خلف مخصصات الصحافيين المصريين... رشى انتخابية؟

خلف مخصصات الصحافيين المصريين... رشى انتخابية؟

31 مارس 2021
الزيادات تزامنت مع انتخاب ضياء رشوان نقيباً للصحافيين (محمود خالد/فرانس برس)
+ الخط -

مساء 25 مارس/آذار الماضي، أعلنت الحكومة المصرية زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يحصل عليه أعضاء نقابة الصحافيين المصريين، بنسبة 20 في المائة؜ من قيمته الحالية، بدءاً من يوليو/تموز المقبل، وهي زيادة مرتقبة وشبه حتمية، لوّح بها النقيب الحالي والمرشح المحتمل، ضياء رشوان، منذ اليوم الأول لإعلانه خوض الانتخابات على منصب النقيب.

بدل التدريب والتكنولوجيا، هو عبارة عن مخصصات مالية يحصل عليها أعضاء نقابة الصحافيين المصرية شهرياً، من قبل المجلس الأعلى للصحافة (حكومي)، وقيمته نحو 2100 جنيه مصري (نحو 135 دولاراً أميركياً)، وبالزيادة الأخيرة تصبح قيمته 2520 جنيهاً (نحو 160 دولاراً).

تاريخياً، يُصرف هذا البدل مقابل ما تحصل عليه الدولة من نسبة 36 في المائة من ضرائب وإعلانات الصحف التي تقدّر بالمليارات، لكنّه، مع الوقت، تحوّل إلى وسيلة ضغط من جانب الحكومة على الصحافيين تهدد في أيّ وقت بوقفه، وتدعم من خلاله مرشحها الذي يعد بزيادته حال فوزه. وهذا بالضبط ما فعلته الدولة لصالح ضياء رشوان، الذي ينفي أنّه مرشح النظام.

تحوّل بدل التدريب والتكنولوجيا إلى وسيلة ضغط من الحكومة على الصحافيين

بنظرة سريعة على تطورات زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا على مدار الدورات السابقة للانتخابات، يمكن اكتشاف أنّ أغلبها كان يصب لصالح ضياء رشوان. فقد زاد البدل في يوليو/تموز 2013، من 762 جنيهاً إلى 918، بواقع 156 جنيهاً، بنسبة زيادة 20.4 في المائة؜. وبعدها في مارس/آذار 2014، من 918 جنيهاً إلى 1200، بواقع 282 جنيهاً، بنسبة زيادة 31.1 في المائة؜؜. ثم في مارس/آذار 2015، زاد من 1200 جنيه إلى 1380، بواقع 180 جنيهاً، بنسبة زيادة 15 في المائة؜؜، وفي عهد النقيب عبد المحسن سلامة، تمّت الزيادة من 1380 جنيهاً إلى 1680 جنيهاً. وبعدها في مايو/أيار 2019 من 1680 جنيهاً إلى 2100، بواقع 420 جنيهاً، بنسبة زيادة 25 بالمائة؜؜، وآخرها في مارس/آذار 2021، حيث الزيادة الأخيرة من 2100 جنيه إلى 2520 بواقع 420 جنيهاً، بنسبة زيادة 20 في المائة؜؜. أي إنّه منذ عام 2013 وحتى مارس/آذار2021، زاد البدل من 762 جنيهاً مصرياً إلى 2520، بإجمالي زيادة 1758 جنيهاً، من ضمنها زيادة بقيمة 1458 جنيهاً بنسبة 83 في المائة؜؜ من مجموع الزيادات، تزامنت مع انتخاب ضياء رشوان نقيباً للصحافيين في الدورة النقابية من 2013 حتى 2015، ومن 2019 حتى 2021.

وكون الزيادات في قيمة المخصصات المالية التي تمنحها الحكومة للصحافيين، مرهونةً في أغلب الوقت بمواعيد إجراء انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين، في مارس/آذار كلّ عامين، وكونها مرتبطة بترشح الشخصيات المحسوبة على النظام، فإنّ هذا يجعل دائماً من زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بمثابة "رشوة انتخابية". هذه الجزئية نبّه لها المرشح الحالي على مقعد نقيب الصحافيين المصريين، كارم يحيى، وهو كاتب صحافي محسوب على تيار اليسار، وله مواقف نقابية بارزة، للسعي في برنامجه الانتخابي من أجل "تحرير زيادة البدل من التلاعب والفساد والإفساد" ورهنه بتوقيت الانتخابات.

الزيادات في قيمة المخصصات المالية التي تمنحها الحكومة للصحافيين مرهونة في أغلب الوقت بمواعيد إجراء انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين

وكان يحيى قد أرسل إنذاراً على يد محضر لكلّ من رئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، ووزير المالية، محمد معيط، ورئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، خالد ميري، مطالباً بتقنين زيادة البدل سنوياً. وأكد أنّه "يتعين التنبه إلى ضرورة استكمال الجهد والعمل من أجل تحرير زيادة البدل تماماً، بعيداً عن الانتخابات، وأن يحصل الصحافيون على تقنين واضح صريح بلا لبس، بزيادة سنوية دورية معتبرة، ضمن ميزانية الدولة كلّ عام، وعلى أن تجاري هذه الزيادة التضخم وغلاء المعيشة. ومن هنا تأتي أيضاً أهمية المتابعة والتضامن النقابي مع الدعاوى القضائية المرفوعة بهذا الشأن. كما أنّ وصول شخصيات مستقلة بحق إلى مواقع النقيب ومجلس النقابة هو الضمانة المؤكدة لإنجاز هذا المكسب الذي تأخر كثيراً، ومن أجل التصدي للانتكاس عن مكسب اليوم، وإنهاء التلاعب مجدداً من الفاسدين المفسدين بزيادة البدل لمصالحهم الشخصية والانتخابية".

إعلام وحريات
التحديثات الحية

هذا التنبه للعلاقة بين زيادة البدل بتوقيت الانتخابات وخوض مرشحين محسوبين على النظام، وصل إلى عدد من الدراسات الأجنبية التي تناولت حرية الصحافة في مصر وربطها بالبدل وتوظيفه في الانتخابات لصالح مرشح تدعمه الحكومة وتتدخل لصالحه بالمخالفة لاستقلال الصحافة والنقابة، منها دراسة نُشرت صيف 2013 للباحثة الأميركية ماريام بيرغر، بعنوان "دور ثوري أم من بقايا الماضي: مستقبل نقابة الصحافيين المصريين بعد ثورة 25 يناير" والمنشورة في مجلة "وسائل الإعلام العربية والمجتمع". وصفت الدراسة بدل التدريب والتكنولوجيا بـ"الرشوة"، وجاءت فيها فقرة متعلقة بالبدل: "بدأ نظام البدل عام 1981 كوسيلة لتزويد الصحافيين بمصدر إضافي للدخل يساعد في تدريبهم وتطويرهم تكنولوجياً. مع ذلك، ولأسباب عدة، تحول إلى مصدر أساسي أو حيوي إضافي للسيولة المالية شهرياً. ومع كلّ انتخابات، يعد مرشحون في حملاتهم بزيادة البدل، وذلك في استكمال لدائرة تبعية الصحافيين وقادة النقابة للحكومة. وهكذا يطيل البدل من أمد حالة الفساد كأمر واقع".

وتعقد الجمعية العمومية انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين، الجمعة 2 إبريل/نيسان المقبل، في نادي المعلمين بالجيزة؛ بناء على الخطاب المرسل إلى نقيب الصحافيين من خالد ميري وكيل النقابة ورئيس اللجنة المشرفة على عقد الجمعية العمومية، والذي يقترح فيه عقد الجمعية وإجراء الانتخابات بمقر نقابة ونادي المعلمين بالجزيرة بساحة فضاء تبلغ مساحتها 5600 متر مربع، بما يسمح باستضافة الجمعية العمومية والانتخابات واتخاذ الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا الجديد، وحصوله على الموافقة المبدئية من نقيب المعلمين. وتتجه المؤشرات العامة نحو تأجيل الانعقاد لعدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجمعية العمومية المقدر بـ25 في المائة من إجمالي عدد الأعضاء ممن يحق لهم التصويت والبالغ عددهم نحو 10 آلاف صحافي.

وفي حال تأجيل الانتخابات لعدم اكتمال النصاب القانوني، بعد غد، الثاني من إبريل/نيسان؛ فإنّه لن يكتمل إلاّ بعد انتهاء شهر رمضان (يبدأ في 13 إبريل) وعيد الفطر، إذ إنّه بموجب قانون نقابة الصحافيين، يجري تأجيل الدعوة للجمعية العمومية والانتخابات أسبوعين إلى حين اكتمال النصاب القانوني المقدر بربع عدد أعضاء الجمعية العمومية، ويستمر التأجيل على هذا النحو لحين اكتمال النصاب القانوني.

تعقد الجمعية العمومية انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين المصريين بعد غدٍ الجمعة 2 إبريل/نيسان، في نادي المعلمين بالجيزة، فيما تتجه المؤشرات إلى تأجيل جديد

ويبلغ عدد أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين المصرية، قرابة عشرة آلاف عضو يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، ما يعني أنّ مبنى النقابة الذي كان يسعهم في جميع الانتخابات السابقة، لن يصلح في الوقت الحالي نتيجة تفشي كورونا. ما يستلزم الإعلان عن إجراءات احترازية ووقائية صارمة تشجع الصحافيين على النزول والمشاركة في العملية الانتخابية.

والمرشحون على مقعد النقيب هم النقيب الحالي ضياء رشوان، المدعوم من الدولة والحاصل على وعود بزيادة المخصصات المالية للصحافيين من أجل إقناعهم بانتخابه، ومنافسه الأقوى في هذه الانتخابات الكاتب الصحافي كارم يحيى، الذي يحظى بدعم الصحافيين المستقلين، إلى جانب أسماء تشارك في كلّ انتخابات على مقعد النقيب، وهم: سيد الاسكندراني، وطلعت هاشم، ورفعت رشاد الخاسر أمام ضياء رشوان في الدورة النقابية السابقة، وانضم لهم مؤخراً محمد مغربي. وضمت قائمة المرشحين على مقاعد مجلس النقابة فوق 15 سنة عضوية، 21 مرشحاً، وتحت 15 سنة عضوية، 35 مرشحاً. أما الباقون من المجلس الحالي من دون انتخاب فهم: خالد ميري، ومحمد شبانة، وحماد الرمحي، ومحمود كامل، ومحمد يحيى يوسف، وهشام يونس.

المساهمون