الكويتيون تحت التقشف والانتقادات تلاحق صندوق النقد

الكويتيون تحت التقشف والانتقادات تلاحق صندوق النقد

20 أكتوبر 2016
توقعات بارتفاع أسعار السلع والخدمات الحيوية (فرانس برس)
+ الخط -
بعد قرارات الحكومة الكويتية التقشفية، والتي شملت زيادة أسعار الوقود، ورفع الدعم عن بعض السلع والخدمات، والتوجه لخصخصة بعض مرافق الدولة الرئيسية لسد العجز المرتقب في الميزانية الحكومية السنوية، وجه اقتصاديون ومواطنون أصابع الاتهام إلى صندوق النقد الدولي وسياساته، التي تشجع الحكومة على هذه الإجراءات.
وتصاعد تخوف المواطنين وغضبهم من سياسات الصندوق، بعد جولة توصيات جديدة تقضي برفع الدعم عن الدقيق والمواد التموينية واحتمال إلغاء علاوة "بدل غلاء المعيشة" من راتب كل مواطن كويتي والتي تبلغ 120 ديناراً (400 دولار تقريباً) بسبب تصاعد تكلفة بند الرواتب في الميزانية العامة للدولة.
وكان صندوق النقد الدولي قد أيد الخطوة الكويتية المتمثلة برفع الدعم عن الوقود، والتمهيد لرفع الدعم عن كافة السلع الأساسية، بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية وتراجع الإيرادات بنسبة 41%.
ويقول المراقبون الاقتصاديون بالبلاد إن صندوق النقد الدولي لا يفقه كثيراً في واقع الكويت الاقتصادي والاجتماعي و" ما ينتج عن رفع الدعم من خطر يهدد بنية الدولة نفسها ويضرها سياسياً واقتصادياً على المدى البعيد".
ويشرح الخبير الاقتصادي، زياد أحمد البغدادي، لـ "العربي الجديد ": "أعتقد أن صندوق النقد الدولي سقط سقطة كبيرة في ما يخص الشعب الكويتي. يفترض أن يكون لهذه المؤسسات العالمية دور إيجابي في تحسين الأوضاع الاقتصادية للأفراد والشعوب، لكن أعتقد أنه في الحالة الكويتية اختار الصندوق أن يكون سوطاً يُجلد به الشعب على يد الحكومة اقتصادياً".
ويضيف: "تقييم صندوق النقد للحالة الاقتصادية الكويتية من ناحية الميزانية والمصروفات والإيرادات كان محدوداً جداً، ولا يحاكي الواقع نهائياً، باعتبار أن الثروة الحقيقية للكويت هي النفط. وهي ثروة وطنية ليس للدولة أي شأن فيها باستثناء أنها ترعى مصالح الشعب من خلالها. فهي مؤتمنة عليها وليست مالكة لها بل هي مجرد موظفة لدى الشعب".
ويعتبر أن "الصندوق الدولي قيًم المصروفات في الميزانية الحكومية بشكل منفصل عن الواقع تماماً. فمثلاً عندما تحدث عن رفع أسعار الوقود، لم يأخذ في الحسبان أن الاستغناء عن السيارة في الكويت غير ممكن كون درجة الحرارة تصل في فصل الصيف إلى 50 درجة مئوية، بالإضافة إلى ضعف حاد في خدمات المواصلات العامة، وعدم توافر البدائل المناسبة. كذلك الأمر بالنسبة للكهرباء والماء فإن رفع الدعم عنهما سينتج عنه ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والمنتجات الأساسية للحياة".
وشرح البغدادي أن "صندوق النقد الدولي اعتمد في توصياته برفع الدعم على تقارير الميزانية الكويتية، التي تقول إن النفط هو مصدر دخل الدولة الوحيد، وهذا أمر غير صحيح تماماً ومخالف للمنطق والعقل ومبادئ الاقتصاد، إذ إن الحكومة لديها مصادر دخل أخرى قد تفوق دخل النفط وهي استثمارات صندوقها السيادي، الذي تبلغ أرباحه مليارات الدولارات، بالإضافة إلى "صندوق الأجيال القادمة" الذي يحرم الأخذ منه والأخذ من أرباحه وفق القانون. كذلك المشتقات النفطية التي تبيعها مؤسسة البترول الوطنية وهي شركة تابعة للحكومة، وكل هذا غير مدرج في الميزانية".
ويقول: "كان من المفترض على صندوق النقد الدولي قبل أن يضع توصياته غير المنطقية أن يعرف أن هناك أراضي تمتلكها الدولة وتؤجرها للتجار بأسعار بخسة جداً لا تساوي 1% من قيمتها المفترضة".
ويضيف: "هذه الإجراءات ستسحق الطبقة الوسطى التي لطالما تميز بها الاقتصاد الكويتي وتفاخر بها على العديد من الدول، إذ إنه لا توجد فائدة من إفقار طبقة كاملة من الشعب على المدى البعيد في سبيل توفير بضعة ملايين في الميزانية على المدى القريب".
بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، سلطان العجمي، لـ "العربي الجديد"، إن "صندوق النقد الدولي يحشر أنفه في أمور لا يفقه فيها تماماً فهو يضع التوصيات بناءً على جولة خبرائه لمدة يومين في الكويت، وهذا أمر غير معقول تماماً. كما أن الحكومة تستخدمه كحجة أمام الشعب لرفع الأسعار".
ويضيف أن "كل شيء يذكره صندوق النقد أو المستشارون الذين تستعين بهم الحكومة خاطئ، فرفع سعر الوقود سيزيد من مدخول الميزانية لكنه يرفع من التضخم بشكل أكبر مما يتصوره الصندوق الدولي. الأخير لا يعرف كيفية سيرورة الاقتصاد وحركة نقل المنتجات داخل البلد، بل إن الكثير من خبرائه لا يعرفون موضع الكويت على الخريطة".
ويسأل العجمي: ما الفائدة من رفع التصنيف الائتماني والسيادي للبلد إذا كانت النتيجة النهائية هي إفقار الطبقة الوسطى ومحوها من الوجود وخصخصة القطاعات المهمة، وعلى رأسها الصحة والتعليم والنفط كما يوصي صندوق النقد؟"،
فيما يقول عبد السلام العتيبي، وهو رب أسرة، لـ "العربي الجديد": "لست خبيراً في الاقتصاد لكنني أشعر بأني متضرر من كافة المنظمات الاقتصادية العالمية، التي تحرّض الحكومة على اتخاذ سياسات تقشفية.. قرأت قبل مدة أن أرباح الصندوق السيادي الكويتي تصل إلى 20 مليار دولار، أليس من الأولى أن يخصص جزء منها لدعم السلع الأساسية؟".

المساهمون