سورية.. بأي حال عدت يا رمضان

سورية.. بأي حال عدت يا رمضان

08 يونيو 2016
قوات الأسد تواصل قصف المدن وقتل السوريين(Getty)
+ الخط -

الحكاية لمن يهمه الأمر باختصار، تبلغ نسب البطالة بسورية أكثر من 80%، ونسبة الفقر نحو 85%، وقيمة خسائر حرب الأسد على الثورة 250 مليار دولار، وعدد النازحين والمهجرين نحو 10 ملايين، طبعاً مع الزيادة اليومية بعد عودة القصف لمدن حلب وإدلب والتحضير لبدء معركة الرقة.

وأجر السوري، أو بصيغة أدق، من تبقّى له أجر طبعاً، بعد فصل نظام الأسد كل مؤيد للثورة أو يقطن بمناطق ثائرة من العمل، نحو 30 ألف ليرة، أي أقل من 60 دولاراً، وأسواق يديرها تجار الحرب، فيصدّرون المنتجات لروسيا والعراق ويبقون ما يمكنهم من خلاله إتمام الفصل الختامي من إذلال السوريين، عبر رفع الأسعار واستيراد ما هو غير صالح للاستهلاك البشري.

في هذا الواقع المشفوع بتخل عربي وإقليمي ودولي، حلّ شهر رمضان المبارك.

بداية القول: ليس كما معاناة السوريين بشهر رمضان، بعد أن تحالفت كل الأطراف والظروف ضدهم، ليجمعوا بين التشرّد والجوع وفقدان الأمل، مشفوعة بعودة الأسد وحلفائه، ومع مطلع الشهر الفضيل، ليدكوا الأرض ومن عليها بحمم الحقد التي أكلت ما تبقى من إكسير بقاء، وحرقت الزرع ونشفت الضرع، على حسب أمثال عامة السوريين.

قصارى القول: كشفت دراسة حديثة نشرتها جمعية حماية المستهلك بدمشق، حول نسبة ارتفاع أسعار السلع والمواد التموينية بين رمضان عام 2015 ورمضان 2016، التي قفزت بنسب عالية تراوحت ما بين 50 لتصل إلى 460%.


وخرج إثر الدراسة، بعض من يهمه الأمر، داخل سورية وخارجها، لمؤازرة السوريين بالداخل المحتل والخارج المنّان، فأعلن اتحاد غرف التجارة السورية حملة "كلنا مستهلكون"، وتنطعت مؤسسات بقايا العهد البائد ممن تسمى مؤسسات التدخل الإيجابي لتعلن عن كسر الأسعار بنسب 30% عن الأسواق.

وتذكرت بعض المنظمات حاجة الإنسان للطعام والشراب والدواء، وبالسياق الرمضاني الترويجي، جاد بعض الأشقاء بسلع غذائية مدون عليها اسم المتبرع والدولة المانحة، وبعضهم الآخر بكتب لتثقيف اللاجئين وتذكيرهم ربما، بفضائل النزوح وثواب الجوع ومآثر الصابرين.

ولعل الجديد بشهر الصوم لهذا العام، تجلى بالعجز الدولي، حتى بإقناع نظام الأسد إدخال ما يمكن أن يقتات عليه السوريون المحاصرون ويسدون به بعض جوعهم، بعد صيام 15 ساعة دونما كهرباء ولا ماء، فقد استقبل نحو نصف مليون سوري شهر رمضان تحت وطأة الجوع والبؤس بواقع الحصار المفروض منذ سنوات.

نهاية القول: يحل الشهر الفضيل على السوريين وما زالت قوات الأسد والمليشيات المساندة تحاصر مدن مضايا، وجيرود، والرحيبة، والمعضمية، وداريا، والزبداني، ومدن الغوطة ومخيم اليرموك، والحجر الأسود، وحي التضامن، وبلدة كناكر، بريف العاصمة دمشق، وتمنع الطعام والدواء عن مدينتي تلبيسة والرستن، ومنطقة الحولة والوعر، بمدينة حمص وريفها، وتترك تنظيم الدولة (داعش) يحاصر مدينتي إدلب وحلب بالمشتقات النفطية ومدينة دير الزور بكل سبل البقاء على قيد الحياة.

وتشير أكثر الأرقام تساهلاً إلى أن 625 ألف سوري يعيشون تحت الحصار، لم يتمكن العالم المتحضر والمنظمات الدولية، ورغم قرارات مجلس الأمن، سوى من إيصال مساعدات إنسانية إلى 160 ألف مدني فقط في سورية خلال أيار/ مايو الماضي.

ثمة أوجاع وندب بالروح والنفس والذاكرة، لا يمكن للبلسمات المنقوصة أن تداويها، فما يعانيه السوريون فاق أي قدرة على التحمّل، كما لم يسجل ولو بعض بعضه التاريخ الإنساني الحديث، فأن يتركوا لأقدارهم ليواصلوا صوم سني ثورتهم بهذا الشهر الفضيل، فهذا ما سيزيدهم إصرارا على دفع فاتورة الهوان العربي والذل الدولي، علّ شهرهم الفضيل يكلل بعيد كم انتظروه.

المساهمون