شركات التكنولوجيا تتحدى ترامب: لا قاعدة بيانات للمسلمين

19 ديسمبر 2016
تحدث ترامب مراراً عن مشروع مراقبة المسلمين (صامويل كوروم/الأناضول)
+ الخط -
لا أحد يُريد أن يخضع لطلبات الرئيس الأميركي المنتخَب، دونالد ترامب. بعد شهر من انتخابه، ودعاية مبنيّة على بثّ الكراهية والإسلاموفوبيا، وصمت مستغرب عن الموضوع، اتّخذت الشركات التكنولوجيّة الكبرى قرارها: لا قاعدة بيانات للمسلمين.
فقد أكّدت شركات "غوغل" و"آبل" و"أوبر" بالإضافة إلى "مايكروسوفت" وIBM و"فيسبوك" رفضها إنشاء قاعدة بيانات للمسلمين، إثر دعوة ترامب لذلك في الانتخابات الرئاسيّة.
وقال ترامب حينها لشبكة "إن بي سي" إثر سؤاله عن إنشاء قاعدة بيانات إجبارية لتتبع المسلمين في الولايات المتحدة: "سأطبّق ذلك بالتأكيد"، معتبراً أنّ تسجيل المسلمين سيتم في أماكن مختلفة، مضيفاً "الأمر كله يتعلق بالإدارة".
وعلى الرغم من تراجع ترامب عن تصريحاته ضد المسلمين، وحذفها من الموقع الإلكتروني الخاصّ به (ثم إعادتها)، إلا أنّ أحد أعضاء فريق ترامب أشار إلى خططٍ لـ"التدقيق الشديد" ومساءلة المسلمين.
ووقّع مئات العاملين في وادي السليكون وخارجه تعهدًا على neveragain.tech برفضهم العمل على بناء سجل ديني.

وقال متحدث باسم مجموعة "مايكروسوفت"، بعد يوم من لقاء ترامب بشركات تكنولوجية كبرى، لموقع "باز فيد" الأميركي: "كُنّا واضحين حول مبادئنا. نعارض التمييز ولا يُمكن أن نقوم بعمل يهدف إلى بناء قاعدة بيانات للمسلمين الأميركيين".
وقال أحد المتحدثين باسم شركة IBM: "شركتنا لا يمكن أن تعمل على هذا المشروع المفترض". وأضاف، بحسب صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانيّة: "شركتنا لديها قيم منذ فترة طويلة وسجلّ حافل في مناهضة التمييز ضد أي شخص على أساس العرق أو الجنس أو التوجه الجنسي أو الدين. هذا المنظور لم ولن يتغيّر".
هذه التعليقات جاءت بعد تصريحات من "آبل" و"غوغل" و"أوبر" تؤكد رفضها المشروع أيضاً. ونقل موقع "باز فيد" عن المتحدث باسم شركة آبل قوله "نعتقد أنه يجب معاملة كل الناس بطريقة متساوية، بغض النظر عن معتقداتهم ودياناتهم، لم يُطلب منا ذلك، وسنعارض مثل هذه الأمور". وأصدر المتحدث باسم "غوغل" بياناً قال فيه: "في ما يتعلق بإنشاء سجل للمسلمين، نودّ أن نوضح أنه لم يطلب منا ذلك، وبطبيعة الحال لن نفعل ذلك". كما ردّت "أوبر" على استفسار "باز فيد" بشأن نفس القضية بعبارة "لا".
من جهتها، أكّدت "فيسبوك" أنّه لن يساعد في بناء قاعدة بيانات للمسلمين، ولا أية مجموعة أخرى، مشيرةً في تصريح لموقع "ذا فيرج" التقني إلى أنّ ذلك لم يُطلب منها. وأضاف المتحدث "لم يطلب ذلك منّا أحد، وبالطبع لن نفعله".
وكان متحدث باسم "فيسبوك" قد وصف مشروع ترامب خلال الانتخابات بـ"حجة رجل القش" (straw man argument) المُصمّمة لتُهزم، في بريد إلكتروني أُرسل عن طريق الخطأ إلى مراسل لموقع "باز فيد". والبريد الذي كان الغرض إرساله إلى زميل في "فيسبوك"، قال أيضاً إنّ أفضل عمل يمكن اتخاذه هو تجاهل الاستعلام عن قاعدة بيانات المسلمين.
لكنّ البريد الإلكتروني شدّد الضغوط على "فيسبوك" للإعلان رسمياً أنّها لا يمُكن أن تساعد في بناء هذه القاعدة. كما هدّد بعض المستخدمين بإقفال حساباتهم على "فيسبوك" إن بقيت الشركة صامتة.
كُلّ هذا يأتي بعد شهر من تحقيق أجراه موقع "ذي إنترسبت" الأميركي، عبر تواصله مع تسع شركات تكنولوجيّة عالميّة، لسؤالها عن الموضوع، وكانت المفاجأة بعدم تعليق أيّ من الشركات بالرفض أو القبول، ما عدا شركة "تويتر" التي نفت بشكلٍ قاطع قيامها بالتعاون مع إدارة ترامب لمثل هذا المشروع.
وكانت "مايكروسوفت" قد قالت حينها "لن نتحدث عن مشاريع افتراضية في الوقت الحالي". ورفضت شركة الاستشارات الأميركية "بوز ألين هاميلتون" الإجابة على السؤال، كما حال شركات IBM وأبل وغوغل وفيسبوك وشركتي خدمات تكنولوجيا المعلومات والاستشارات الأميركية "إس آر أي إنترناشيوناتل" والكندية "سي جي آي غروب".
وقال "ذي إنترسبت" إنه سعى إلى الحصول على إجابات من تلك الشركات على مدى أسبوعين، من دون فائدة، ما استدعى إعراب موقع "فورتشن" عن استغرابه الشديد من الأمر حينها، خصوصاً بسبب المعركة القضائيّة التي خاضتها "آبل" مع مكتب الاتحاد الفدرالي FBI، بعد رفض الشركة فكّ شيفرات هاتف "أيفون" الخاص بمرتكب جريمة سان برناندينو.


هذا النفي والأخذ والردّ كلّه، يأتي بعد لقاء ترامب، الأربعاء الماضي، برؤساء ومسؤولين في شركات تكنولوجية كبرى، في اجتماع ضمّ أبناءه وفريقه في نيويورك.
وحضر الاجتماع الرئيس التنفيذي لشركة "آبل" تيم كوك، والرئيس التنفيذي لشركة "ألفابيت" لاري بيج، والرئيسة التنفيذية للعمليات في شركة "فيسبوك" شيريل ساندبرغ، والرئيس التنفيذي لشركة "مايكروسوفت" ساتيا ناديلا، والرئيس التنفيذي لشركة "إنتل" براين كرزانيش، ومؤسس "أمازون" ومالك صحيفة "واشنطن بوست" والمستثمر في "بيزنس إنسايدر" جيف بيزوس، بالإضافة إلى الرئيس التنفيذي لشركة "سيسكو" تشاك روبنز، والرئيسة التنفيذية المشتركة لشركة "أوراكل" صفرا كاتز، والرئيس التنفيذي لشركة "آي بي إم" جيني روميتي، وهو من فريق ترامب أيضاً.
وخلال الاجتماع، انتقد ترامب عدداً من الشركات، وكان بينها "آبل" بسبب سياسات فكّ الشيفرات والتصنيع الأجنبي، بالإضافة إلى "أمازون" بسبب العلاقة العدائيّة بين ترامب وصحيفة "واشنطن بوست".
وطلب ترامب أيضاً من الشركات "الاتصال به" في حال مواجهتها أية مشاكل، و"الاستمرار في الابتكارات الكبيرة".
وتم تغييب الرئيس التنفيذي لـ"تويتر"، جاك دورسي، الذي استخدم ترامب منصّته لكسب مؤيدين ونشر تصريحاته وانتقاداته.
وبحسب ما قالت مجلة "بوليتيكو" الأميركية حينها، فإنّ هذا الغياب يعود إلى خلاف بين ترامب وموقع "تويتر" على إتمام صفقة حول رسمين تعبيريين (إيموجي) مدفوعين لترامب على المنصة خلال الانتخابات الأميركيّة، وهو ما غرّد بشأنه مدير الإعلان الرقمي لحملة الرئيس المنتخب الشهر الماضي.
لكنّ المتحدث باسم فريق ترامب الانتقالي نفى الخبر، مشيراً في حديث مع وكالة "رويترز"، إلى أنّ "تويتر ليس كبيراً بما فيه الكفاية كي تتم دعوته إلى اجتماع كهذا".





المساهمون