عام من الجفاف... المغاربة يتطلعون إلى السماء

عام من الجفاف... المغاربة يتطلعون إلى السماء

21 أكتوبر 2016
مخاوف من احتمال تأخر التساقطات المطرية (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -
حالة من الترقب تسود وسط المزارعين المغاربة، حيث يستعدون للحرث، لكن أعينهم على الأرصاد الجوية التي يتطلعون إلى أن تكشف عن سحب محملة بالغيث، حتى يشرعوا في تقليب الأرض.

عندما تسأل حسن المسكيني، من منطقة البروج بمدينة سطات (وسط المغرب) عن الموسم الزراعي الجديد، يجيب بأن قدر المزارع أن يقبل على الحرث دون أن يركز كثيراً على نشرات الأرصاد الجوية، حتى لا ينال ذلك من عزيمته.

تراجع المتساقطات
وتراجعت التساقطات المطرية في الموسم الزراعي الماضي، بحدود 45%، ما أفضى إلى تقلص محصول الحبوب بنحو 70%، في الوقت ذاته تأثرت الأشجار المثمرة بقلة المياه وارتفاع درجات الحرارة في الصيف.

ويؤكد المسكيني، أن الجفاف الذي ضرب المغرب في الموسم الزراعي الماضي، وضعف
محصول الحبوب، لم يشجع المزارعين على ادخار البذور التي تمكنهم من الشروع في عملية الحرث والبذر.

وفي الأسبوع الماضي، عرفت المملكة تساقطات مطرية متفرقة، وجاءت عاصفية في بعض المناطق، غير أن المسكيني، يعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن تباشير موسم يُنسي المزارعين ما عاشوه في الموسم الماضي.

وكانت التساقطات المطرية، حاضرة أخيرا في حديث وزير الفلاحة عزيز أخنوش، عند الإعلان عن انطلاق الموسم الزراعي، حيث عبر عن الأمل في أن تأتي التساقطات وفيرة، حتى يحقق المغرب زراعة ذات إنتاجية مرتفعة وقيمة مضافة عالية.

وتصل الموارد المائية المتجددة للمغرب، حسب الوزارة المنتدبة المكلفة بالري، إلى ما يناهز 22 مليار متر مكعب في العام، منها 18 مليار متر مكعب عبارة عن مياه سطحية، و4 مليارات متر مكعب عبارة عن مياه جوفية.

وتستهلك الزراعة 85% من مجموع المياه، وهي نسبة مرشحة للارتفاع مع دخول المغرب في مسلسل لتوسيع مساحة الأراضي التي تعتمد على الري، وذلك تنفيذا لأهداف السياسة الزراعية التي بدأها المغرب منذ تسعة أعوام.
وسعت السلطات العمومية إلى رفع معنويات المزارعين مع بدء الموسم الزراعي، فقد أعلن وزير الفلاحة والصيد البحري، عن توفير 1.8 مليون قنطار من البذور المعتمدة، وتزويد الأسواق المحلية بنحو 500 ألف طن من الأسمدة.

وشدد الوزير على المضي في العمل بنظام التأمين المتعدد المخاطر الزراعية، الذي يشمل 1.05 مليون هكتار، وتجهيز 50 ألف هكتار من المزارع بنظام السقي المنتظم، وتحديث شبكات الري على مساحة 120 ألف هكتار. (الهكتار يساوي 2.381 فدان).

تأثر النمو الاقتصادي
ويأمل المغرب في عدم تكرار الموسم الزراعي الماضي المنعكس سلباً على نسبة النمو الاقتصادي، الذي لن يتعدى 1.4%، حسب المصرف المركزي، في سياق متسم بضعف
مساهمة القطاعات غير الزراعية في الناتج الإجمالي المحلي.

وأفضى تراجع محصول الحبوب من 115 إلى 33.5 مليون قنطار، (القنطار يساوي 143.8 كيلوغراما)، إلى ارتفاع مشتريات المغرب من الغذاء، حسب بيانات مكتب الصرف، مدفوعة بانتقال واردات القمح من 700 إلى 930 مليون دولار، والشعير من 61 إلى 152 مليون دولار.

وتمثل الزراعة حوالى 15% من الناتج الإجمالي المحلي، وتوفر 35% من فرص العمل.
ورغم تراجع معدل البطالة في الأرياف خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى 4.5%، حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط، فإن حقيقة التشغيل في تلك المناطق تشير إلى سيادة التشغيل الموسمي.

ويتملك المزارعين، الخوفُ من احتمال تأخر التساقطات المطرية، بما لذلك من تأثير على مخزون المياه وإنتاج الحبوب ما سيضر بأوضاع المزارعين بعد موسم جاف، كما يوضح ذلك الخبير الاقتصادي، محمد الهاكش، الذي يشدد على ضرورة تشجيع الزراعات العائلية التي تستحضر الأهداف المعيشية قبل الاهتمام بالتصدير.
ويدعو محمد الهاكش، الخبير في المجال الفلاحي، إلى توجيه السياسة الزراعية نحو تحقيق السيادة الغذائية للمغرب، أن تراجع محصول الحبوب له تأثير كبير على الاقتصاد المغربي، مشيراً إلى انعكاس ذلك سلباً على الميزان التجاري.

وتتوقع الحكومة في مشروع قانون الموازنة لعام 2017، تحقيق معدل نمو في حدود 4.5%، غير أن ذلك يبقى مرهونا بالتساقطات المطرية، وهي تساقطات قد تسعف الحكومة الجديدة التي تستحضر كما جميع المغاربة مقولة الجنرال الفرنسي ليوطي، عندما كان مقيما عاما إبان الحماية الفرنسية: "إذا أردت أن تحكم في المغرب، فعلى السماء أن تمطر".

ساهم الجفاف الذي عرفه المغرب في الموسم الزراعي الحالي، في رفع مشتريات المغرب من القمح بنسبة 21.1%، حيث وصلت إلى 760 مليون دولار في نهاية أغسطس/آب، مقابل 630 مليون دولار في الشهر نفسه من 2015.

وتمثل مشتريات المغرب من الغذاء حوالى 11.1% من إجمالي وارداته من السلع والخدمات، التي وصلت إلى 27 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي، لتساهم مشتريات الغذاء في تدهور عجز الميزان التجاري، الذي وصل إلى 12 مليار دولار.

المساهمون