جون سينا: مُصارعٌ يحتلّ شاشة السينما بأفلامٍ عادية

جون سينا: مُصارعٌ يحتلّ شاشة السينما بأفلامٍ عادية

26 اغسطس 2021
جون سينا في "الفرقة الانتحارية": لا شيء يُذكر (كيفن وينتر/ Getty)
+ الخط -

 

بين عامي 2021 و2023، يُشارك الأميركي جون سينا (ماساتوشستس، 23 إبريل/ نيسان 1977) في 5 أفلام وسلسلة تلفزيونية واحدة، بعنوان "صانع السلام (Peacemaker)" لجايمس غانّ. المضامين الحكائية للعناوين المذكورة لن تُقدِّم جديداً في سيرته التمثيلية، هو القادم إلى السينما والتلفزيون من شهرةٍ جماهيرية واسعة، لكونه أحد أبرز المُصارعين في الأعوام الفائتة.

منذ بداية الألفية الجديدة، يبدأ سينا مرحلة جديدة من سيرته المهنية، بانتقاله إلى الشاشة الكبيرة (Ready To Rumble لبراين روبنز، 2000)، مع أنّ اسمه غير مذكور في الجينيريك، علماً أنّ خطوته السينمائية الفعلية الأولى متمثّلة بتأديته دور البطولة في "الجندي في البحرية" (The Marine)" لجون بونيتو (2006).

لائحة الأفلام المُشارك فيها طويلة، من دون أنْ تخرج من إطارها التشويقيّ البحت، مطاردة وعنفاً ونزاعاتٍ، وبعض هذه الأخيرة يحصل بالأيدي، فجون سينا مُصارع، ولا بُدّ لعضلاته المفتولة أنْ تحضر في أكثر من مشهدٍ في كلّ فيلمٍ. التقييم النقدي لأدائه وأفلامه وأدواره غير جائزٍ، فهذا لن يُنصفه، ولعلّه هو نفسه غير راغبٍ في إنصافٍ نقديّ، فالأهمّ أنْ يحضر سينمائياً، وأنْ يُكمِل شهرته بالتمثيل، مع أنّ المبارزات الحاصلة على حلبة المصارعة يمتلك جزءٌ كبيرٌ منها أدوات تمثيلٍ ما.

لذا، يُصبح جون سينا مطلوباً في أفلام تشويق ومطاردة، ولا بأس بشيءٍ من "حسٍّ إنساني" يُميّز إمّا الشخصيّة التي يؤدّيها، وإمّا الفيلم الذي يُمثِّل فيه. للفانتازيا ركنٌ في برنامجه التمثيلي، و"الفرقة الانتحارية (The Suicide Squad)" لجايمس غانّ (2021) أجدد دليلٍ على فانتازيا بصرية، قصّتها باهتة، وشخصياتها ساذجة بأشكالها البشعة، والكوميديا فيها سطحية. بالإضافة إلى سطوة فراغ دراميّ، رغم أنّ الفيلم، الذي تبلغ ميزانية إنتاجه 185 مليون دولار أميركي، يمتدّ على 132 دقيقة، يعترف البعض أنّه عاجزٌ عن إكمالها، فيخرج من الصالة بعد أقلّ من ساعةٍ واحدة (وهذا وقتٌ طويل أصلاً).

إطلاق عروضه التجارية الدولية يبدأ في فرنسا (28 يوليو/ تموز 2021)، بينما يُشاهَد في الولايات المتحدّة الأميركية، منذ 5 أغسطس/ آب 2021، في الصالات التجارية وعلى شاشة منصّة HBO Max في الوقت نفسه، التي (المنصّة) ستُقلِّل من إيراداته التجارية، المحلية والدولية، البالغة إلى الآن 121 مليوناً و261 ألفاً و711 دولاراً أميركي فقط.

"الفرقة الانتحارية"، المنتمي إلى سلسلة أفلام الأبطال الخارقين، مستلٌّ من العالَم السينمائي لـ"دي سي" (يحمل الرقم 10 في لائحة الإنتاجات السينمائية الخاصّة بهذا العالم). يضمّ، إلى جون سينا، كلٌّ من إدريس إلبا ومارغو روبي وفيولا ديفيس وسيلفستر ستالون وآخرين، بالإضافة إلى الممثلة والمنتجة البرازيلية أليسي براغا، المعروفة دولياً بتأديتها شخصية تيريزا ماندوزا، في المسلسل التلفزيوني "ملكة الجنوب (Queen Of The South)". وإذْ يُقْبَل تبريرُ مشاركة البعض في فيلمٍ باهتٍ ومملّ كهذا، لحاجة هذا البعض إلى عملٍ ومالٍ، يُطرح سؤال سبب المشاركة فيه على آخرين، كإلبا وروبي وديفيس تحديداً، رغم أنّ لكلّ واحد من هؤلاء أدواراً عادية في أفلامٍ عدّة، غير مهمّة.

 

 

لن يكون مهمّاً البتّة اختصار حبكة فيلمٍ، كـ"الفرقة الانتحارية". قراءة "الملخّص المُطوَّل"، المنشور في "ويكيبيديا" مثلاً، كفيلٌ بإثارة إحساس في القارئ بمُشاهدته الفيلم (طول الملخَّص يُذكّر بطول مدّة الفيلم). عدم أهمية اختصار الحبكة منبثقٌ أصلاً من انتهاء الحبكة في الفقرات الأولى، التي يُمكن للمرء أنْ يُغادر الصالة بعد مشاهدتها في 40 دقيقة لا أكثر. ثرثرة مملّة، ولقطات غبيّة، ومعارك ساذجة، واشتغالات تقنية مسطّحة (رغم ارتفاع ميزانية الإنتاج): سمات تصنع فيلماً يتردّد أنّ تمكّنه من استعادة الأموال المدفوعة لإنجازه صعبٌ، وهذا غير مرتبطٍ فقط بعرضه على شاشة منصّة، في وقتٍ واحدٍ مع عرضه التجاري في الصالات. فالفيلم، بحدّ ذاته، مُضجر، وعوالمه ـ التي يُفترض بها أنْ تنتمي إلى عالم "دي سي" ـ تبني حواجز كثيرة تحول دون متعة مُشاهدة أبطال خارقين في مغامراتهم المختلفة.

مع هذا، هناك مهووسون بالعالَم السينمائي لـ"دي سي"، وللأبطال الخارقين، ولـ"الفرقة الانتحارية". ربما على هذا يُعوِّل المنتجون لاستعادة أموالٍ، ولربح أموالٍ أخرى أيضاً.

أما جون سينا، فراغبٌ في التمثيل، مع إدراكه ـ كما يتّضح من مساره التمثيلي ـ بأنّ الأدوار التي تُعرض عليه لن تخرج من إطار ضيّق، يتمثّل بمغامرات ومطاردات وثرثرات، لا أكثر، مع ضرورة استخدام عضلاته المفتولة، ونظراته التي يظنّ، هو وغيره، أنّها تُخيف من يواجههم بجسده الفارع. في العام الجاري، يظهر كشقيقٍ لدومينيك "دوم" توريتّو (فن ديزل)، في "سريع وغاضب 9" لجاستن لين، المعروض تجارياً في صالات مختلفة في العالم بدءاً من 25 يونيو/ حزيران 2021، محقّقاً إيرادات دولية بقيمة 681 مليوناً و862 ألفاً و453 دولاراً أميركياً، في مقابل ميزانية إنتاج تبلغ 200 مليون دولار أميركي (العروض الدولية مستمرة إلى الآن). ولعلّ براعته في ممارسة دوره كمُصارعٍ، يستعين بعضلاته وقوّته البدنية، سببٌ لمشاركته في الحلقة العاشرة من "سريع وغاضب" (الشخصية نفسها) للين أيضاً، التي يُفترض بها أنْ تُنجز وتُصبح جاهزة للعروض التجارية في وقتٍ ما من عام 2023.

أحد تلك المشاريع الجديدة سيكون مع جاكي شان: Project X-Trction (له عنوان آخر أيضاً: Snafu) لسكوت وَا: جنديان سابقان في القوات الأميركية الخاصّة يُكلَّفان بمرافقة مدنيين في "طريق الموت" في بغداد، لإيصالهم إلى "المنطقة الخضراء" بسلامٍ وأمان.

فهل ستكون الأفلام الجديدة أفضل من السابقة، وإنْ تشي مضامينها بعدم وجود أي تجديدٍ درامي على الأقلّ؟

المساهمون