تونس تتجه لخفض أسعار الوقود

تونس تتجه لخفض أسعار الوقود

22 يوليو 2015
أغنياء تونس يستفيدون من 70% من دعم المحروقات(Getty)
+ الخط -
رغم الصعوبات الاقتصادية المتعددة التي تعيشها البلاد، تبحث الحكومة التونسية إمكانية التخفيض في أسعار المحروقات داخل الأسواق المحلية بنسبة تتراوح بين 3.5 إلى 7%، في مادتي "البنزين" و"الغازوال" (المازوت المستخدم في المصانع والنقل) وذلك على خلفية التراجع الملحوظ لأسعار النفط في الأسواق العالمية منذ أكثر من عام.
وقد ضمنت الحكومة هذا القرار في سياق مشروع ميزانية الدولة التكميلية التي سيشرع البرلمان في مناقشتها الشهر الجاري، بحيث من المتوقع أن تتراجع الأسعار بين 50 و 100 مليم (بين ربع ونصف سنت أميركي) في الليتر الواحد من البنزين والغازوال (الدينار يساوي 1000 مليم).
وكانت المرة الأخيرة التي أجرت تونس تغييراً على أسعار الوقود في يوليو/تموز 2014، عندما رفعت سعر الغازول بحدود 90 مليماً إلى 1250 مليماً (0.63 دولار)، و100 مليم على أسعار البنزين ليصبح سعره 1670 مليماً (0.84 دولار)، وهي الأسعار المعمول بها إلى الآن.
ويعتبر كثيرون في الأوساط الاقتصادية، أن قرار التخفيض في سعر المحروقات جريء في مثل هذا الظرف، خاصة أن أسعار المحروقات شهدت منذ ثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011 زيادة ثلاث مرات متتالية، وهو ما ولّد ضغوطاً كبيرة على القطاعات المنتجة خاصة الصناعة والزراعة.
ويرى الخبير في الشؤون الاقتصادية والوزير المكلف السابق بالشؤون الاقتصادية، رضا السعيدي، أن مقترح التخفيض في سعر المحروقات إيجابي في مثل هذا الظرف، مشيراً إلى أنه سيخفف العبء على المؤسسات والقطاعات المنتجة.
وأشار السعيدي في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن القرار الحكومي صائب ويأتي في إطار الإصلاحات التي دعت إليها الدوائر المالية العالمية لصندوق الدعم.

ولفت الوزير المكلف السابق، إلى أن التخفيض في أسعار المحروقات لن يكلّف ميزانية الدولة أو صندوق الدعم أي ضغوط جديدة باعتبار أن ميزانية الدولة استفادت من سعر تراجع المحروقات في السوق العالمية، فضلاً عن أن كل المؤشرات في السوق العالمية توحي بأن الأسعار الحالية ستشهد استقراراً عند مستوياتها الحالية حتى نهاية العام الجاري 2015 على الأقل.
ويحتاج الاقتصاد التونسي حسب السعيدي، إلى إجراءات جديدة لتعزيز قطاعات الإنتاج، خاصة في ظل تراجع قطاعي السياحة والاستثمار. ويعتبر التخفيض في سعر المحروقات أحد الآليات المحبذة في تنشيط الاقتصاد وفق تعبيره.
وكان رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس، أمين ماتي، قد صرّح أواخر يونيو/حزيران الماضي خلال جلسة استماع عقدتها البعثة مع أعضاء لجنة المالية بالبرلمان، أنه يوجد أمام تونس هامش لإمكانية تخفيض أسعار المحروقات في السوق المحلية في ظل تراجع أسعار هذه المواد عالمياً.
وأضاف ماتي، أنه يتعين على تونس إيجاد آليات لدعم الفئات المهمشة إذا ما أرادت اتخاذ هذا القرار.
وعقدت البعثة سلسلة مشاورات مع أطراف حكومية وممثلي أحزاب ومجتمع مدني لتقييم تقدم الإصلاحات في تونس قبل اجتماع مرتقب لمجلس إدارة الصندوق أواخر يوليو/تموز الجاري.

اقرأ أيضا: الإرهاب يُفقر العرب

ويدعم صندوق النقد الدولي تونس من خلال برنامج بقيمة 1.7 مليار دولار سحبت منه تونس عدد من الدفعات بإجمالي 1.1 مليار دولار تقريباً لتمويل الميزانية، ويتعين عليها التقدم في الإصلاحات للحصول على 600 مليون دولار المتبقية.
ويأتي مقترح الحكومة، تماشياً مع انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية والتي بلغت منذ بداية السنة إلى نهاية يونيو/حزيران مستوىالإرهاب يُفقر العرب 58 دولاراً للبرميل في المتوسط، مقابل 95 دولاراً مقدرة في موازنة تونس للعام 2015.

ودعت منظمة الدفاع عن المستهلك (منظمة غير حكومية) الحكومة إلى خفض سعر بيع المحروقات في السوق المحلية بقيمة 100 مليم.
وبررت المنظمة مطلب التخفيض بالاستقرار النسبي لسعر المحروقات في السوق العالمية لفترة طويلة نسبياً مبينة أن هذا الإجراء من شأنه أن يبعث رسالة طمأنة للمستهلك ويساهم في تراجع أسعار المواد والخدمات المعتمدة على المواد البترولية.
ولاحظت أن نفس الإجراء سيساهم بصفة ملحوظة في السيطرة على معدلات التضخم إلى نهاية 2015 على أن يتم رفع أسعار هذه المواد إذا ما شهد سعر البترول الخام زيادة في السوق الدولية.
وكانت الحكومة التونسية قد أقرت عند المصادقة على ميزانية الدولة في ديسمبر/كانون الأول 2014، جملة من الإجراءات بهدف ترشيد الدعم الموجه للمحروقات وخفضه بقيمة 356 مليون دينار (180 مليون دولار) منها 206 ملايين دينار تحت بند تعديل تعريفة الكهرباء و150 مليون دينار تحت بند تعديل أسعار المحروقات.
وتلتهم منظومة الدعم في تونس سنوياً قرابة 5.4 مليارات دينار تونسي (2.73 مليار دولار) ولا يذهب منها إلى الفئات الفقيرة والمتوسطة سوى 1.3 مليار دينار (656 مليون دولار) فيما تنتفع ببقية مبلغ الدعم عدة أطراف أخرى ليست في حاجة إليه، على غرار المؤسسات العمومية وخاصة تلك العاملة في تكرير النفط، والشركة التونسية للكهرباء والغاز والمطاعم والمحلات التجارية وناقلات النفط الأجنبية والبواخر الكبرى.
ويذهب الدعم الموجه لقطاع لمحروقات بنسبة 70% لفائدة الأغنياء في حين لا يتمتع الفقراء والفئات الشعبية والمتوسطة إلا بـ 20% من الدعم وهو ما جعل الحكومة تبحث عن طريقة ما لتوجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين من خلال إصلاحات هيكلية تنتظر التطبيق التدريجي إبان الفترة المقبلة.
وتشير بعض الدراسات الاقتصادية التونسية، إلى أن الكلفة الإجمالية للدعم بتونس تقدر بنحو 30% من الناتج الداخلي الخام وتفوق هذه النسبة بأضعاف ما هو منصوص عليه بميزانية الدولة التي تتوقع توجيه نسبة 7% من الناتج الداخلي الخام فقط ضمن سياسة الدعم.
الدولار الأميركي يساوي 1.98 دينار تونسي

اقرأ أيضا: الإرهاب يستنزف الاقتصاد التونسي

المساهمون