ضعف الموانئ يدفع تونس للاستثمار بالمياه العميقة

ضعف الموانئ يدفع تونس للاستثمار بالمياه العميقة

17 فبراير 2017
ميناء رادس يستحوذ على 80% من التجارة(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
بات ضعف الموانئ التجارية في تونس يقلق المستثمرين والحكومة على حد سواء، بينما تسعى البلاد إلى تعظيم حركة التجارة مع الخارج وتعزيز الصادرات، ضمن مخطط لزيادة معدلات نمو الاقتصاد المتباطئ.
وتسعى الحكومة إلى تدارك هذا الضعف، عبر مشروع ميناء في المياه العميقة بمنطقة النفيضة، وسط البلاد، كان قد تم الانتهاء من دراسته قبل نحو 30 عاماً.
وكشف وزير النقل، أنيس غديرة، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية "وات" قبل أيام، عن أن الحكومة تعمل على استكمال إجراءات تنفيذ مشروع هذا الميناء والمنطقة اللوجستية المحاذية، بكلفة تصل إلى ملياري دينار (900 مليون دولار)، وذلك بعد إدراجه ضمن مخطط التنمية 2017/ 2020.
وأكد الوزير التونسي أن إنجاز المشروع سيعود بالفائدة الاقتصادية على منطقة الوسط والساحل وعلى مختلف الولايات المجاورة، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى من المشروع ستساهم في توفير نحو 20 ألف فرصة عمل.
وتعرب منظمة رجال الأعمال عن قلقها من الصعوبات التي تعترض المصدرين والمستوردين على حد سواء، بسبب ضعف مردود الموانئ التجارية، ولا سيما ميناء رادس الذي تمر عبره 80% من المعاملات التجارية في تونس.
وبحسب تقرير حديث صادر عن اتحاد الصناعة والتجارة، فإن رجال الأعمال يتكبدون خسائر كبيرة سنويا نتيجة بطء الشحن في هذا الميناء.
وأوضح التقرير، الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، أن الاقتصاد التونسي خسر في الفترة المتراوحة بين 2011 و2017 نحو 400 مليون دولار، بسبب المشاكل الاجتماعية والبطء الكبير في عمليات الشحن والتفريغ للحاويات، والوقت الكبير الذي تقضيه البواخر في عرض البحر قبل الرسو في الميناء، وهو ما يزيد في كلفة الشحن والنقل بالنسبة للمؤسسات الاقتصادية.
وتوجد في تونس سبعة موانئ تجارية أكبرها ميناء رادس، المختص في استقبال الحاويات، ثم ميناء تونس حلق الوادي، المختص في استقبال المسافرين والسياح، وميناءي "بنزرت ـ منزل بورقيبة" و"صفاقس سيدي يوسف"، وهما متعددا الاختصاصات، وميناء سوسة للبضائع المختلفة، وميناء قابس للمواد الكيميائية، وميناء جرجيس لتصدير المحروقات.
ووفق بيانات رسمية لوزارة النقل، يبلغ معدل تفريغ الحاويات في ميناء رادس التجاري 7 حاويات في الساعة الواحدة، مقابل 18 حاوية كمعدل في موانئ البحر الأبيض المتوسط، كما يرتفع مكوث الحاويات في الموانئ التونسية إلى 21 يوماً، مقابل 6 أيام في المغرب و14 يوماً في الجزائر.
وقال هيكل بن سدرين، رئيس غرفة مسيري السفن، إن المتعاملين الاقتصاديين يخسرون نحو 130 مليون دولار سنوياً، بسبب مشاكل الموانئ وضعف تدفق السلع الوافدة إليها.
وأشار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن ضعف الحركة التجارية البحرية مرده انحسار النشاط في ميناء رادس الذي ينفرد بنحو 80% من النشاط التجاري، لافتا إلى أن هذا الوضع خلق اكتظاظا ملفتا في حركة الميناء سواء بالنسبة لطول مدة تفريغ الشحنات، أو مدة بقاء السفن التي تظل عالقة في البحر في انتظار دورها، وهو ما يؤدي آليا إلى فرض رسوم إضافية على الموردين من قبل الناقلين البحريين.
ويشهد ميناء رادس التجاري زيادة في حجم نشاطه، مقابل عدم تطور بنيته وتقادم معداته، حيث قفز عدد الحاويات التي يستقبلها من 25 ألفا لدى إنشائه عام 1987 إلى 400 ألف حاوية في 2010، قبل أن يتراجع العدد خلال السنوات الأربع الأخيرة إلى 300 ألف حاوية سنوياً بفعل تراجع حجم التجارة الخارجية.
لكن مسؤولاً في وزارة النقل قال لـ"العربي الجديد"، إن معدل مكوث الحاويات بالموانئ التجارية في تراجع مستمر، لافتا إلى أنه من المستهدف الوصول بها إلى 6 أيام قبل انقضاء الربع الأول من العام الحالي، مقابل 15 يوماً حالياً.
وأضاف أن نسبة مكوث الحاويات تقلصت، وتواصل الوزارة العمل على خفضها إلى المعدل المعمول به في موانئ البحر المتوسط، وذلك عبر دعم التجهيزات واقتناء رافعات جديدة، فضلا عن تحسين المناخ الاجتماعي، بما يحول دون وقوع الإضرابات العمالية في الموانئ.
وتابع أن مشروع ميناء المياه العميقة سيعطي دفعة كبيرة للحركة التجارية، مؤكدا أن العديد من المستثمرين المحليين والأجانب أعربوا عن رغبتهم في الاستثمار في هذا المشروع في ظل مردوديته الكبيرة.
وكان وزير النقل التونسي قد أشار إلى أن مشروع الميناء الجديد سينجز بنظام الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، بهدف تسريع آجال الإنجاز، وتحفيز الاستثمار بقطاع النقل البحري.

المساهمون