الغلاء يغير العادات الاستهلاكية للسوريين

الغلاء يغير العادات الاستهلاكية للسوريين

28 يونيو 2015
سورية تواجه احتمالات مجاعة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

دفع الغلاء غير المسبوق في سورية، خلال شهر رمضان الحالي، الكثير من الأسر إلى تغيير عاداتها الاستهلاكية ، عبر الاستغناء عن الكثير من السلع الرمضانية واقتصار إفطارهم على الخبز وبعض أصناف الخضروات، بعد أن قفزت أسعار اللحوم والسلع الرمضانية بنحو كبير.
 
وتشير جمعيات لحماية المستهلك ومتابعون لحركة الأسواق إلى أن أسعار اللحوم ارتفعت خلال الأسبوع الأول من رمضان بنسبة 25%، والخضار بنحو 10% وبعض السلع الرمضانية من عصائر وتمور بـ 50%، فيما تؤكد البيانات الرسمية أن نسبة الفقر بين السوريين زادت لنحو 70% بسبب الحرب المستعرة منذ أكثر من 4 أعوام.

وقال رئيس جمعية حماية المستهلك، عدنان دخاخني، إن العائلة السورية المكونة من 5 أشخاص تحتاج لأكثر من 100 ألف ليرة (300 دولار) لتأمين جميع متطلباتها واحتياجاتها ونفقاتها خلال شهر رمضان، مشيرا إلى أنها بحاجة لـ 2500 ليرة (11.4 دولاراً) يومياً على الأقل لتأمين لوازم الإفطار ومستلزمات الغذاء والشراب.

وأضاف دخاخني أن الاستهلاك أصبح محدوداً بالنسبة للعائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل، فالدخل هزيل والأسعار غير معقولة.

وبحسب الخبير الاقتصادي، عماد الدين المصبح، فإن معظم السوريين غيروا عاداتهم الاستهلاكية خلال شهر رمضان، نظراً لتردي الأوضاع المعيشية، وانعدام الدخول بعد فصل الكثير من الموظفين في المناطق الثائرة، وتراجع عائدات الزراعة، وتفشي البطالة بنسبة وصلت لنحو 80% بين سوريي الداخل، مشيرا إلى أن الموائد الرمضانية اقتصرت على بعض الخضار والخبز واللحوم المهربة مجهولة المصدر أحياناً.

وأضاف المصبح، لـ "العربي الجديد"، أن متوسط دخل الفرد في سورية نحو 30 ألف ليرة شهريا (100 دولار) في حين ارتفعت الأسعار أكثر من 10 أضعاف منذ بداية الثورة قبل أربع سنوات.

وتابع أنه لا ينبغي إلقاء المسؤولية كاملة على التجار واتهامهم باستغلال السوريين، لأن المشكلة الأساسية تتعلق بأن المعروض من السلع ضئيل، رغم تراجع القوة الشرائية للمواطن بشكل كبير.

ورغم التنبؤ بانخفاض الأسعار بعد فورة الشراء خلال الأسبوع الأول من رمضان، إلا أن خبراء ومواطنين يقولون إنها واصلت زيادتها، لا سيما الخضار والفواكه في أسواق العاصمة دمشق.

وقال محسن جوخدار (40 سنة) من حي دمر بدمشق إن سعر كيلو البندورة في السوق يصل إلى نحو 100 ليرة (0.46 دولار)، وكيلو الخيار بـ 140 ليرة (0.64 دولار) والليمون 250 ليرة (1.14 دولار).

اقرأ أيضاً: لاجئو سورية يستقبلون رمضان بضنك العيش

وأضاف جوخدار في اتصال هاتفي بمراسل "العربي الجديد"، أن أسعار الفواكه، زادت أيضا رغم الموسم وزيادة العرض، فقد زاد سعر كيلو البطيخ عن 80 ليرة (0.37 دولار) والكرز عن 500 ليرة (2.29 دولار) والمشمش 400 ليرة (1.83 دولار).

وشهدت بعض السلع الرمضانية ارتفاعات كبيرة، حيث تتراوح أسعار العصائر الطبيعية المعلبة ذات النوعية الجيدة بين 1000 و1500 ليرة، كما ارتفعت أنواع العصائر، حتى يدوية الصنع، فزاد سعر كيلو العرقسوس عن 125 ليرة والتمر هندي عن 170 ليرة.

وحول أسعار اللحوم في رمضان، أشار جوخدار إلى أنها ارتفعت بنسبة لا تقل عن 25%، حيث يزيد سعر كيلو لحم الخروف عن 3800 ليرة (17.38 دولاراً) وسعر كيلو الدجاج 650 ليرة (3 دولارات) وصحن البيض 25 بيضة من 450 إلى 600 ليرة.

وكانت أسواق دمشق قد شهدت حالات غش للحوم، وخاصة المستوردة والمثلجة مجهولة المصدر، التي يستوردها تجار قريبون من الحكومة، كما قالت مصادر لـ"العربي الجديد".

وقال عضو جمعية حماية المستهلك بدمشق، بسام درويش، إن نسبة غش لحم العجل في أسواق دمشق بلغت 90%، وذلك من خلال خلطها بلحوم مجمدة ولحوم جاموس.

وأوضح درويش، خلال تصريحات صحافية أخيرا، أن أسواق دمشق تستهلك يومياً 50 طناً من اللحوم، مؤكداً أن استهلاك اللحوم انخفض لنحو النصف مقارنةً مع استهلاك ما قبل 4 أعوام، لارتفاع أسعاره كثيراً.

وحول ارتفاع أسعار الدواجن والبيض، برر المدير العام للمؤسسة العامة للدواجن، سراج خضر، بأن المؤسسة تخسر يومياً ثلاثة ملايين ليرة (13.7 ألف دولار)، قائلا " نبيع الإنتاج بأقل من التكاليف بسبب الأزمة، والأسعار يتم وضعها من وزارة التجارة الداخلية ومربي الدواجن وعلى ضوء الاتفاق بينهم يتم وضع التسعيرة التأشيرية".

وأضاف خضر: "الحقيقة أن قطاع الدواجن يتعرض لخسائر كبيرة وقد خرج من العملية الإنتاجية الكثير من المربين، مما أدى لقلة الإنتاج وسط زيادة في الطلب".

أما الأسعار في المناطق المحررة "ريفي حلب وإدلب شمالي غرب سورية"، فقد شهدت طفرة مع حلول شهر رمضان بسبب قلة المشتقات النفطية وارتفاع سعر لتر المازوت من 70 ليرة قبل رمضان إلى 500 ليرة، قبل أن ينخفض منذ أيام لنحو 400 ليرة، مما أثر على ارتفاع عدة سلع ومنتجات.

كانت دراسة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا)، قد أشارت إلى أن 18 مليون سوري يعيشون "تحت خط الفقر الأعلى"، لافتة إلى أن سورية تواجه "احتمالات المجاعة لأول مرة في التاريخ الحديث".


اقرأ أيضاً: "الملهَميون" يوزعون الفرح والغذاء للمحاصرين والمهجرين السوريين

المساهمون