أزمة شفافية تُربك مساعي أرامكو لاقتراض 70 مليار دولار

أزمة شفافية تُربك مساعي أرامكو لاقتراض 70 مليار دولار لإتمام صفقة استحواذ

03 سبتمبر 2018
"أرامكو" قد تستخدم ميزانية "سابك" لإتمام الصفقة (فرانس برس)
+ الخط -
كشفت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، اليوم الإثنين، أن شركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو" تسعى إلى الاستحواذ على 70% من "الشركة السعودية للصناعات الأساسية" (سابك)، مشيرة إلى أن من بين خيارات تمويل الصفقة اقتراض 70 مليار دولار عبر طرح سندات دولية، إلا أن هذا الإجراء يُلزم "أرامكو" بإجرءات تتعلق بالشفافية، وهو ما يُربك مساعيها لإتمام الصفقة.
التقرير كتبه خافيير بلاس تحت عنوان "أرامكو قادرة في صفقة سابك على ممارسة لعبة: البرابرة عند البوابة"، مستوحياً ذلك من كتاب صدر عام 1989 استناداً إلى مجموعة مقالات نشرها كتّاب صحيفة "وول ستريت جورنال"، ثم ما لبث أن تحوّل إلى فيلم سينمائي عام 1993، ويتناول قصة سقوط شركة "RJR Nabisco" التي كانت تكتّلاً مختصّاً ببيع التبغ والمواد الغذائية، في إطار أكبر عملية استحواذ مدعوم بالقروض (leveraged buyout) مسجلة تاريخياً حتى عام 1988.

يشير التقرير إلى أن "أرامكو" قد تشتري 70% في عملاق البتروكيميائيات السعودي، مع لحظ إمكان استخدام ميزانية "سابك" الخالية من الديون لتمويل هذه الصفقة.


يستهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن السعودية ليست المكان الأول الذي قد يبحث فيه المستثمرون عن صفقات اندماج واستحواذ منظّمة بغرابة، لكن في الوقت الذي تسعى فيه "أرامكو" إلى إنجاز أكبر صفقة على الإطلاق في المملكة، بإمكانها استخدام خيار استعمله للمرة الأولى مستثمرون في "وول ستريت" قبل 3 عقود، وهو اللجوء إلى استحواذ عملاق مدعوم بالقروض.

تخطط "أرامكو" لشراء حصة استراتيجية تصل قيمتها إلى 70 مليار دولار في شركة "سابك". ويمكن، بحسب التقرير، لـ"أرامكو" أن تموّل الاستحواذ بالطريقة التقليدية عبر استغلال مستثمري السندات والحصول على قروض مصرفية، وفقاً لأشخاص مطّلعين على هذا الملف.

لكن المشكلة تكمن، ودائماً بحسب "بلومبيرغ"، في أن إصدار سندات عالمية بقيمة ضخمة يتطلب من "أرامكو" أن تكشف عن نتائجها المالية بالتفصيل للمرة الأولى في تاريخها.

في السياق، يكشف التقرير أن ثمة جدلاً كبيراً دائراً حول ما إذا كان سيتم فتح سجلات "أرامكو" أمام التدقيق الخارجي، مشيراً إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان تحدث سابقاً عن منافع الانفتاح ودفَع باتجاه طرح عام أولي للشركة، وهي خطة تم تعليقها بتحرّك من الملك سلمان، كما كشفت "بلومبيرغ" في تقرير سابق، في حين استمرت صفقة "سابك"، فيما يُفضل مسؤولون آخرون في الحكومة وفي "أرامكو" نفسها الحفاظ على سرية الأمور.
ويعتقد كاتب التقرير أن "أرامكو" قد يغريها خيار بديل تستخدم فيه استحواذا مدعوما بقروض على أساس الأسهم الخاصة، لتضمن بذلك بقاء دفاترها طيّ الكتمان. ويكون ذلك باستخدام ميزانية شركة "سابك" للمساعدة في دفع قيمة الصفقة. إذ إن منتجة الكيميائيات خالية عملياً من الديون، وبالتالي لديها القدرة على تحميل الديون وأن تدفع لـ"أرامكو" وغيرها من المساهمين أرباحاً خاصة كبيرة.

رئيس بحوث قطاع الكيميائيات في مصرف "إتش.إس.بي.سي"، سريهارشا بابو، قال في مذكرة موجهة إلى عملاء البنك، إن "من الممكن، نظرياً، لأرامكو تمويل شراء الحصص عبر استحواذ مدعوم بقروض".

وقد يتم ذلك عبر وضع "أرامكو" ديناً يصل إلى 40 مليار دولار على ميزانية "سابك" المالية، وأن تدفع لنفسها أرباحاً خاصة بالمبلغ ذاته، يُغطي جزءاً كبيراً من السعر، إلا أن "أرامكو" رفضت التعليق على هذا الخيار.

وقد ذاع صيت اللجوء إلى عمليات الاستحواذ المدعومة بقروض أواخر ثمانينيات القرن العشرين، لا سيما بعد منافسة حادة خيضت من أجل السيطرة على شركة "RJR Nabisco Inc" والتي تم تأريخها في كتاب "Barbarians at the Gate".

وإذا مضت الصفقة قُدُماً كعملية شراء تقليدية، يضيف التقرير، فإنه يمكن لـ"أرامكو" أن تقوم بأكبر إصدار لسندات شركات (غير سيادية) على الإطلاق في ميزانيتها العمومية، تتخطى قيمته عتبة 49 مليار دولار التي نفذتها شركة "فيريزون كوميونيكايشنز" عام 2013 لشراء حصة في شركة "فيريزون وايرلس" المنافسة، حسبما نقلت "بلومبيرغ" عن مصادر طلبت عدم ذكر اسمها في إطار مناقشة مسائل داخلية.
ومع ذلك، يعتبر كاتب التقرير أن استخدام ميزانية "سابك" بدلاً من ميزانية "أرامكو" يبقى خياراً قابلاً للتطبيق.

في هذا الإطار، يشير التقرير إلى أن "سابك" خالية عملياً من الديون، وتتمتع بسيولة نقدية وما يوازيها بمقدار 17 مليار دولار مطابقة لديونها. ومع بلوغ أرباحها قبل حسم الفوائد والضرائب وقيمة التهالك، نحو 14 مليار دولار العام الماضي، يعتقد أنه بإمكان الشركة أن تدعم ديوناً صافية تناهز 35 مليار دولار.

و"سابك" مدرجة حالياً في السوق المالية السعودية، ويستحوذ صندوق الثروة السيادي على 70% من أسهمها، بينما الحصة المتبقية البالغة 30% هي في أيدي أقلية من المساهمين.
وبإمكان "أرامكو" أن تضخ في الصندوق السيادي بعض مليارات الدولارات التي كان الصندوق يأمل بجمعها من الطرح الأولي للاكتتاب العام لشركة النفط العملاقة. وفي المقابل، فإن الصفقة ستدعم مساعي "أرامكو" لتنويع أعمالها في مجال التكرير والكيميائيات، من أجل التحوّط من اعتمادها على إنتاج النفط.

إلا أن "أرامكو" لم تقرر بعد مقدار الحصة النهائية التي ستشتريها من الصندوق السيادي، ولم تتخذ بعد قرارا بكيفية تمويلها، وفقاً للتقرير، الذي ينقل عن شخص مطلع أن الشركة تقيّم حالياً جميع الخيارات، وربما يظل الخيار المفضل صفقة تقليدية تموّلها ميزانية شركة النفط وإصدار سندات لتمويل العملية.
وفي الوقت ذاته، يكشف التقرير أن "أرامكو" والصندوق السيادي يُجريان محادثات بشأن السعر، ويدور النقاش بينهما عمّا إذا كان على "أرامكو" أن تدفع بالأسعار الحالية، أو على أساس متوسّط ​​آخر شهر أو شهرين أو 3 أشهر أو حتى متوسّط سنة كاملة.

واستناداً إلى الفترة المُستخدمة لاحتساب السعر، قد يُفضي الأمر في النهاية إلى أن تدفع "أرامكو" مبلغاً يراوح بين 60 مليار دولار و70 ملياراً إذا اشترت كل الحصة التي يسيطر عليها صندوق الثروة السيادي.

المساهمون