"روني تشينغ: لا تُذع سرّاً": الغوني أرجوكم

"روني تشينغ: لا تُذع سرّاً": الغوني أرجوكم

22 ابريل 2022
يحاول إطلاق نكتة حول اختيار "العرق الأسوأ" (كيفين مايزور/Getty)
+ الخط -

لمع اسم الممثل الكوميدي الماليزي، روني تشينغ، بعد انضمامه إلى فريق مراسلي "ذا ديلي شو" The Daily Show مع تريفور نواه الذي يقدم فيه نشرة أخبار التكنولوجيا، ساخراً بغضب من الاختراعات الجديدة التي لا تقدم أي جديد للبشريّة. مع ازدياد شهرة تشينغ، بثت منصة نتفليكس عرضه الكوميدي الأول "قصف جبهة من آسيا" Asian Comedian Destroys America عام 2019. وحالياً، تبث المنصة عرضه الثاني من نيويورك الذي يحمل اسم "روني تشينغ: لا تُذع سرّاً" (Ronny Chieng: Speakeasy).

يبدأ تشينغ عرضه بسخرية حادة من المشككين بلقاح كوفيد 19. بصورة أدق، كل المعلقين الذين يطالبون بالبرهان البسيط والساذج، نافين حقيقة الوباء وفاعلية اللقاح، أولئك الذين يتمتعون بحس غريب بالتفوق و"العلم"، ذاك القادم من استهلاك المعارف الشعبية المُعلّبة التي لا يمكن أن تساوي سنوات الخبرة التي يمتلكها المختصون. وهذا بالضبط محط المفارقة التي يستهدفها تشينغ؛ أي كيف يمكن أن نشرح بتعليق على موقع فيسبوك علوماً تحتاج آلاف الصفحات؟ وبالطبع، يُلقي اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي التي أتاحت للناس أن تستعرض آراءها، وتشغل وقت فراغها بالتعليقات الجاهلة، من دون أي مرجعية.

هذا التشكيك والهجمة التي تعرضت لها المؤسسة العلمية بسبب الوباء، أنست الناس، حسب تشينغ، حقيقة الإنجازات العلمية الجديدة، كفك شيفرة الجينوم البشري الذي مر من دون أن ينال الاحتفال الكافي وتعرض أيضاً لانتقادات المشككين. وهنا تظهر الفكرة التي يحاول تشينغ الدفاع عنها: "لندع العلم لمن يعرفونه، ولنكتف بالإنصات كي لا ننهي أنفسنا بأنفسنا".

الجزء الأشد إضحاكاً في العرض، هو ذاك الذي يتعرض فيه الكوميديان إلى ثقافة الإلغاء المنتشرة في الولايات المتحدة، إذ يحاول إطلاق نكتة، يشارك فيها الجمهور، حول اختيار "العرق الأسوأ". وبالطبع، يتردد الجمهور، ولا يجيب، وتشينغ نفسه لا يقدم إجابة عن هذا السؤال، لكنه يستفز الحاضرين، ويسخر من ثقافة الإلغاء قائلاً: "الغوني، الغوني أرجوكم، لا أمتلك شيئاً لأخسره"، قاصداً الحساسيات التي قد تخلقها نكتة كهذه، ساخراً من الولايات المتحدة نفسها، وغياب التأمين الصحي، والحق بحمل السلاح، مؤكداً أنه في حال تم إلغاؤه، إما سيعود إلى سنغافورة (حيث ترترع وعاش)؛ فهناك هو "بطل قومي"، أو يقترح أن يذهب إلى أستراليا؛ إذ لا يوجد هناك حوادث إطلاق نار عشوائية.

السخرية التي يوظفها تشينغ حول ثقافة الإلغاء، ترتبط بالمناخ الفني والثقافي السائد في الولايات المتحدة، حيث غلطة واحدة، أو تغريدة أثارت حساسية أحدهم، ولو كانت منذ عشر سنوات، قد تكلف صاحبها مسيرته المهنيّة. لكن هذه المواجهة مع ثقافة الإلغاء، بدأت تأخذ شكلاً أكثر وضوحاً، خصوصاً بعدما نال الكوميدي لويس سي. كيه. جائزة "غرامي" هذا العام، "ملغياً إلغاءه السابق"، حسب التعبير المتداول.

يشير تشينغ إلى بعض الصور النمطية المرتبطة بسنغافورة، خصوصاً القانون الذي ينص على تغريم من يرمي العلكة في شوارع المدينة، بل ونراه ينتصر له متهكّماً، قائلاً إن على السياح والضيوف احترام قوانين المنزل. بهذا، يسخر تشينغ من الانتقادات التي توجه له، والتي تتمحور حول تركيزه فقط على الصور النمطية، والاستفادة من عرقه لتقديم النكات، الأمر الذي لا نراه في العرض بشكل واضح.

يستطرد بعدها تشينغ في الحديث عن "كراهيته" للمملكة المتحدة، ذاكراً بعض المواقف التي واجهها، مقارنة بالعروض التي قدمها في الولايات المتحدة، والاختلاف الثقافي بين البلدين. لكن اللافت أن تشينغ نفسه، في الولايات المتحدة، هو جزء من الموجة الجديدة المرتبطة بتمثيل الهويات العرقية؛ إذ يحاول الآسيويون الأميركيون الآن أن يكونوا أكثر مرئية في صناعة الترفيه. يتجلى ذلك في فيلم Crazy Rich Asians الذي يلعب فيه تشينغ دوراً لافتاً.

يمثل هذا الفيلم جزءاً من السياسات الجديدة المرتبطة بسياسات التمثيل في صناعة الترفيه، الشأن الذي قدم لنا مواهب جديدة كانت مختفية ولم نعرف بوجودها. في ذات الوقت، ما زال هناك كثير من التساؤلات حول أحقية هذا الظهور، كونه لا يرتبط بالموهبة بل بالهوية، وهذا أيضاً ما يشير له تشينغ ويسخر منه.

المساهمون