محكمة شعبية تقاضي سورية وسريلانكا والمكسيك في قضايا قتل صحافيين

محكمة شعبية تقاضي سورية وسريلانكا والمكسيك لتحقيق العدالة في قضايا قتل صحافيين

02 نوفمبر 2021
العراق في صدارة الدول حيث لم يُكشف عن مرتكبي جرائم قتل الصحافيين (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

يشهد العنف ضد الصحافيين تزايداً في مختلف أنحاء العالم، إذ قُتل أكثر من 1400 صحافي منذ عام 1992، فيما يبقى القتلة أحراراً طلقاء في 8 من كل 10 جرائم قتلٍ للصحافيين. ومن شأن هذا المستوى المرتفع دائماً للإفلات من العقاب أن يعمل على إدامة دورة العنف ضد الصحافيين، مما يشكل تهديداً لحرية التعبير.

وبمناسبة "اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين"، ستنطلق اليوم رسمياً محكمة شعبية تقاضي الحكومات لتحقيق العدالة في قضايا قتل الصحافيين، في لاهاي، مدتها 6 أشهر، بقيادة منظمة "صحافة حرة بلا حدود" و"مراسلون بلا حدود" و"لجنة حماية الصحافيين".

والغاية من المحاكم الشعبية مساءلة الدول عن انتهاكات القانون الدولي، عبر العمل على تشكيل الوعي العام، وإعداد سجل قانوني بالأدلة، وأداء دور مهم على صعيد تمكين الضحايا وتسجيل قصصهم. وستُحاكِم هذه المحكمة حكومات سريلانكا والمكسيك وسورية، لإخفاقها في إعمال العدالة في جرائم قتل لاسانثا ويكراماتونغا، وميغيل أنخل لوبيز فيلاسكو، ونبيل شربجي.

ستُحاكِم هذه المحكمة حكومات سريلانكا والمكسيك وسورية، لإخفاقها في إعمال العدالة في جرائم قتل لاسانثا ويكراماتونغا، وميغيل أنخل لوبيز فيلاسكو، ونبيل شربجي

اعتقل النظام السوري نبيل شربجي في 16 مارس/آذار 2011، وأفرج عنه بعد 17 يوماً، لكنه عاود اعتقاله يوم 26 فبراير/شباط 2012 من نقطة تفتيش تابعة للاستخبارات الجوية في حي الثورة، في داريا. وفي 27 ديسمبر/كانون الأول 2016، تلقت عائلة الصحافي السوري شربجي أنباء تتحدث عن مقتله تحت التعذيب منذ الثالث من مايو/أيار 2015، وفقاً لبيان أصدرته "رابطة الصحافيين السوريين" حينها.

وسيترأس محامي حقوق الإنسان البارز ألمودينا برنابيو فريق الادعاء في الجلسة الافتتاحية للمحكمة. وستلقي البارونة هيلينا كينيدي الكلمة الافتتاحية للجلسة، وهي محامية بمرتبة مستشارة الملكة وعضوة فريق الخبراء القانونيين الرفيع المستوى المعني بحرية الإعلام.

ومن أبرز الشهود الذين سيدلون بشهاداتهم: الصحافية الفيليبينية ماريا ريسّا التي حصلت على جائزة نوبل للسلام أخيراً، والأكاديمية خديجة جنكيز خطيبة الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل عام 2018، والصحافي ماثيو كاراوانا غاليزيا، وهو نجل الصحافية المالطية دافني كاروانا غاليزيا التي قُتلت عام 2017، والصحافية الاستقصائية بافلا هولوكوفا، وهي زميلة الصحافي السلوفاكي يان كوتشياك الذي قُتل عام 2018.

وفي بيان سابق، قال المدير التنفيذي لـ"لجنة حماية الصحافيين" جويل سيمون إن "المحكمة تؤدي دوراَ مهماً على صعيد إنصاف هؤلاء الصحافيين الشجعان، كما أنها تمنح أفراد عائلاتهم وزملاءهم فرصة ليوصلوا أصواتهم ويشاركوا الآخرين قصصهم الخاصة، وليتحدثوا عن الأثر الذي تركته هذه الجرائم الوحشية".

وأشار الأمين العام لمنظمة "مراسلون بلا حدود" كريستوف ديلوار إلى أن "هذه المبادرة لا تقف عند مجرد تسمية السلطات التي تسمح بمثل هذا المستوى المفزع من الإفلات من العقاب وفضحها، بل تتخطى ذلك إلى ضرب مثال مادي ملموس ومفيد لما يتوجب على القضاء القيام به".

وشدد ممثل الادعاء في المحكمة الشعبية الخاصة بجرائم قتل الصحافيين ألمودينا برنابيو على أن "حرية التعبير حق أساسي من حقوق الإنسان. ومع ذلك، فإن وتيرة الانتهاكات الخطيرة المرتكبة ضد الصحافيين وما يصاحبها من مستويات عالية وشائعة للإفلات من العقاب تقرع ناقوس الخطر. حان الوقت لمساءلة الدول عن ذلك".

في السياق نفسه، أفادت "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" (يونسكو)، في بيان لها، بأن الحدث الرئيسي للاحتفال بـ"اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين" 2021 عبارة عن مناقشة طاولة مستديرة رفيعة المستوى مختلطة الشكل، في "معهد سيراكوزا الدولي للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان" في إيطاليا.

73% من الصحافيات قلن إنهن تعرضن للترهيب والتهديد والإهانة عبر الإنترنت، في ما يتعلق بعملهن

وأشارت إلى أن الحدث اليوم سيوفر منصة للحوار بين المدعين العامين والصحافيين حول تدابير الوقاية والحماية لمعالجة سلامة الصحافيين، وسيسلط الضوء على الدور الفعال لأجهزة النيابة العامة في التحقيق والملاحقة ليس فقط في جرائم القتل، ولكن أيضاً التهديدات بالعنف ضد الصحافيين.

ولفتت المنظمة الأممية إلى أنه بينما يعدّ القتل أكثر أشكال الرقابة على وسائل الإعلام تطرفاً، فإن الصحافيين يتعرضون أيضاً لتهديدات لا حصر لها، تتراوح بين الاختطاف والتعذيب والاعتداءات الجسدية الأخرى والمضايقات، لا سيما في المجال الرقمي.

وتتأثر الصحافيات بشكل خاص بالتهديدات والاعتداءات، لا سيما تلك التي تتم عبر الإنترنت. في استطلاع أجرته "يونسكو" خلال العام الحالي، قالت 73 في المائة من الصحافيات اللواتي شملهن الاستطلاع إنهن تعرضن للترهيب والتهديد والإهانة عبر الإنترنت، في ما يتعلق بعملهن.

لم يخضع أحد للمحاسبة في 81% من جرائم القتل التي استهدفت الصحافيين خلال السنوات العشر الماضية، وعددها 278

يذكر أن المؤشر العالمي للإفلات من العقاب لعام 2021 الذي أصدرته "لجنة حماية الصحافيين"، الأسبوع الماضي، أفاد بأن أحداً لم يخضع للمحاسبة في 81 في المائة من جرائم القتل التي استهدفت الصحافيين خلال السنوات العشر الماضية، وعددها 278.

ووجد المؤشر أن الصومال "ظل أسوأ بلد" من حيث جرائم قتل الصحافيين التي لم يُكشف عن مرتكبيها. وتبِعَت الصومال سورية والعراق وجنوب السودان، على التوالي، واحتلت هذه البلدان أسوأ أربع مرتبات على القائمة، حيث أدت النزاعات، والاضطرابات السياسية، وضعف الآليات القضائية إلى إدامة حلقة العنف ضد الصحافيين.

وتغطي آخر بيانات اللجنة الفترة ما بين 1 سبتمبر/أيلول 2011 حتى 31 أغسطس/آب 2021، إلا أنها لا تعكس على نحو كامل الخطر المتزايد الذي يواجهه الصحافيون في أفغانستان التي احتلت المرتبة الخامسة، وهي المرتبة نفسها التي احتلتها في السنتين السابقتين. وبينما لم تتغير مرتبة البلد على المؤشر، إلا أن الوضع على الأرض تدهور بسرعة للمراسلين الصحافيين خلال العام الحالي، بعد سيطرة حركة "طالبان" على البلاد، في أغسطس/آب الماضي.

وأشارت "لجنة حماية الصحافيين" إلى أن مئات الصحافيين فروا من أفغانستان، "بسبب خشيتهم من السجل الوحشي لحركة (طالبان) في مجال حرية الصحافة، وما قد يعنيه حكم هذه الحركة بالنسبة لأمن الصحافيين".

وأكدت أن تحقيق العدالة للصحافيين الـ17 الذين قتلوا في أفغانستان، في فترة المؤشر الممتدة 10 سنوات، "أمراً صعب المنال أصلاً"، وأن "إفلات الجناة من العقاب قد يصبح راسخاً بقدر رسوخه في الصومال والبلدان الأخرى التي تتصدر المؤشر".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

كما أصدر الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيرا جوروفا، بياناً مشتركاً الاثنين، أشارا فيه إلى "استمرار إسكات أصوات العديد من الصحافيين المستقلين في أنحاء العالم كافة، بما في ذلك في الاتحاد الأوروبي". وأكدا أنهما "لن يقفا مكتوفي الأيدي، وسيسعيان لحماية الصحافيين أينما كانوا (...)"، مشددين على أنه "لا ديمقراطية من دون حرية وتعددية الإعلام. الهجوم على وسائل الإعلام هو هجوم على الديمقراطية".

تظل أوروبا القارة الأكثر ملاءمةً لحرية الصحافة على الصعيد العالمي، رغم أنها شهدت زيادة في معدلات العنف ضد الصحافيين. عام 2020، تعرض 908 صحافيين وعاملين في وسائل الإعلام للهجوم في 23 دولة عضوة في الاتحاد الأوروبي. وكان 175 صحافياً وعاملاً في مجال الإعلام ضحايا لاعتداءات أو حوادث خلال الاحتجاجات في دول الاتحاد الأوروبي.

 

المساهمون