دونالد ترامب... الرجل الذي قد يصبح أفلاماً

دونالد ترامب... الرجل الذي قد يصبح أفلاماً

14 نوفمبر 2020
يمثّل مظهر ترامب مادة دسمة للرسامين والكوميديين (وِن ماكنامي/Getty)
+ الخط -

من المحتمل جداً أن يكون دونالد ترامب وفترة وجوده العجائبية في البيت الأبيض محوراً للأعمال الدرامية والوثائقية بصورة ما، فالرجل ترك بقعة كبيرة في ثوب السياسة الأميركية، لن تمحى من الذاكرة.

لقد كان له، بحكم موقعه وتصريحاته، تأثير سلبي كبير على كثير من الشعوب والأفراد من أنصار حقوق الإنسان والعدالة. في المقابل، كان له تأثير إيجابي جداً على الديكتاتوريات التي كان يفضلها، ويعلن عن إعجابه بأموال أصحابها، وأحذيتهم أحياناً!
تصلح السيرة الترامبية للعديد من المعالجات ذات الطابع المأساوي التي تسببت فيها تصريحاته الهوجاء وتغريداته الطائشة وأفكاره العنصرية، كما تصلح كذلك لمعالجات كوميدية ساخرة سوداء. فهو الرجل البرتقالي الذي يمكن تخيّله في أية صورة هزلية؛ شخص سكران في حضانة أطفال، ومتعهد مباريات أهوج في حلبة مصارعة، ومتحدث يتفوه بعبارات منفلتة لا تليق برجل مثله، وكومبارس يطمح إلى أن يسكن البيت الأبيض.
ترامب ظهر بالفعل في العديد من الأفلام السينمائية قبل أن يكون رئيساً لأميركا في غفلة من الزمن، وفي ظروف غريبة، وظهر أثناء رئاسته أيضاً في عددٍ من الوثائقيات، وقد نال بالفعل جائزة سينمائية في 2018 حين فاز بجائزة أسوأ ممثل ضمن جوائز "رازي" الساخرة (نقيض الأوسكار)، وذلك عن ظهوره بشخصيته الحقيقية في الفيلمين الوثائقيين "موت أمة" للمخرج المحافظ دينيش دسوزا، و"فهرنهايت 11/‏9" للمخرج الليبرالي مايكل مور.

فهرنهايت 11/9
"ما الذي أدى إلى ترامب؟ وكيف نستطيع تغييره؟". كان هذا هو الهم الشاغل لمايكل مور الذي أصيب مع ملايين الأميركيين بغم شديد وإحباط في 2016 بسبب نتيجة الانتخابات الرئاسية. ترامب بالنسبة لمور ليس مجرد شخص، ولكنه حالة من السقوط التي لا يحب أن تكون عليها أميركا؛ لذا عمل الفيلم على إظهار فساد المنظومة الحاكمة في البلاد، هذا الفساد الذي أدى إلى وصول هذا الشخص إلى البيت الأبيض.
ناقش الفيلم مجموعة من القضايا المهمة مثل قوانين الأسلحة التي تزيد من أحداث القتل الجماعي، مشيراً إلى حصول حملة ترامب الانتخابية على تبرع من "الجمعية القومية للبنادق" بمبلغ ثلاثين مليون دولار، وعلى علاقة ترامب بابنته إيفانكا، وعلى أزمة الإعلام مع ترامب، وعلى العنصرية ومعاداة المسلمين وتفرقة أطفال اللاجئين عن أهلهم، والتحرش بالنساء من إعلاميين وسياسيين مشهورين، وعلى نظام المجمع الانتخابي الذي يختار الرئيس، بغض النظر عمّن حصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين.
كما يتطرق الفيلم إلى تمهيدات الوصول لمرحلة ترامب، من بينها النهج الرأسمالي للحزب الجمهوري، وتأثر بيل كلينتون بذلك النهج أثناء رئاسته، ومساندة الشركات على حساب الفقراء، كما تحدث عن أوباما واضطهاده للذين يبلغون عن فساد في مؤسسة ما، وغيرها من القضايا والسياسات غير الأخلاقية التي أدت إلى ظهور ترامب!
أفلام وثائقية أخرى ظهر فيها ترامب، مثل: "المنظفون" 2018 للمخرجين مورتيز ريزويك وهانز بلوك، و"تتمة غير مريحة: الحقيقة إلى السلطة" 2017 للمخرجين بوني كهين وجون شينك، و"لا أحد يتكلم: محاكمات الصحافة الحرة" 2017 للمخرج براين نابِينبيرغر.

أدوار ثانوية
أما ظهوره في الأفلام الكوميدية فحدث في عدة مرات عبر أدوار ثانوية، منها ما كان عبر صورة أرشيفية مثل فيلم "ملك البولكا" (2017)، كما ظهر في أفلام مثل: "لا يمكن للأشباح فعلها" (1990)، و"زولاندر" (2016). وفي مشهد عابر لم يستغرق سوى ثوانٍ معدودة ظهر في فيلم الكريسماس الشهير "وحيداً في المنزل 2" عام 1992، حين سأله الطفل ماكولي في ساحة الفندق عن طريق الخروج فأجابه، ثم ولَّى مدبراً!


نظراً إلى عدم أهمية ذلك المشهد، حذفته هيئة الإذاعة الوطنية الكندية سي بي سي (CBC)، ضمن ثماني دقائق لتوفير مساحة إعلانية، ونفت الشبكة علاقة وصول ترامب للبيت الأبيض بحذف المشهد، فهو إجراء اتخذته سنة 2014، أي قبل فترة رئاسته.
لم يفوت ترامب الفرصة؛ فنشر تغريدتين، قال في الأولى: "الفيلم لن يكون كما كان في السابق! بالطبع أمزح فقط"، وفي الثانية شن هجوماً على جاستين ترودو رئيس وزراء كندا، قائلاً: "أعتقد أن جاستن لا يعجبه الطلب الذي قدمته ليدفع ما يتوجب عليه من أجل حلف الناتو أو التجارة".

أيضاً، كان لترامب أكثر من ظهور إعلاني لشركات مشروبات غازية، وحلويات، وبيتزا... كما قدم ترامب برنامج "ذا أبرينتايس"، وهو برنامج تلفزيون واقع أميركي، من تأليف المنتج الإنكليزي مارك بورنيت، بدأ عرضه في يناير 2004 على قناة هيئة الإذاعة الوطنية. قدم ترامب 14 موسماً من البرنامج، قبل أن يقوم أرنولد شوارزنيغر بتقديمه خلفاً له.
يظهر أيضاً ترامب في مشهد ساخر وهو سكران داخل حضانة أطفال، يلعب معهم ويرفض الخروج، فيقوم نائبه مايك بنس بجرّه من قدميه إلى الخارج، وهو مشهد تمثيلي أنتجته قناة "كوميدي سنترال" الأميركية، وقد لاقى هذا المقطع رواجاً كبيراً في الفترة الأخيرة باعتباره مشهداً حقيقياً، حيث يرى كثيرون أنه لا فرق بين الحقيقة والتمثيل في حياة دونالد ترامب!

آراؤه الفنية
لا تختلف آراؤه السياسية عن آرائه الفنية كثيراً، فهي عنصرية وغير موضوعية وتجارية في المقام الأول. فها هو ينتقد، أمام حشد انتخابي بولاية كولورادو، فوز الفيلم الكوري الجنوبي "باراسايت" بجائزة أوسكار أفضل فيلم لعام 2020، وكان واضحاً كعادته حين قال: "كيف يمكن لفيلم أجنبي أن يفوز بهذه الجائزة العريقة؟".

يضيف: "كم كانت جائزة الأكاديمية سيئة هذا العام (...) لدينا ما يكفي من المشاكل مع كوريا الجنوبية حول التجارة. إضافة الى ذلك يعطونهم لقب أفضل فيلم للعام؟". وتساءل: "هل كان (الفيلم) جيدا؟ لا أعلم". كما انتقد ترامب حصول براد بيت على جائزة أفضل ممثل في دور ثانوي؛ لأن براد بيت استخدم خطاب قبوله الجائزة لتأييد عملية عزل ترامب التي انتهت بتبرئته في مجلس الشيوخ في مطلع شباط/فبراير الماضي.


وفي تصريح سابق ضد بعض الأفلام الأميركية التي تناقش العنصرية، قال ترامب: "هوليوود الليبرالية هي عنصرية بأقصى المراحل وتملك كما هائلا من الغضب والكره! يحبون أن يطلقوا وصف النخبة على أنفسهم، لكنهم ليسوا من النخبة، بل في الغالب، الأشخاص الذين يعارضونهم بشدة هم النخبة".
الحديث عن تجسيد شخصية الرئيس الأميركي الخاسر في الانتخابات الحالية ليس جديداً، لقد طرحت المسألة من قبل أثناء ولايته. وفي حديث صحافي حول المسألة، صرح الممثل الأميركي روبرت دي نيرو بأنه لن يوافق أبدا على لعب دور ترامب في السينما، لأنه غير محبب بالنسبة له، ولا يشعر معه بأي تعاطف يسوغّ له تجسيد شخصيته. مضيفاً أنه يعتبر ترامب "فظيعا"، ويشكل "تهديدا واضحا" للولايات المتحدة وللديمقراطية.

لايف ستايل
التحديثات الحية

يذكر أن هوليوود قدمت عشرات الأفلام السينمائية حول حياة رؤساء أميركيين سابقين مثل: فيلم "قتل ريغان" 2016، عن محاولة اغتيال الرئيس الراحل رونالد ريغان في 1981. وفيلم "ويلسون" 1944 عن السيرة الذاتية للرئيس ودرو ويلسون، و"لينكون" 2012، وفيلمين عن باراك أوباما، هما: "باري" 2016، والوثائقي "أحلام من أبي الحقيقي" 2012، وثلاثة أفلام عن جورج بوش الابن هي: "النائب" 2018، و"دبليو "2008، والفيلم الوثائقي "فهرنهايت 9/11" في 2004. وثلاثة أفلام عن اغتيال الرئيس جون كينيدي هي: "جي إف كي" 1991، و"باركلاند" 2013، و"جاكي" 2016... وغيرها.

المساهمون