لماذا يصرخ لاعبو التنس خلال المباريات؟

لماذا يصرخ لاعبو التنس خلال المباريات؟

14 اغسطس 2018
لاعبة التنس الروسية ماريا شارابوفا (Getty)
+ الخط -
تعتبر رياضة التنس من الألعاب الشعبية التي تحظى بمتابعة شريحة واسعة في عالم الرياضة، وفي ظل استمرار وجود النجوم الذين أدهشوا محبي تلك اللعبة على مر السنين، اجتذبت اللعبة المشجعين بشكل أكبر؛ كما يمتلك كل لاعب تنس طريقة خاصة يعيش بها أجواء المباريات التي يخوضها، فالبعض يعيش تلك الأجواء في صمت، والبعض الآخر لا يتردد في التفاعل مع كل ضربة أمامية أو خلفية خاصة عبر "الصراخ".

وقد يتساءل البعض حول الأسباب التي تدفع لاعبي ولاعبات التنس إلى الصراخ كتقليد بات ينتشر بقوة لدى اللاعبات أكثر منه لدى اللاعبين الرجال، فالنساء أكثر نشاطًا من الرجال في الصراخ حتى أصبح أمرا لا يكاد يغيب عن ميادين التنس. ولكن، لماذا يحتاج البعض إلى 
إطلاق مثل هذه الصرخات؟ وما هو تفسيرها العلمي؟

لماذا يصرخون؟

عندما تشتد المنافسة مع الخصوم في مباريات التنس يصبح من الصعب على اللاعبات التحكم في صراخهن، فتتعالى أصواتهن بين الفينة والأخرى لتبلغ ذروتها إما عند الاصطدام بالكرة أو الاستعداد لضربات الإرسال، لأنهن يعتبرنها فرض هيمنة على خصومهن، وكسباً للثقة.

وفي الحقيقة، يمكن تقديم عدة أسباب لصيحات لاعبي التنس، فبالنسبة للبعض هي ببساطة للتخفيف من الضغط عن طريق إطالة أمد الحركة، أما بالنسبة للآخرين فهي طريقة لإظهار سيطرة المرء وفرض قوانينه الخاصة وتحكمه بمجريات اللعبة، لذلك أصبح الصراخ ذا أهمية بالغة بالنسبة لمحترفي التنس وهو ما أكدته المستشارة الرياضية والنفسية لدى اللجنة الأولمبية لويز إليس في حديثها إلى صحيفة "التلغراف" البريطانية عندما قالت: "الأمر تكامل فيزيولوجي يرفع من الثبات والقوة كما يساعد على الاسترخاء والتخلص من التوتر أثناء المباراة والإحساس في اللاوعي من الاقتراب من تحقيق الفوز على الخصم".

وأظهرت دراسة كندية نقلها موقع نادي التنس الفرنسي "تي سي ويستهاوس"، أن الصراخ يزيد من زمن رد فعل الخصم بنحو 33 "ميلي ثانية"، قد تبدو مدة قصيرة إلا أن عواقبها وخيمة خاصة عندما يجد الخصم نفسه محرومًا من الوقت الكافي للتفكير في رد فعله ومن المرجح أن يتخذ قرارًا سيئًا، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للصراخ أن يشتت انتباه الخصم ويزعجه ويجعله يركز على الأصوات بدلاً من لعبه، وقد يجد نفسه عاجزا في بعض الأحيان عن صد ضربات الكرة.

وتساعد الصيحات التحفيزية القوية محترفي التنس على زيادة قوة وسرعة تسديد الكرة، إذ أشار العلماء بجامعة "نبراسكا" الأميركية في أبحاثهم إلى أن سرعة الكرة في ضربة الإرسال تكون أعلى بنسبة 3.8 بالمائة مقارنة بضربة لاعب لم يعتد على إطلاق الصيحات التحفيزية.

وعلى طريقة الفنون القتالية، يطلق الصراخ عادة عند تسديد أي ضربة وهي طريقة لإطلاق كل الطاقة المخزنة لدى اللاعب حتى تكون التسديدة أقوى وأنجع، لذلك في رياضة التنس يعمل 
المدربون على تلقين اللاعبين الصغار والشبان، إطلاق تنفس قوي عند تسديد الضربات أو الإرسال وهذا ما يدفع باللاعبين للارتخاء لكي يتمكنوا فيما بعد من تسديد إرسال ناجح، لأن التنفس بطريقة قوية يؤدي بصفة طبيعية إلى الصراخ وهو ما أكدته مدربة لاعبة التنس المحترفة شرون هيرت التي أوضحت أن الصراخ أو التأوه ليس سلوكاً مصطنعاً من قبل اللاعبات بل هو سلوك منذ الصغر مرتبط بأي لاعبة محترفة وهو أيضا سلوك لطرد الأفكار التي قد تشتت انتباهها.

ومن المتعارف عليه أيضاً أن الصراخ لا يقتصر على لاعبات التنس فقط، بل أظهرت عدة مباريات أن اثنين من أشهر اللاعبين وهما المصنف أول عالمياً في كرة المضرب الإسباني رافائيل نادال، والمصنف الثاني عالمياً روجيه فيدرير، يدفعان مع كل إرسال يقومان به أثناء لقاءاتهما في بطولات التنس، كل الطاقة المخزنة لديهما، من خلال التنفس القوي الذي ينتج من الصراخ والصيحات التي نسمعها، إذ شبه العديد من المختصين في التحليل الرياضي الأصوات الصادرة عن لاعبي التنس، بصرخات الحيوانات لشدة قوتها.

وكما أثبتت الدراسات المختصة في عالم التنس، أن الأصوات التي يصدرها لاعبو التنس من صراخ وآهات، قد تكون عامل مساعدة كبيرة لهم، لتشتيت انتباه خصومهم وإزعاجهم، والتنفيس عن غضبهم في حال تراجعهم بنتائج اللقاءات، ولكن إن لم تحدث الصرخة بشكل طبيعي ومدروس، فمن الممكن أن تفقده التركيز في البطولات التي يلعبونها، لذلك ينصح المختصون محترفي التنس بعدم المبالغة في الصراخ والتركيز على اللعب فقط.

أشهر من الأصوات في ملاعب التنس

وتعتبر لاعبة التنس الأميركية مونيكا سيليش أول لاعبة في العالم ممن أطلقن الصراخ أثناء 
مباريات التنس وكان ذلك في التسعينيات، ومنذ ذلك الحين أصبح الصراخ أو التأوه تقليداً تتبعه أغلب لاعبات التنس الشابات والصغيرات من معجبات اللاعبة سيليش، إذ تعد اللاعبة الأميركية فينوس ويليامز التي صرحت خلال فعاليات دورة رولان غاروس سنة 2005 بأنها ومنذ كانت في سن العاشرة من عمرها تقلد سيليش، بطريقة صراخها داخل ملاعب التنس.

وانضمت نجمات كثيرات في عالم كرة التنس إلى مدرسة الأميركية مونيكا سيليش في الصراخ أثناء مبارياتهن مع منافستهن، على غرار البيلاروسية فيكتوريا أزارينكا، والإيطالية سارة إيراني، والأختين الأميركيتين ويليامز، بالإضافة إلى المصنفة الأولى عالمياً سابقاً الروسية ماريا شارابوفا.

وتمتلك النجمة الروسية ماريا شارابوفا، البالغة من العمر واحداً وثلاثين عاماً، رقماً قياسياً في الصراخ أثناء المباريات التي تلعبها، حين أطلقت صيحة بلغت 101.2 داسيبال في بطولة ويمبلدون المفتوحة للتنس في عام 2005، إذ شببها المختصون في رياضة التنس بصوت قطار يدخل المحطة.

ولم تكن اللاعبة الروسية ماريا شارابوفا هي الوحيدة التي تمتلك صرخة قوية، خاصة أن اللاعبة البرتغالية ميشيل لارشر البالغة من العمر خمسة وعشرين عاماً، والمصنفة الثالثة عالمياً سابقاً، تمتلك هي الأخرى صرخة قوية، تحاول من خلالها تشتيت انتباه منافساتها في البطولات العالمية التي تخوضها.

المساهمون