وسائل أميركية نشرت مقالات لشخصية إيرانية وهمية

وسائل أميركية نشرت مقالات لشخصية إيرانية وهمية: من هو حشمت علاوي؟

10 يونيو 2019
حساب حشمت علاوي قبل تعليقه (تويتر)
+ الخط -
وقعت وسائل إعلام أميركية، بينها "فوربس" و"ذا هيل" ومواقع يمينية بالإضافة إلى موقع "العربية" الإنكليزي، في فخّ نشر مقالات بروباغندا ضدّ إيران كتبتها شخصيّة وهميّة لها حسابات على الإنترنت باسم حشمت علاوي، وتديرها منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة من ألبانيا، بحسب ما كشف موقع "ذا إنترسبت".

أثار هذا الكشف، ليل أمس الأحد، بلبلة واسعة في الأوساط الصحافية الأميركية، خصوصاً بعد كشف صحافيين إيرانيين معارضين أنّ الناشط كان يتّهمهم بالترويج لبروباغندا النظام في إيران. وحلّت الصدمة على الصحافيين الأميركيين، والذين أشاروا إلى الفخّ باعتباره سابقة غير مقبولة قد تكون بدايةً لكشف الكثير من البروباغندا والأخبار الكاذبة نتيجة عدم التدقيق في المصادر.

ولاحقاً، علّق "تويتر" حساب حشمت علاوي.


وكتب الصحافي في "ذا إنترسبت"، مرتضى حسين، في مقاله الذي كشف الخدعة: "في عام 2018، كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى للتخلي عن الصفقة النووية التاريخية التي وقعها سلفه مع إيران في عام 2015، وكان يبحث عن سبل لكسب صحافة مشكّكة. ادعى البيت الأبيض أن الصفقة النووية سمحت لإيران بزيادة ميزانيتها العسكرية. طلب مراسلا (واشنطن بوست) سلفادور ريزو وميغ كيلي مصدراً. ردًا على ذلك، أرسل لهما البيت الأبيض مقالاً نُشر في مجلة فوربس من قبل كاتب يدعى حشمت علاوي".

وأضاف "يقول علاوي في إحدى المقالات التي نشرتها له (فوربس) إنّه يتم تمويل ميزانية إيران الحالية إلى حد كبير من خلال النفط، والضرائب، وزيادة السندات، والقضاء على المساعدات النقدية أو الإعانات للإيرانيين"، وهو مقال أرسله البيت الأبيض لريزو وكيلي. وقد استخدم البيت الأبيض مقال علاوي، الذي هو نفسه يستمد جزئياً من مصادر إيرانية لتبرير قراره بإنهاء الاتفاقية". وتابع "لكن يبدو أنّ حشمت علاوي شخص غير موجود، بل هو عملية دعائية تديرها منظمة مجاهدي خلق المعارضة".



ونقل "ذا إنترسبت" عن المنشقّ "رفيع المستوى" من مجاهدي خلق، حسن حيراني، قوله إنّه على علم مباشر بالعملية، مضيفاً "حشمت علاوي شخصية يديرها فريق من الناس من الجناح السياسي لحركة مجاهدي خلق. يكتبون كل ما يوجههم إليه قادتهم ويستخدمون هذا الاسم لوضع مقالات في الصحافة. هذا ليس ولم يكن أبدا شخصا حقيقيا".

وقال حيراني إنّ الشخص المزيف كان يديره فريق من عملاء مجاهدي خلق في ألبانيا، حيث تمتلك المجموعة إحدى قواعدها، وتقوم بنشر رسالتها عبر الإنترنت. رواية حيراني كررتها أيضاً سارة زاهري، وهي باحثة اللغة الفارسية التي تركز على مجاهدي خلق. وقالت زاهري التي لديها مصادر بين مسؤولي الأمن السيبراني في الحكومة الإيرانية، إنّ علاوي معروف داخل إيران بأنه "حساب جماعي" يديره فريق من أعضاء مجاهدي خلق، وأن علاوي نفسه غير موجود.


قام علاوي الذي تعرّفه سيرة حياته على موقع "فوربس" بأنّه "ناشط إيراني لديه شغف بالمساواة في الحقوق"، بنشر العديد من المقالات حول إيران على مدار السنوات القليلة الماضية في "ذا هيل"، "ذا ديلي كولر"، "ذا فيدريلاست" وموقع قناة "العربية" السعودية الإنكليزي، ومواقع أخرى.

ويبدو أن المقالات المنشورة تحت اسم علاوي، بالإضافة إلى حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، كانت بمثابة نعمة لمنظمة "مجاهدي خلق" المشهورة بنشر الدعاية المتطورة والتي كثّفت خلال العقد الماضي تركيزها على جماهير اللغة الإنكليزية، تحديداً في دول مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمملكة المتحدة، أي الدول التي تُعدّ سياساتها الخارجية نقاطا مهمة في الهدف المركزي لجماعة مجاهدي خلق المتمثلة في الإطاحة بالنظام الإيراني.



ويدير شخصيّة علاوي ثلاثة أعضاء من "مجاهدي خلق". وقدّم حيراني الذي ساعد في وقت سابق على تنسيق عمليات المنظمة عبر الإنترنت، لـ"ذا إنترسبت" أسماء وصور الثلاثة الذين كانوا مسؤولين عن كتابة مقالات وتغريدات باللغة الإنكليزية باسم حشمت علاوي، موضحاً أنّهم كانوا أصدقاءه.

وأوضح حيراني أن قيادة مجاهدي خلق لا تنظر بلطف إلى المتحدثين باللغة الإنكليزية الذين يكتبون باسمهم. وقال إن أعضاء الرتب والملفات لا يشجعون على امتلاك ملفات شخصية عامة بارزة، مضيفاً "لا يسمح زعيم المنظمة لأي شخص باستخدام اسمه الحقيقي، لأن القائد هو الرجل الأول في المنظمة، ويجب أن يكون كل شيء تحت ظله".

وتقوم منظمة "مجاهدي خلق" بتنظيم حملات إعلامية على الإنترنت باستخدام جيش من الروبوتات لإغراق المناقشات عبر الإنترنت حول إيران من منظور المجموعة. وقال حيراني إن أحد أهداف فريق مجاهدي خلق الذي يدير حساب حشمت علاوي هو نشر مقالات تحت اسمه في الصحافة الأميركية.

تميل مقالات علاوي إلى خلط الإدانات للحكومة الإيرانية بمقترحات غير خفية بإمكانية استبدالها بجماعة مجاهدي خلق وزعيمتها مريم رجوي. ويبدو أن المجموعة حققت نجاحًا كبيرًا مع علاوي، خاصة في "فوربس".



بحسب "إنترسبت"، لم تتمكّن المنافذ التي نشر فيها علاوي مقالاته على مدار السنوات القليلة الماضية من تأكيد أنّهم تحدثوا معه أو قابلوه. ولم يُدفع له مقابل كتاباته في "فوربس" و"دايلي كولر" أو "ذا دبلومات"، بحسب متحدثين باسم هذه الوسائل.

وعلى الرغم من أنّ علاوي كان ينشر مقالاته عن إيران في وسائل إعلامية ذات ميول يمينية، إلا أنّ الناشر لمقالاته الأكثر انتشاراً هي مجلة "فوربس". بين إبريل/نيسان 2017 وإبريل 2018، نشر علاوي 61 مقالاً في "فوربس".

يشتمل حساب "تويتر" الذي تم إنشاؤه تحت اسم علاوي في عام 2014 على أكثر من 30.000 متابع، بما في ذلك عدد من الصحافيين وموظفي مراكز الأبحاث المحافظين المقيمين في واشنطن. يشارك الحساب في كثير من الأحيان في المقالات والوسوم التي تمدح رجوي ويشارك في لقطات من الاحتجاجات والمناسبات التي أقامتها منظمة مجاهدي خلق.


ويبدو أن علاوي قد كسب بعض عمليات الشراء في دوائر اليمين في واشنطن. فبالإضافة إلى مقالاته العديدة التي نشرتها مجلة فوربس ومواقع أخرى، يبدو أنه يدير مدونة تسمى "تعليقات إيرانية"، والتي تصف مهمتها بأنها تركز على "القضايا المتعلقة بإيران والشرق الأوسط". وتم الاستشهاد بأحد تقاريرها أخيرًا كمصدر في مقال نشر في "واشنطن فري بيكون"، وهو موقع للمحافظين الجدد يأخذ وجهة نظر متشددة بشأن إيران.

تتخذ مجموعة الأعمال المنشورة تحت اسم علاوي خطاً متشدداً ضدّ الحكومة الإيرانية والرئيس حسن روحاني. كما مزجت مقالات علاوي الانتقادات الموجهة إلى إيران والسياسة الأميركية مع النصرة العلنية لمجاهدي خلق. استخدمت مقالاته في دايلي كولر، ذا هيل، ومنافذ أخرى، رغم أنها أقل عددا من مساهماته في مجلة فوربس، مزيجا مشابها من الدعاية ضد النظام الإيراني ومديح مجاهدي خلق. على الرغم من أن جماعة مجاهدي خلق معروفة على نطاق واسع بأنّها غير مرغوبة بين الإيرانيين، إلا أن علاوي وصف المجموعة بأنها "جماعة المعارضة الإيرانية الرئيسية" في مقال نشرته صحيفة "دايلي كولر" عام 2017.

وقال "ذا دبلومات"، وهو موقع السياسة الخارجية الذي نشر حفنة من مقالات علاوي في عام 2017، إنه تلقى مسودات من حساب جيميل، أرسل علاوي عبره عشرات المقالات، رغم أنه لم يتم قبول سوى عدد قليل منها. وقال مصدر من الموقع لـ"ذا إنترسبت" طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ "ذا دبلومات" توقف عن قبول المقالات من علاوي بعدما ارتأى أن مقالاته لا تفي بمعايير النشر.

وأخبرت صحيفة "دايلي كولر" "ذا إنترسبت" بأنّها توقفت عن نشر مقالات علاوي بسبب المخاوف بشأن جودة مقالاته. فيما لم تستجب "ذا هيل" و"العربية الإنكليزي" و"الفيدرالي" لطلبات التعليق.

وقال متحدث باسم "فوربس" في بيان لـ"ذا إنترسبت": ""لقد أنهينا علاقتنا مع حشمت علاوي في أوائل عام 2018. يوقع جميع المساهمين في موقع فوربس على عقد يتطلب منهم الكشف عن أي تضارب محتمل في المصالح. إذا اكتشفنا أن أحد المساهمين انتهك هذه الشروط، فنحن نحقق في القضية بشكل كامل وننهي علاقتنا إذا كان ذلك مناسبا".








المساهمون