ترجم شباب سوريون مغتربون في دول الخليج تعاطفهم مع سكان غوطة دمشق، بتأسيس مشروع "إخلاص" لإغاثة المحاصرين، ويأتي ذلك في الوقت الذي تكتفي فيه المنظمات الإغاثية الدولية بالقلق لما يجري من حصار وجرائم لقوات بشار الأسد في حق اللاجئين منذ أكثر من عامين، دون أن تقدم لهم مساعدات إنسانية كافية بحجة خطورة الأوضاع.
وفي هذا الإطار، تقول الناشطة إيناس عوض، لـ "العربي الجديد"، إن فكرة المشروع بدأت عبر مجموعة من مغتربي مدينة التل "ريف دمشق" الذين يعملون في عدد من دول الخليج، بعد مشاهدة فيديو يصور توزيع الشوربة في بعض المدن التركية على اللاجئين ويسمى المشروع "بيت الشوربة"، فأخذ الشباب الفكرة وبدأوا بالبحث عن طريقة لتنفيذها في أكثر المناطق التي تعاني من نقص المواد الغذائية، فكانت البداية توزيع شوربة على المحاصرين داخل مدن وقرى غوطة دمشق عن طريق عربات جائلة يقودها متطوعون، ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى توزيع وجبات ساخنة يومياً.
وتتابع عوض العاملة في القسم الإعلامي لتجمع إخلاص، تدارسنا الأمر وتكاليف المشروع واتفقنا على أن نقوم بإعداد وجبة ساخنة يومياً للأسر المحاصرة، نوزعها بشكل دوري بدلاً من
السلال الغذائية التي لم تكن تكفي العائلة لأسبوع، وتصل المساعدات حالياً إلى أكثر من 110 عائلات في "جوبر وحمورية" من قبل مطبخ مجهز يعتمد تمويله على المتبرعين من أهل الخير، ولا يدعمنا أي جهة أو تيار سياسي.
وتعاني مدن الغوطة الشرقية بريف دمشق من حصار خانق أطبقه النظام السوري عليهم منذ أكثر من عامين، دفع السكان لأكل الأعشاب والحيوانات والقوارض، في ظل نقص وغلاء فاحش لأسعار السلع، وبحسب المكتب الإعلامي الموحّد في مدينة عربين، بالغوطة الشرقية، فقد وصل سعر كيلو طحين الشعير إلى ألف ليرة، والفول إلى 3000 ليرة.
وحسب رئيس تجمع إخلاص عصام الأغبر، دفعت الأوضاع في المدينة المحاصرة إلى أن يفكر تجمع شباب "إخلاص" في طرق تسعف السوريين المحاصرين وتقدم لهم الطعام، في واقع غلاء الأسعار وتخلي العالم عن السوريين.
اقرأ أيضاً: تعامل خجول للمعارضة السورية مع قضية إعادة الإعمار
ويقول رئيس التجمع لـ "العربي الجديد"، لقد رصدنا، عند بدء تنفيذ المشروع، تمويلاً لثلاثة أشهر، ولكن بعد البدء وتوزيع الطعام، تواصل معنا بعض المجموعات الإغاثية الأخرى بهدف الدعم، حتى نستطيع توزيع الطعام إلى أكبر عدد من المحتاجين والمحاصرين، مضيفاً "أنه كثيراً ما ينقص الطعام عن حاجات السكان المتزايدة بسبب الحصار، لأننا ملتزمون بالأسماء المسجلة لدينا أولاً".
ويضيف الأغبر "نحن مجموعة من الشباب السوري المغترب، في الخليج العربي ودول أوروبا، اتفقنا على دفع اشتراكات شهرية لتقديم الطعام لمدن الغوطة بنحو 25 ألف ريال سعودي (6.8 آلاف دولار)، كما قمنا بأعمال أخرى بمدن أخرى كتأمين المياه لأهالي حلب المحاصرين، ولدينا قوائم بأسماء الأسر الفقيرة والفاقدة لمعيلها منذ كنا نوزع السلال الغذائية، سهلت علينا تنفيذ المشروع الجديد".
ويتابع "بدأنا بمشروع الطبخ بعد التنسيق مع شباب الداخل، وإمكانية ترجمة الفكرة التي رأيناها
على فيديو تركي "بيت الشوربة "، وبدأنا عبر الطبخات المعروفة والشعبية "برغل ببندورة، كبسة، أرز، وغيرها" لتوزع على 50 عائلة في مدينة جوبر و50 عائلة في حمورية ولمدة عشرة أيام خلال الشهر".
وحول أجور العاملين بالطهي وكلفة الوجبات، أكد الأغبر أن معظم المتعاونين في الداخل "الغوطة" رفضوا تقاضي أي أجر لقاء شراء السلع والطبخ والتوزيع، ويقول "بعضهم يأخذ حاجته من المساعدات حتى يستطيع الاستمرار في تقديم الخدمة، إلا أن معظمهم يعمل بشكل تطوعي؛ وهم في تزايد مستمر، خاصة بعد زيادة أيام الطهي لنحو 20 يوماً بكلفة للوجبة اليومية بين 900 -1500 ريال سعودي.
ويؤكد الأغبر أن ثمة صعوبات نعانيها، ونخشى أن تؤثر على استمرار المشروع أو عدم كفاية التمويل، وصعوبة إدخال المواد لمدن الغوطة والغلاء الفاحش للمواد الأولية في ريف دمشق؛ بسبب سياسة التجويع التي يفرضها النظام.
ويضيف أن هذه العقبات تهدّد بعدم استمرار المشروع الذي نأمل أن يلاقي مزيداً من الدعم والتمويل، لنوسع أنشطتنا حتى نقوم بتغطية المزيد من الأسر الفقيرة والمحتاجة إلى حين فك الحصار عن أهلنا، وإسقاط من يرى في تجويع الناس استمرارا لانتصاراته.
اقرأ أيضاً: إعادة إعمار سورية.. تمدد إيراني ودعاية لنظام الأسد