أين قرض الصندوق؟

27 أكتوبر 2016
الرئيس المصري والمديرة العامة لصندوق النقد (الأناضول)
+ الخط -
هل تعثرت مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي الرامية لاقتراض 12 مليار دولار على 3 سنوات؟ وإذا كانت المفاوضات الجارية قد تعثرت، ولو مؤقتاً وهو الاحتمال الأقوى، فما هي نقاط الخلاف بين الطرفين؟ ولِمَ لَمْ تخرج الحكومة المصرية لتوضّح طبيعة الخلافات؟

ولماذا دخلت الولايات المتحدة على الخط فجأة حينما أعلنت على لسان اثنين من كبار مسؤوليها، هما وكيل وزارة الخزانة للشؤون الدولية، ناثان شيتس، وكبير مستشاري وزارة الخارجية، ديفيد ثرون، عن دعم أميركا المطلق لملف مصر أمام صندوق النقد الدولي والتأكيد على أن القرض بات ضروريا لمصر، بل وتأكيد المسؤولين الأميركيين أيضا على دعم مجموعة دول السبع الكبري للملف؟

الأسئلة السابقة لها ما يبررها، فمنذ أن نالت مصر الموافقة المبدئية على القرض في أغسطس الماضي، والجميع ينتظر قدوم الشريحة الأولى منه، ودعمت التوقعات تصريحات صادرة عن كبار المسؤولين في البلاد بقرب انعقاد مجلس إدارة الصندوق للموافقة على القرض، بل وحدد بعض مسؤولي وزارة المالية بداية أكتوبر موعداً للاجتماع الحاسم.

كما دعمتها تصريحات لمدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، مسعود أحمد، قال فيها إن إدارة الصندوق تسعى لعرض طلب القرض بنهاية شهر أكتوبر الجاري أو بداية شهر نوفمبر المقبل.

ومرّت الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، التي استضافتها واشنطن بداية شهر أكتوبر الجاري، دون النظر في الطلب المصري، ومر الشهر كاملا والكل يترقب موافقة الصندوق على الطلب المصري، إلى أن فوجئنا منذ أيام بخروج رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، بتصريح لافت يتوقع فيه وصول قرض الصندوق خلال شهرين، أي بنهاية ديسمبر القادم، وهو ما توقعه مسعود أحمد أيضاً.

ومساء اليوم الخميس قال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، إن برنامج قرض مصر من المنتظر أن يكون جاهزا لموافقة مجلس الصندوق عليه في الأسابيع القليلة القادمة، دون أن يحدد موعدا محدداً للموافقة.


ومع تأجيل بحث الصندوق ملف القرض المصري، عصفت الشائعات بسوق الصرف الأجنبي بالبلاد، وشهد سعر الدولار ارتفاعات قياسية لم يتوقعها حتى أشد المتشائمين حيث قارب حاجز الـ 17 جنيها، وهو ضعف سعره الرسمي المتداول في البنوك، وتركت الحكومة الحبل على الغارب لتجار العملة والمضاربين يعصفون بالعملة المحلية ومعها الأسعار حسب مصالحهم الضيقة.

كما ساد غموض شديد القطاعات الاقتصادية المختلفة خاصة قطاع الصناعة والاستثمار، وسيطر الشلل على قطاعات إنتاجية لدرجة أن أكبر شركة دخان في الشرق الأوسط يعمل بها 14 ألف عامل، هي شركة الشرقية للدخان، أعلنت أمس الأربعاء أن عدم توافر الدولار قد يدفعها لإيقاف إنتاجها.

السؤال: هل بات قرض الصندوق بعيد المنال في المستقبل القريب في ظل عدة معطيات أبرزها عدم وفاء الحكومة بكل ما تعهدت به أمام الصندوق، خاصة في الجزأين المتعلقين برفع أسعار الوقود مثل البنزين والسولار والغاز والمازوت وتخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وهل عدم نجاح الحكومة في الحصول على قروض ثنائية قيمتها 6 مليارات دولار كما يشترط الصندوق تدفع في هذا الاتجاه؟

وهل زيادة الفارق بين سعر الدولار في السوقين الرسمي والموازي ليصل لنحو 100% يمكن أن يتسبب في تأخر انتزاع موافقة الصندوق على القرض، خاصة وأن من بين شروط الصندوق القضاء على السوق السوداء للعملة؟

وهل الخلافات الحالية بين مصر والسعودية يمكن أن تدفع في هذا الاتجاه أيضا، خاصة وأنها رتبت أعباء جديدة على الميزانية المصرية، حيث يتم تخصيص 500 مليون دولار من احتياطي مصر من النقد الأجنبي لتمويل شراء وارداتها من المشتقات البترولية، علما بأن المملكة كانت توفر نحو نصف هذه الواردات وبما يعادل 700 ألف طن شهرياً؟

أسئلة قرض الصندوق لا زالت كثيرة، وبعضها لا يزال غامضاً، وكل السيناريوهات باتت مطروحة، لكن أظن أن تدخل الولايات المتحدة والدول السبع كافٍ لتمرير قرض صندوق النقد الدولي، خاصة وأن الحكومة المصرية استجابت لمعظم شروط صندوق النقد.

المساهمون