بعد 17 عاماً... افتتاح "مسرح الرشيد" في العراق

بعد 17 عاماً... افتتاح "مسرح الرشيد" في العراق

03 أكتوبر 2020
افتتح المسرح عام 1981 بتصميم من إحدى الشركات الفرنسية (بيل أوليري/ واشنطن بوست)
+ الخط -

ينتظر المثقفون العراقيون والمسرحيون والكتّاب افتتاح مسرح الرشيد، الذي من المؤمَّل أن يفتح معه باباً جديداً من أبواب الثقافة العراقية التي غادرتها الحياة منذ عام 2003، وشهدت دماراً وتخريباً، خلال فترة الاحتلال الأميركي للبلاد.
ومسرح الرشيد من أهم المسارح في بغداد وأكبرها، افتُتح عام 1981 بتصميم من إحدى الشركات الفرنسية، ويضم المبنى قاعات كبيرة للأزياء والأكسسوارات والملابس، ومعدات خاصة بالحيل المسرحية والسينوغرافيا، ويتكون المبنى من تسع طبقات وصالة عرض تتسع لنحو 650 شخصاً. وفي عام 2003، وإبان احتلال القوات الأميركية لبغداد، تعرّض المسرح الذي يقع في جانب الكرخ من بغداد للتدمير والنهب. ولم تبادر الحكومة العراقية بإعادة ترميمه إلا في عام 2013، خلال تنظيم فعاليات "بغداد عاصمة الثقافة العربية". وبالرغم من أن عملية الترميم وإعادة التأهيل كلّفت الدولة العراقية ملايين الدولارات، إلا أنها لم تنجز أي شيء على أرض الواقع.

قبل عام، أعلن وزير الثقافة العراقية السابق عبد الأمير الحمداني، أنّ الوزارة طلبت المباشرة بإعادة إعمار مسرح الرشيد، وذلك بغية "الإسهام في تنشيط الحركة الفنية والثقافية والمسرحية في العراق". وقال الحمداني لوسائل إعلام إن "مبنى مسرح الرشيد تعرّض لتخريب متعمَّد ومبرمج ضمن المشاريع التي تستهدف الثقافة العراقية، سواء في مسارحها أو مواقعها الآثارية أو متاحفها أو معارضها". وأضاف أن "إعادة إعمار المسرح واجب ومهمة يجب أن يشارك بها الجميع، ليس فقط دائرة السينما والمسرح ووزارة الثقافة، بل جميع النخب الثقافية". إلا أن التظاهرات العراقية التي اندلعت ولا تزال تتواصل في البلاد حالت دون مواصلة إنجاز مشروع التأهيل، بحسب مصادر من وزارة الثقافة العراقية أفادت بذلك لـ"العربي الجديد".

في السياق، قال الممثل المسرحي الشاب علي مشكور، إن "مسرح الرشيد من أهم مسارح العاصمة العراقية، وقد بُني بطراز فرنسي عالمي محترف، لكن فترة ما بعد الاحتلال توالت عليه جماعات مسلحة وحاولت اقتحامه واعتباره مقراً لها، ولم تنجح في ذلك، إلا أنها سعت إلى منع أي جهودٍ حقيقية لترميمه"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "أجزاءً من هيكل المسرح دُمرت بفعل الإهمال، لكن الحراك الفني والثقافي في العراق تمكن أخيراً من تجميع صفوفه من أجل إعادة تأهيل المسرح وافتتاحه لخدمة العراقيين والأعمال الفنية في البلاد".

بعد الاحتلال توالت على المسرح جماعات مسلحة وحاولت اقتحامه واعتباره مقراً لها، ولم تنجح في ذلك، إلا أنها سعت إلى منع أي جهودٍ حقيقية لترميمه

من جهته، لفت قاسم التميمي، وهو كاتب مسرحي، إلى أن "الفساد في عمليات إعادة تأهيل مسرح الرشيد، حال دون اكتماله خلال السنوات الماضية، وكانت كل جهة حكومية تعمل على تأهيله، تتهم بالفساد، وبالتالي لا يكتمل المشروع"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك الذي قاده فنانون وصحافيون ومثقفون عراقيون بجهود ذاتية وبدعمٍ ومشاركة من وزارة الثقافة، أدى إلى تقدم جيد على صعيد تأهيله". وأكمل قائلاً إن "بغداد بحاجة إلى مسرح الرشيد من أجل قطع الطريق على المسارح التي أضرّت بالفنون، وتحديداً المسارح التجارية، وبالتالي لا بد من مواجهة الفنون الهابطة بمسارح جادة"، مؤكداً أن "العراقيين على موعدٍ قريب لافتتاح مسرح الرشيد، بعد معالجة أضراره في المبنى نتيجة أعمال العنف التي شهدتها بغداد خلال السنوات الماضية".

وشهد مسرح الرشيد قبل تدميره، عشرات العروض المسرحية، سواء المحلية منها التي قدمتها الفرقة القومية للتمثيل العراقية، أو العروض العربية التي قدمت في الثمانينيات والتسعينيات عبر مهرجانات المسرح العربي، ووقف على خشبته كبار الفنانين العرب من مصر وتونس وسورية ولبنان والإمارات، أمثال فريد شوقي وحسين فهمي ونور الشريف ومحسنة توفيق، والطيب الصديقي، واستضاف المسرح المخرج العربي الكبير يوسف شاهين، وعرضت فيه أهم أعماله، مثل فيلم "إسكندرية ليه".
 

دلالات

المساهمون