نحو 38 مدنياً يلقون حتفهم شهرياً نتيجة الألغام الأرضية، ومعظم هؤلاء يتعرضون للألغام والقنابل المزروعة على جوانب الطرقات في غياب أي عمل منسّق لنزعها. تُضاف إلى ذلك مواصلة أطراف الصراع الأفغاني في استخدام الألغام والقنابل ضدّ بعضها بعضاً.

وفي إطار الجهود المبذولة للقضاء على ظاهرة الألغام التي تقتل الأفغان بصمت، تقوم منذ سنوات مؤسسات غير حكومية بنزعها وإبطال مفعول القنابل المزورعة في مختلف مناطق البلاد. نجحت تلك المؤسسات بتنظيف حقول كثيرة، على الرغم من مقتل عدد من عامليها وإصابة آخرين بإعاقات. وتشير التقديرات الأممية إلى أن أكثر من 189 من موظفي المؤسسات العاملة في هذا المجال لقوا حتفهم، في حين أصيب نحو 973 آخرين بإعاقات في خلال أداء واجبهم في مناطق أفغانية في الأعوام الأخيرة.

إلى ذلك، يتعرّض موظفو مؤسسات نزع الألغام لهجمات مسلحة في مختلف مناطق البلاد وخصوصاً في الأقاليم الجنوبية. وفي آخر تلك الهجمات التي وقعت في إقليم هلمند في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قتل 12 عاملاً. وهم يتعرضون أيضاً لعمليات خطف تنفذها الجماعات المسلحة، وعادة ما يُفرَج عنهم بوساطة قبلية.

وعلى الرغم من كل المخاطر التي يتحملها العاملون في مؤسسات نزع الألغام، لم تقدّر جهودهم في الأوساط الشعبية، إذ غالباً ما توصف بأنها غير منسقة ومجدية.

ونظراً لخطورة الألغام الأرضية على المدنيين والعسكريين، يركّز الجيش والشرطة الأفغانيين على تدريب كوادر لنزعها. وتؤكد الجهتان أن فرقهما المعنية بنزع الألغام وإبطال مفعول القنابل والمتفجرات المزروعة، تؤدي دورها الحقيقي والخطير. وبعض العناصر يبدعون في إبطال مفعول الألغام والقنابل على الرغم من هشاشة الوسائل المتوفرة، ومن أبرزهم ضياء الحق الذي فكّك حتى الآن أكثر من خمسة آلاف قنبلة ولغم أرضي مذ انضم إلى الشرطة قبل عامين. لكنه يشكو من عدم اهتمام الحكومة بهذا المجال، وعدم تقدير جهود أمثاله الذين "يتحملون المخاطر من أجل الشعب".

ويتابع ضياء الحق أن "المسلحين يعوّلون كثيراً على الألغام الأرضية، وهم يصنعونها بطريقة تتسبب بأقصى درجات الدمار، بالتالي فإن تفكيكها أمر في غاية الخطورة. لكننا لن نتراجع في يوم عن مهمتنا، ونأمل أن تهتم الحكومة وتوفر لنا ما نحتاجه".

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس محمد أشرف غني كان قد عقد قبل فترة اجتماعاً مع مسؤولي مؤسسات نزع الألغام، قدّر في خلاله الجهود التي بُذلت وتبذل. كذلك وعدهم بالتعاون معهم لإنجاح المساعي الرامية إلى تنظيف أكبر عدد من حقول الألغام في أفغانستان.

إقرأ أيضاً: فريق مقعدين أفغاني يخوض مباراة دولية