مصر: قلق بالأسواق من خفض جديد للجنيه

05 يوليو 2016
انخفاض الجنيه يفاقم الأزمات المعيشية للمصريين (الأناضول)
+ الخط -
أثارت تلميحات محافظ البنك المركزي المصري طارق عامر، بخفض رسمي جديد للجنيه، مخاوف الأوساط الاقتصادية من التأثيرات السلبية لهذا التوجه، حيث سيفاقم التضخم ويرفع سعر الدولار في السوق السوداء ولن يساهم في زيادة الصادرات وتوفير العملة الأميركية، حسب محللين لـ"العربي الجديد".
وتعكس تصريحات محافظ البنك المركزي، مدى تعثر الحكومة في تخفيف أزمة النقد الأجنبي، حيث تشير التوقعات إلى أن شح الدولار في الأسواق سيزيد أسعاره من 11 جنيهاً حالياً إلى أكثر من 12 جنيهاً الفترة المقبلة في السوق السوداء، حسب أصحاب محلات صرافة.
وحذر مستوردون من موجة غلاء فاحش خلال الفترة المقبلة، في حال اتخاذ قرار بخفض جديد لقيمة الجنيه المصري رسمياً، ما سيؤدي إلى موجة ارتفاع حادة لسعر الدولار في السوق السوداء.
وفي هذا السياق، قال رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية في القاهرة، أحمد شيحة، لـ"العربي الجديد"، إن قرارات محافظ البنك المركزي المتلاحقة تدفع السوق إلى عدم الاستقرار.
وأضاف أن قرار تخفيض العملة المحلية المزمع تطبيقه سيؤدي إلى كارثة اقتصادية وسيرفع الأسعار بنفس قيمة الخفض، وسيؤدي خلال الفترة المقبلة إلى ارتفاع الدولار بالسوق السوداء نتيجة لتكالب المستوردين والصناع إلى جمع الدولار من السوق بأي سعر، تخوفاً من ارتفاع سعره مستقبلاً.
ووفقاً لإحصائيات رسمية، تستورد مصر أكثر من 60% من احتياجاتها، وبالتالي ستشهد الأسواق موجة جديدة من الغلاء، كما أن أكثر من 50% من المصانع تستورد مستلزمات الإنتاج من الخارج، وبالتالي ستزيد أسعار المنتجات المحلية، حسب المحللين.
وأكد شيحة، أن مصر مستورد رئيسي للزيوت حيث تستورد 95% من احتياجاتها والشاي بنسبة 100%، وأكبر مستورد للقمح في العالم، ما سيرفع فاتورة الواردات، ويأتي بآثار سلبية على الاقتصاد.
وأشار، إلى أن تصريحات عامر، أصابت السوق بالذهول، ومن المتوقع أن يشهد سعر الصرف خلال الأيام المقبلة قفزات جنونية للدولار بالسوق السوداء، قد يرتفع الدولار إلى 12 أو 13 جنيهاً، في ظل زيادة الطلب عليه وشح الكميات المطروحة في الأسواق.
وكان محافظ البنك المركزي، قال أمس الأول، "لن أفرح باستقرار سعر الصرف والمصانع متوقفة"، وأن "انخفاض الجنيه له إيجابيات لتنمية الصادرات".
ولفت شيحة النظر إلى أن التخفيض الأخير للعملة المحلية، الذي قام به المركزي في وقت سابق من العام الجاري، لم يؤد إلى ارتفاع حصيلة الصادرات.

واتهم شيحة، المصدرين بأنهم أحد أسباب أزمة الدولار في مصر، حيث أنهم يتلاعبون في الفواتير ويحولون الدولار إلى حساباتهم الشخصية ولا يدخل البنوك المصرية.
ويباع الدولار في البنوك مقابل 8.88 جنيهات وفي السوق الموازية بأكثر من 11 جنيهاً، وفقاً لمتعاملين.
وقال الخبير الاقتصادي عبد النبي عبد المطلب، لـ"العربي الجديد"، إن خفض العملة المحلية من المفترض نظرياً أن يصب في مصلحة الصادرات والاقتصاد، لكن الموضوع مختلف في الحالة المصرية، لأن معظم الصادرات المصرية تعتمد على نحو 50% من مستلزمات إنتاجها من الخارج، وبالتالي فإن أضرار الخفض أكثر من فوائده.
وأضاف، أن هناك فجوة كبيرة تتجاوز 30% بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف بالسوق السوداء، وهذه الفجوة تدفع المستثمرين إلى عدم الاستثمار في مصر.
وفي المقابل، رحب رئيس شعبة المصدرين بالاتحاد العام للغرف التجارية شريف الجبلي، بتوجه البنك المركزي لخفض الجنيه.
وأضاف الجبلي، لـ"العربي الجديد"، أن تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار يعطي دفعة تنافسية للصناعة المصرية في مواجهة السلع المستوردة، ويدعم المنافسة التصديرية للمنتجات المصرية.
وأشار إلى أن تأثير خفض قيمة الجنيه، سيتضح على حجم الصادرات نهاية العام الجاري، مطالباً في الوقت نفسه بضرورة تدبير البنوك احتياجات الصناعة من الدولار، لضمان استمرارية إنتاج المصانع، ولتفادي حدوث أي نقص في السلع في السوق المحلي ما يزيد من ارتفاع الأسعار.
يذكر أن محافظ البنك المركزي، أكد، أمس الأول، أن عجز ميزان المعاملات الجارية ارتفع في التسعة أشهر الأولى من السنة المالية الماضية 2015 /2016 إلى 14 مليار دولار من ثمانية مليارات قبل عام، لعوامل من أبرزها هبوط فائض الدخل من خدمات أبرزها السياحة.
وأضاف، أن عجز ميزان المدفوعات بلغ 8.9 مليارات دولار في النصف الأول من السنة المالية الماضية، مقارنة مع 4.3 مليارات قبل عام، وشدد على أن الحفاظ على سعر غير حقيقي للجنيه كان خطأ وأنه مستعد لأخذ القرارات الصحيحة وتحمل نتائجها.

المساهمون