اقتصدوا يرحمكم الله

18 يونيو 2015
إنفاق الأسر العربية يرتفع بقوة في رمضان (فرانس برس)
+ الخط -
وكأن الأسر العربية على موعد مستمر مع المعاناة والأزمات المعيشية والضغوط المادية، وبدلاً من أن يتحول شهر رمضان الكريم إلى مناسبة سنوية للتقشف وترشيد النفقات وإعادة التوازن والانضباط للميزانية المحدودة والمعروف سلفاً أوجه انفاقها؛ وتكاد تغطى بالكاد الاحتياجات الرئيسية من مأكل ومشرب ومسكن وعلاج، بات الشهر من أصعب الشهور التي تعاني منها معظم الأسر من الناحية الاقتصادية والمالية.

إذ يعقب هذا الشهر الفضيل مباشرة إنفاق إضافي أيضاً، حيث تحل مناسبة عيد الفطر التي تستنزف جزءاً لا بأس به من ميزانية الأسر العربية، وكأن البذخ والإسراف والشره الاستهلاكي وزيادة الإنفاق بات مرتبطاً بشهر رمضان الذي هو أصلاً شهر الصيام والقيام والبعد عن الشهوات وقلة الأكل والشراب.

قبيل قدوم شهر رمضان تنطلق معظم الأسر العربية نحو شراء كل شيء، أو لنقل شراء كل ما يقع تحت يدها وما تطوله ذراعها من سلع، وبدلاً من أن تشتري ما يكفيها ليوم أو يومين أو حتى أسبوع، تشترى احتياجات أسبوعين وربما احتياجات الشهر بأكمله، وكأن رفوف المحال التجارية والأسواق ستفرغ من السلع خلال ساعات، أو أن أسعار السلع ستتضاعف خلال فترة وجيزة، أو أن حربا ستقوم غداً، وبالتالي يجب تخزين السلع والأغذية لفترات طويلة.

ومع إقبال العائلات نحو شراء كل شيء في بداية شهر رمضان تحدث ضغوط شديدة على جميع السلع المتاحة في الأسواق، خاصة المرتبطة بالشهر الكريم، بل إن الشراء يطول أيضاً سلعا غير استراتيجية ولا تتشكل أهمية قصوى للأسر مثل الفوانيس والمكسرات والياميش وغيرها.

والنتيجة النهائية للاستهلاك المفرط والشره حدوث ارتفاعات قياسية في الأسعار، يستغلها التجار ضعاف النفوس الذين يحتكرون بعض السلع أو يخزنونها حتى ترتفع أسعارها ثم يطرحونها في الأسواق بأسعار عالية، وهذه الارتفاعات تكوي الأسر الفقيرة والمتوسطة معاً.

المنطق الاقتصادي للأمور يقول إن الاستهلاك يتراجع بشدة خلال شهر رمضان، وبالمنطق الرياضي ينخفض الاستهلاك إلى الثلثين، لأن معظم الأسر تتناول وجبتين بدلاً من ثلاث، لكن المنطق السلوكي يقول عكس ذك حيث يزيد إنفاق الًأسرة العربية بشكل كبير خلال الشهر لدرجة الشراهة المفرطة والقاء أطنان من الأكل في صفائح الزبالة.

اقتصدوا يرحمكم الله خلال الشهر الكريم، وبدلاً من أن تسرفوا مدوا يد العون للفقراء والمحتاجين ..قللوا الاستهلاك ..أعطوا الشهر روحانيته.
وكل عام وأنتم بخير.

المساهمون