كنيسة البازيليك... جسر جديد يهدّد المعلم التاريخي

كنيسة البازيليك... جسر جديد يهدّد المعلم التاريخي

05 فبراير 2021
قطع أشجار معمرة وحفريات في منطقة هليوبوليس (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -

أثار قرار الحكومة المصرية بإنشاء جسر (كوبري) جديد يمر بكنيسة تاريخية، في مصر الجديدة، قلق المهتمين بالتراث وسكان المنطقة الذين رأوا في المشروع تشويهاً لطابعها التاريخي.

يراوح طول الجسر الجديد المزمع إقامته ما بين 2 و3 كيلومترات، ويبدأ من "ميدان الإسماعيلية"، مروراً بـ"ميدان صلاح الدين" و"كنيسة البازيليك" و"شارع الأهرام"، وصولاً إلى "نادي هليوبوليس".

ووصفت "مبادرة تراث مصر الجديدة" خطة إنشاء الجسر بـ"الكارثية". وقالت المبادرة، في بيان، إنه "من المؤكد أن هناك حلولاً أخرى كثيرة غير الكوبري"، موضحة أن المترو أزيل من "شارع صلاح الدين"، ما وفر مساحة خالية يمكن استغلالها عبر منع ركن السيارات وإنشاء كراجات تحت الأرض، وهو مقترح قدمته منذ عام 2013. كما اقترحت منع مواقف الميكروباصات العشوائية، وغلق المحال المخالفة التي تسبب الازدحام.

"مبادرة تراث مصر الجديد": هل أصبح الهدف تنفيذ عدد معين من الكباري في السنة لتحقيق حاجة معينة لا نفهمها كسكان؟"

ولفتت "مبادرة تراث مصر الجديدة" إلى أنه بإنشاء الجسر "سينتهي المنظر الجمالي لأعظم منطقة تراثية في مصر الجديدة، وكل البنايات في (صلاح الدين) سيغطيها الكوبري"، مضيفة أن "الحفر في جوار بنايات قديمة، مثل بنايات (صلاح الدين)، مرعب جداً، والخوف الآن من تكرار تجربة الزمالك وانهيار إحدى البنايات".

وشددت المبادرة على أن المشروع "سيقتل الشارع والحدائق كلها الموجودة"، وهو "كابوس لسكان مصر الجديدة". وتساءلت في بيانها "هل فعلا هناك أي احتياج لكوبري هنا، أم أن الهدف أصبح تنفيذ عدد معين من الكباري في السنة لتحقيق حاجة معينة لا نفهمها كسكان؟".

وقال الناشط السياسي والمهندس المصري المعروف ممدوح حمزة إن "الكباري والطرق المفتوحة وإلغاء الحدائق وإعدام الأشجار تشويه متعمد للقاهرة بعقلية مريضة مشوهة، وإن السكوت هو استسلام لضياع القاهرة والمدن الكبرى بل ومصر". وأضاف عبر "فيسبوك": "لم يعد الكلام يكفي. كيف سنقاوم غباء وخيانة التخطيط في إزالة الحدائق والأشجار وزرع الكباري وما تحتها؟ إما أن نكون شعباً له إرادة أو نكون عبيداً يساقون بالعصا من أجانب يفرضون خطة إزالة وطن". وأكد أن "الكباري ليست الهدف، الهدف هو رغبة مريضة في تشويه القاهرة. الكباري هي وسيلة التشويه وفي الوقت نفسه أرباح هائلة حرام في بطن المقاولين المقربين".

الناشط والمهندس المصري ممدوح حمزة: الكباري ليست الهدف، الهدف هو رغبة مريضة في تشويه القاهرة. 

وقال عضو مجلس النواب ووكيل لجنة الإسكان في البرلمان المصري، المهندس طارق شكري، إنه بدأ، منذ الأربعاء، اتصالاته مع "المسؤولين في الجهات والمستويات المختلفة والمختصين بإنشاء مشروع الكوبري الجديد في المنطقة الأثرية في مصر الجديدة، بعد اعتراض ورفض أهالي المنطقة". وأشار شكري في تصريحات إعلامية، إلى أن "الكباري والمحاور المرورية تسهل حركة المرور، لكن دائماً القرار في تقديري الشخصي هو توازن بين الاحتياج الحقيقي لبناء كوبري جديد في المنطقة الأثرية ومدى الاختناق المروري الذي ينتج عنه انزعاج قاطني هذه المنطقة وتغيير شكلها".

وأضاف: "موقفي هو التضامن الكامل مع مطالب سكان مصر الجديدة وقاطني (صلاح الدين) و(شارع الأهرام) بعدم الاقتناع بمشروع الكوبري، ولا بد من الحفاظ على هذه المنطقة التراثية والتاريخية الفريدة من نوعها". ولفت إلى أن "المنطقة من (شارع الميرغني) حتى (كنيسة البازيليك) طورت منذ أقل من سنة ولا تعاني من أي اختناقات ولا مبرر لهدم كل ما طُوّر، ولا بد من المحافظة والاستجابة لرغبات قاطني المنطقة الأثرية في مصر الجديدة". وأضاف: "أنا مهندس ورؤيتي أن مشروع الكوبري لو وضع في ميزان تحقيق الفائدة المرجوة أمام الضرر المحقق فهو ليس في الصالح العام".

طارق شكري:  مشروع الكوبري لو وضع في ميزان تحقيق الفائدة المرجوة أمام الضرر المحقق فهو ليس في الصالح العام

وكشف عضو مجلس النواب عن دائرة مصر الجديدة ومدينة نصر عمرو السنباطي أنه تقدم بطلب رسمي إلى مسؤولي المحافظة للاستفسار عن مخطط بناء الكوبري. وقال في بيان: "كوني من أبناء مصر الجديدة، أعلم تماماً مدى أهمية هذا المكان أثرياً وجمالياً وتاريخياً وما يمثله لأهلي من سكان مصر الجديدة". وأضاف "أود التأكيد على وجهة نظري الواضحة في هذا الشأن، وتتمثل في أن مرور الكوبري في منطقة أثرية قرب (كنيسة البازيليك) يمثل ضرراً حضارياً كبيراً على المنطقة".

و"كنيسة البازيليك" أو "كنيسة البارون" أو "كاتدرائية العذراء مريم" المشتركة في مصر الجديدة، هي كنيسة كاثوليكية أنشأها البارون إدوارد إمبان قرب قصره في حي مصر الجديدة الذي أسسه، ويعتقد أنه ربط بينهما عبر نفق خاص. وبناء على طلب من البارون إمبان، تقرر بناء الكنيسة لتتماشى مع قصره من ماله الخاص وبعيداً عن شركة "واحات مصر الجديدة" في ذلك الوقت. 

صمّم وبنى الكنيسة المعماري الفرنسي أليكساندر مارسيل عام 1910

صمّم وبنى الكنيسة المعماري الفرنسي أليكساندر مارسيل عام 1910، ووضعت رسوماتها على الطراز المعماري البيزنطي، وتعتبر صورة مصغرة عن كاتدرائية آيا صوفيا في إسطنبول. أقيمت مراسم وضع حجر الأساس عام 1911، بحضور ملكة بلجيكا وبعض الأساقفة والأمراء والأميرات والسفراء الأجانب، وداخل حجر الأساس وضعت الحجة وبعض العملات المصرية والأجنبية. وبحلول عام 1913، اكتملت أعمال البناء وتدشين الكنيسة وتكريسها على اسم مريم العذراء.

وكلمة "بازيليك" من أصل يوناني، معناها "ملكي الحكمة"، وكانت تطلق عند اليونان على القصور الملكية، وكان مبنى "البازيليك" مركزاً للعدالة أو الحكمة. لاحقاً شيدت الكنائس في أوروبا بالشكل نفسه، فكانت تسمى "بازيليك"، أما في الوقت الحاضر فلا تطلق إلا على الكنائس التي لها أهمية كبرى، مثل "بازيليكا القديس بطرس" في الفاتيكان ومدن أخرى.

دلالات

المساهمون