أوروبا تستعد لوداع "أريان 5" في خضم أزمة صواريخ بقطاع الفضاء
يُحال الصاروخ الأوروبي "أريان 5" على التقاعد الأسبوع المقبل بعد 27 عاماً، حقق خلالها إنجازات لقطاع الفضاء الأوروبي الذي يعاني حالياً أزمة صواريخ، في خضم احتدام المنافسة عالمياً في هذا المجال.
وسيحمل صاروخ "أريان 5" في مهمته الـ117 والأخيرة إلى الفضاء، قمراً اصطناعياً فرنسياً للاتصالات العسكرية "سيراكوز 4 ب" وقمراً اصطناعياً ألمانياً تجريبياً. ومن المتوقع أن ينطلق الثلاثاء بين الساعة 21:30 و23:05 بتوقيت غرينتش من كورو في غويانا الفرنسية.
When it goes this slow, you can barely see it move, but this is what the mobile gantry rolling out looks like! It’s still faster than the Ariane 5 roll out, do you know about how much? #ArianeGroup #Ariane6 pic.twitter.com/eCahfMUHHV
— ArianeGroup (@ArianeGroup) June 28, 2023
وكان إطلاق الصاروخ مقرراً في 16 يونيو/ حزيران، لكنه أرجئ بسبب خلل في أحد محركات الدفع الذي استُبدِل.
وقالت مديرة مركز غويانا الفضائي ماري آن كلير، إنّ عملية الإطلاق ستكون "مشحونة بالعواطف" لأفراد المركز الذي ارتبط بالصاروخ على مدى العقود الثلاثة الأخيرة.
وأكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للدراسات الفضائية فيليب باتيست، أنّ الصاروخ كان "مغامرة بشرية مُذهلة".
وعرف صاروخ "أريان 5" بدايات صعبة، إذ انفجر عقب إطلاقه في أول مهمة له سنة 1996، وواجه فشلاً آخر سنة 2002.
وقال إرفيه جيليبير الذي كان آنذاك مهندساً للصاروخ، إنّ الحادثة سببت "بصدمة". ويقول المدير التقني الحالي لشركة "أريان غروب" إن الأمر احتاج إلى "عامين للعودة إلى المهمات الفضائية".
4 June 1996. First launch of Ariane 5. Expendable launch system used to deliver payloads into geostationary transfer orbit or low Earth orbit. The rocket self-destructed 37 seconds after launch because of a malfunction in the control software. pic.twitter.com/Ls7o8zteMY
— Ron Eisele (@ron_eisele) June 3, 2023
ودخل صاروخ "أريان 5" بعد الحادثة عصره الذهبي الذي تكلّل بسلسلة من النجاحات. ويقول جيليبير إنّ الفشل في إطلاق الصاروخ كان له "وقع إيجابي، يتمثل بإبقائنا متيقظين بصورة تامة في شأن عمليات الإطلاق".
وعقب عملية الإطلاق هذه التي نُفّذت يوم عيد الميلاد سنة 2021، بات الصاروخ الذي أُرسل فيه مسبار روزيتا الفضائي إلى "مذنب 67 بي/ تشوريوموف جيراسيمنكو" (2004) ومستكشف أقمار المشتري الجليدية إلى المشتري في إبريل/ نيسان 2023، يحظى بمكانة كبيرة.
ومن الناحية التجارية، كان الصاروخ "عنصراً تقدمياً في المجال الفضائي في أوروبا"، على ما أكد مدير النقل الفضائي لوكالة الفضاء الأوروبية دانيال نوينشفاندر.
وشاركت اثنتا عشرة دولة في تصنيع الصاروخ الثقيل الذي حلّ مكان "أريان 4" مع قدرة إطلاق مضاعفة عنه، وهي ميزة تنافسية مكّنت أوروبا من ترسيخ نفسها في سوق الأقمار الاصطناعية للاتصالات.
وقال نوينشفاندر إن أوروبا استفادت أيضاً من "فترة راحة" في الولايات المتحدة، إذ احتكر المكوك الفضائي الأميركي موارد كثيرة. وتابع: "نشهد راهناً وضعاً معاكساً"، إذ تجد أوروبا نفسها محرومة تقريباً الوصول المستقل إلى الفضاء.
ويعود سبب ذلك إلى التوقف المفاجئ لاستخدام صواريخ "سويوز" الروسية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، ما خفّض من نشاط قاعدة "كورو" التي شهدت ستّ عمليات إطلاق فقط عام 2022 مقارنة بـ 15 عملية مماثلة خلال السنة الفائتة.
وما فاقم الوضع سوءاً، فشل الإطلاق التجاري الأول لصاروخ "فيغا سي" الإيطالي في ديسمبر/ كانون الاول 2022، والتأخيرات التراكمية لمستقبل "أريان 6".
وستتبع الإطلاق الأخير لـ"أريان 5" أشهر طويلة من الفراغ، في انتظار تولّي "أريان 6" زمام الأمور نهاية عام 2023 في أحسن الأحوال. وتبقى عملية إطلاق واحدة لـ"فيغا" مُرتقبة في سبتمبر/ أيلول، بينما تحوم شكوك حول عودة برنامج "فيغا-سي" نهاية العام، بعد اكتشاف خلل جديد هذا الأسبوع.
وصُمّم "أريان 6"، وهو أكثر قوة وتنافسية من "أريان 5"، وبلغت تكلفته نصف ما أنفق على سلفه "أريان 5"، لمواجهة المنافسة الشرسة في مجال الصواريخ بفعل هيمنة شركة "سبايس إكس" الأميركية التي تنفذ أكثر من عملية إطلاق واحدة في الأسبوع.
وتعيّن على وكالة الفضاء الأوروبية اللجوء إلى الشركة المملوكة لإيلون ماسك لإطلاق مهمتها العلمية "إقليدس"، وهي غير متأكدة من ضمان التوسّع الاستراتيجي لمسبار غاليليو، وهو نظام الملاحة التابع للاتحاد الأوروبي.
وكان المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية جوزيف أشباخر، قد قال خلال معرض لو بورجيه "إنها مرحلة صعبة"، مؤكداً أنّ مختلف الفاعلين "يعملون بشكل مكثف" حتى يدخل "أريان 6" الخدمة وعودة برنامج "فيغا-سي" بأسرع وقت.
وتُجرى اختبارات تأهيل "أريان 6" على قدم وساق. وخلال "تجربة عامة" في كورو بتاريخ 22 يونيو/ حزيران، كُشف النقاب عن الصاروخ وهو على منصة الإطلاق قبل إجراء اختبار تشغيل محرك "فولكان 2,1".
ولم يَسلَم المجال الفضائي من خطوة تقليص عدد الموظفين، إذ سيُلغى 190 منصباً من أصل 1600، لأنّ الصاروخ لا يحتاج إلى قوى عاملة كثيرة ومتطلبات صيانة كبيرة.
(فرانس برس)
