سرقة سورية وشبابها

25 مارس 2015
الحرب ترهق كاهل الشعب السوري (أرشيف/getty)
+ الخط -

لأن التخمين هو سيد الموقف في سورية، إذ لا يمكن لباحث أن يصل، ولو لنسبة تقريبية حول شأن أو قضية، فالاختلاط الذي نتج عن حرب الأسد، فضلاً عن دخول الغرباء والاحتلال الإيراني، جعل من الإحصاء الدقيق أو حتى التقريبي، ضرباً من العبث والأماني.

لذا نتمسك بأي نسبة مئوية تصدر عن جهة بحثية أو أممية، علنا نستشف منها ما آلت إليه سورية، بعد شبه الإجماع على أنها المأساة الأكبر في التاريخ الحديث، سواء لجهة حجم الخسائر التي مني بها الاقتصاد، والتي بلغت 202 مليار دولار ونيّف، وفق آخر إصدار للمركز السوري لبحوث السياسات، أو على الصعيد البشري إثر قتل واعتقال وتغييب نحو مليون سوري، وهجرة ونزوح ما يزيد على 11 مليوناً حتى الآن.

في الأمس، أعلن مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يورستات" أن نسبة السوريين الذين تقدموا بطلبات لجوء إلى دول الاتحاد الأوروبي ارتفعت 60% عام 2014 مقابل 2013. أي أن عدد السوريين الهاربين من الموت وصل إلى 123 ألف لاجئ العام الماضي، مقابل 50 ألفاً في العام الذي يسبقه، بزيادة 72%.

فإن أضفنا الأرقام ونسب السوريين الذي يفرون إلى خارج أوروبا، بما فيها الصومال التي طلبت أخيراً "فيزا" للسوريين لتسمح لهم بدخول أراضيها، فهذا يعني أننا أمام كارثة هي الأخطر، إن اليوم أو في المستقبل.

وأما، إذا أخذنا في الاعتبار ذلك التغيير الديمغرافي الممنهج الذي يحضر له نظام الأسد، بالتعاون مع الاحتلال الإيراني، لتمليك الغرباء، والذي يتجلى بوضوح من خلال منع سكان مدينة حمص القديمة من السكن في منازلهم وترميمها بأعذار أمنية، طبعاً بعد إحراق مديريات السجلات العقارية وضياع ثبوتيات الملكية، أو ما يعانيه سكان بعض الأحياء الدمشقية من تضييق وملاحقات لتهجيرهم وإحلال الغرباء مكانهم، فوقتها قد يكتمل مشهد ما يحضر لسورية في المستقبل القريب.

خلاصة القول: ليس من مكان للبحث الآن في قبول أوروبا وسواها طلبات لجوء السوريين وتقاعسهم عن حل أصل مشكلة هروب الشباب، بعد أن حولوا وبعض "أصدقاء الشعب السوري" الثورة إلى حالة إنسانية، ولكن، ومن منطلق "لا بد مما ليس منه بد"، ستنتهي الحرب السورية يوماً وإن طال الزمن، وسيسقط النظام القاتل مهما بلغ التعامي والتأييد وإعادة الإنتاج الدولي له، ولكن من سيكون في سورية وقتذاك، وما هي نسب السوريين، إن لم نقل التوزيع الطائفي، وما هي نسب الأيتام وغير المتعلمين؟


اقرأ أيضاً:
الأسد يشعل حرب التجويع لكسر الثورة

المساهمون