"صالون زهرة": حلة جديدة متناقضة مع الجزء الأول

"صالون زهرة": حلة جديدة متناقضة مع الجزء الأول

20 نوفمبر 2022
حكاية مغلقة لا تملك أي قابلية للتطوير (تويتر)
+ الخط -

لم يكن الجزء الأول من "صالون زهرة" جيداً بما فيه الكفاية، ولكن كانت له بنية درامية واضحة، وظفها جو بو عيد برؤية بصرية جمالية، ليتمكن من حصد نجاح معقول. لكن هذا النجاح كان من المفترض أن يقف عند ذلك الحد، لأن حكاية المسلسل، التي بدت تائهة في الصورة البصرية المتناغمة مع الموسيقى التصويرية الجميلة التي ألفها مايك ماسي، مغلقة لا تملك أي قابلية للتطوير، ولا تشكل بنية صلبة يمكن أن يُبنى عليها خط درامي جديد، ولا سيما أن الشخصيات الرئيسية في المسلسل، لم تكن سوى أنماط بسيطة، أغلبها يعتمد على لازمة لغوية واحدة، ولا تملك تفاصيل غنية يمكن أن تجذب الجمهور إذا ما ألقي عليها الضوء من زاوية مختلفة. ويمكن الإشارة هنا إلى لوحة البارودي التي قدمها عماد فراجين في "وطن على وتر" رمضان الماضي عن مسلسل "صالون زهرة"، وتمكن فيها من اختزال الشخصيات الأساسية بتفاصيل صغيرة، بينت ضحول أفق المسلسل وعبثية استمراره.

كان بديهياً أن تكون الحلقات الأولى في الجزء الثاني من "صالون زهرة" بالشكل الذي شاهدناه، أي تعتمد على بناء لازمة لغوية جديدة لكل شخصية، لتوحي أنها تطورت وبدأت طوراً جديداً من رحلتها الدرامية، من دون إمكانية العثور على أي منطق يربط بين النتيجة الحالية وما شاهدناه في الجزء الأول. هذه التعديلات جاءت كنتيجة حتمية لمحاولة بناء فصل جديد على أنقاض النهاية السعيدة التي كان لا بد من ضعضعتها لإيجاد ثغرات تستكمل من خلالها الحكاية. ولأن ذلك لم يكن كافياً، فقد أُحدثت بعض التعديلات على فضاء الحارة التي تدور فيها أحداث المسلسل، والأدوار التي تلعبها الشخصيات الرئيسية فيها، لتفتتح "زهرة" (نادين نسيب نجيم)، في الحلقة الأولى، صالون حلاقة رجالية إلى جانب صالونها النسائي، ويتحول "أنس" (معتصم النهار) من منجّد إلى صاحب مقهى شعبي. كل ذلك في سبيل زرع بذور درامية تعتمد على تطوير العلاقة بين الشخصيتين بعد الزواج، من خلال خلق مناخات أكثر ملاءمةً لمشاعر الغيرة التي تعكس تأجج المشاعر.

سينما ودراما
التحديثات الحية

في المقابل، فإن بعض التعديلات التي طرأت على البيئة الدرامية تبدو وكأنها لا تتعلق بالآلية الضعيفة المتبعة لتهيئة المناخ لتطوير الحكاية، بل بانسحاب بعض الشخصيات من المسلسل التي خلّفت وراءها فراغاً. حاول صنّاع المسلسل أن يستثمروا ذلك ليعيدوا خلط الأوراق، لكن من دون فائدة، لتنشأ علاقة غريبة بين "عبد الله" (مجدي مشموشي) و"هنادي" (كارول عبود)، بعد انسحاب طوني عيسى الذي كان يمثل شخصية زوجها "يوسف". ويحل عبد الرحمن قويدري مكان علي سكر، ويستعير منه لازمته رغم أنه يؤدي شخصية مختلفة.

تحاول هذه الشخصيات سد الفراغات التي أحدثتها الغيابات. وأما الحدث الأساسي الذي تمحور حوله المسلسل في الجزء الأول، أي حكاية النقود المخبأة في أحد كراسي صالون زهرة، فقد أُوجد لها معادل درامي أيضاً، بالروسية المختطفة والمحتجزة داخل الصالون، والتي تجعله مجدداً المكان الذي تتمحور الحكاية حوله.

قد تكون الورقة الوحيدة الرابحة في الجزء الجديد من "صالون زهرة" هي الاعتماد على إقحام عائلة "أنس" في أحداث المسلسل، ليس بسبب جودة هذا الخط من الحكاية، بل بسبب جودة الممثلات اللواتي يلعبن الأدوار ويستطعن تقديم ملامح لحكاية تفتقد لكل شيء، ولا نقصد بذلك وفاء موصللي التي تؤدي شخصية كوميدية رديئة كعادتها، والتي لا تختلف عن باقي الشخصيات الثانوية الضعيفة في المسلسل، وإنما نقصد سامية الجزائري وهدى الشعراوي اللتين ترفعان من سوية أي مشهد تشاركان فيه، وتخلقان الإثارة والضحك في الهوامش الصغيرة التي تُمنح لهما. لكن هل تتمكنان وحدهما من جعل المسلسل قابلاً للمتابعة؟

المساهمون