إيران وحرق النفط

11 يوليو 2016
إيران تبيع نفطها بأقل من متوسطات الأسعار العالمية (Getty)
+ الخط -

لا تكتفي إيران بالحرائق والحروب والفتن التي تشعلها في المنطقة العربية خاصة في العراق واليمن وسورية ولبنان، وإنما راحت تشعل حريقة أخرى في سوق النفط العالمية، وهي سياسة حرق الأسعار لتحقيق هدف معلن هو استعادة حصتها النفطية في الأسواق، والعودة لمعدلات إنتاج ما قبل فترة فرض العقوبات الغربية، والحصول على أكبر قدر من المكاسب المالية والإيرادات الدولارية التي تساعدها في إعادة بناء الاحتياطي الأجنبي، ودعم العملة المحلية مقابل الدولار، وتحسين الوضع المالي والاقتصادي للبلاد.

أما هدف طهران غير المعلن، وربما الأهم، من سياسة حرق النفط فهو الإضرار اقتصادياً ومالياً بأعدائها في المنطقة، وإجبارهم على تسييل استثماراتهم في الخارج، والسحب المستمر من احتياطيات النقد الأجنبي حتى يتم استنزافه، ووضع اقتصاديات دول الأعداء تحت ضغط اضطرابات سوق الصرف وعجز الموازنة والتقشف وخفض الإنفاق العام وتفاقم الديون وتجميد تنفيذ المشروعات خاصة المتعلقة بالمواطن، وبالتالي إثارة حنق الموطن ضد حكومته.
وفي مقدمة هؤلاء الأعداء السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، وكذا دول خليجية تقف مع المملكة في مواجهة سياسة المد الإيراني في المنطقة خاصة في الدول التي تشهد نزاعات مسلحة مثل اليمن وسورية.


إيران هنا تكرر ما سبق أن حدث مرات عدة في سوق النفط العالمية خاصة في تسعينيات القرن الماضي، حينما استخدمت الولايات المتحدة ورقة حرق أسعار النفط من خلال بعض الدول النفطية لتفتيت الاتحاد السوفييتي عدوها التقليدي، كما تم استخدامه حديثاً ضد روسيا عقاباً لها على موقفها من الأزمة الأوكرانية.
بل إن إيران نفسها عانت سنوات من سياسة حرق أسعار النفط، ولذا ترد الصاع صاعين في هذا التوقيت الحساس، وترفض الالتزام بأية قرارات دولية تنظم الإنتاج وتعيد الهدوء لأسعار النفط.

والملفت أنه كلما اتجهت أسعار النفط لأعلى تطبق طهران سلاح حرق أسعار النفط وتخفض ثمن النفط الذي تبيعه للدول بحيث يكون أقل من متوسطات الأسعار العالمية، والنتيجة عودة الأسعار للتراجع.
وأكبر دليل على ذلك ما حدث أمس حيث خفضت إيران أسعار بيع النفط لعملائها في دول آسيا ومنطقة البحر المتوسط، وكذا لأسعار نفطها المار عبر ميناء سيدي كرير المصري.
ويبدو أن طهران تصر على استخدام هذا السلاح الخطير الذي تمكنت من خلاله من خطف عملاء من السعودية، وجذب عملاء جدد مثل بولندا.
مقابل سياسة حرق الأسعار التي تنتهجها إيران تقف الدول العربية حائرة ما بين الدخول في حرب مضادة، أو الانحناء حتى تمر العاصفة.



المساهمون