الدولار يهدّد تنافسية أميركا

الدولار يهدّد تنافسية أميركا

14 مارس 2015
لماذا يرتفع الدولار بشكل قوي؟ (Getty)
+ الخط -
رغم المنافع العديدة التي تجنيها أميركا من قوة الدولار، إلا أن الشركات الأميركية تتخوف من قوته على إضعاف قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، وخصوصاً آثاره السالبة على الشركات التي تعتمد في إيراداتها على التصدير. ومعلوم أن المستهلك في أنحاء العالم يفضل شراء البضائع التي تباع بعملة رخيصة، مثل اليورو والين على شراء نفس البضائع التي تباع بعملة مرتفعة مثل الدولار أو حتى الفرنك السويسري
وحسب خبراء أميركيين، فإن الفيدرالي الأميركي لا يرغب في أن يكون البنك المركزي الوحيد الذي يتجه لرفع معدل الفائدة، حيث يمثل ارتفاع الدولار مزيدا من التكلفة على صعيد الصادرات الأميركية.
وطالب مصدرون السلطات الأميركية بضرورة محاولة تقليص الأثر السلبي لارتفاع الدولار، مشيرين إلى أنه في بعض الأوقات قد تكون قوة العملة ضعفًا في واقع الأمر. وساعد برنامج "التيسير الكمي" الذي نفذه الاحتياط الفيدرالي، والذي تزامن مع معدلات الفائدة القياسية المنخفضة في انتعاش الاقتصاد الأميركي ودعم الأسعار.
ولكن مع تحرك الولايات المتحدة نحو الانتقال لمرحلة ما بعد طبع النقود، فإن ارتفاع الدولار يشكل خطراً على مبيعات وأرباح عشرات الشركات الأميركية، وفقاً للتقرير الأخير لمؤسسة "ماركت ووتش" الأميركية.
وهناك 475 شركة أميركية مدرجة في مؤشر "إس أند بي 500" و 113 منها أو حوالى 24% منها استمدت أكثر من نصف إيراداتها السنوية التي أعلنتها مؤخراً من عمليات التصدير. وأشارت "ماركت ووتش" في تقريرها إلى أن هناك صعوبة في تحليل بيانات الشركات المدرجة بمؤشر "إس أند بي 500"، لأن من بين المشكلات عدم توفير معلومات كافية عن الجداول المالية للشركات، حتى يتسنى حساب حجم الإيرادات المحصلة عبر الصادرات، مقارنة بحجم الإيرادات الكلي.

وعاود الدولار الأميركي الارتفاع خلال تعاملات أمس الجمعة، ليقفز لأعلى مستوياته في نحو 12 عامًا مقابل العملات الرئيسية، مع ترقب اجتماع مجلس الاحتياط الفيدرالي في الأسبوع المقبل. وذلك حسب رويترز. وكانت العملة الأميركية قد تراجعت يوم الخميس، عقب بيانات أظهرت هبوط مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة 0.6% خلال شهر فبراير/شباط الماضي، قبل أن يرتفع مؤشر الدولار أمس لمستوى 100.060 نقطة، وهو أعلى مستوياته منذ أبريل/نيسان 2003. وصعد الدولار أمام اليورو بنحو 0.3%، لتتراجع العملة الأوروبية الموحدة لمستوى 1.0602 دولار في التعاملات المبكرة أمس. كما ارتفع الدولار مقابل الين الياباني بنسبة 0.1% إلى 121.4 يناً، وصعد بنحو 0.1% أمام الجنيه الإسترليني، ليصل إلى مستوى 1.4862 دولار. وزادت "العملة الخضراء" بحوالي 0.3% أمام نظيرتها الكندية إلى 1.2731 دولار، بينما بلغت نسبة ارتفاع الدولار أمام الفرنك السويسري نحو 0.3% إلى 1.0054 فرنك.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية في مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي" الأميركي خلال الأسبوع المقبل، مع ترقب المستثمرين لأية إشارات بشأن موعد رفع الفائدة الأميركية القريبة من "الصفر".
واعتبر تقرير نشره موقع صحيفة "واشنطن بوست" أن الولايات المتحدة تخسر حرب العملات الدائرة في الوقت الحالي، مع ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.
ويذكر أن اليورو يواصل تراجعه لأدنى مستوياته في 12 عامًا يوم الأربعاء الماضي، ليصل إلى مستوى 1.05 دولار، مقابل 1.39 دولار بنهاية العام الماضي. وهبطت العملة الأوروبية الموحدة مقابل الدولار بنسبة بلغت 24% خلال 11 شهرًا، وسط توقعات باستمرار التراجع خلال الفترة المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن قوة الدولار تعتبر أمرًا إيجابياً بالنسبة للأميركيين الراغبين في قضاء عطلاتهم في الخارج، ولكنه يمثل خبرًا سيئاً بالنسبة للمؤسسات التي تسعى لبيع منتجاتها في الأسواق العالمية. وشهدت الأسهم الأميركية تراجعًا خلال الفترة الماضية، مع تضرر الشركات التي تعتمد على المبيعات الخارجية من ارتفاع الدولار مقابل كل العملات العالمية تقريبًا.
ولكن لماذا يرتفع الدولار بشكل قوي؟


اقرأ أيضا: سوق الصرف تواجه الطوفان

في الواقع إنه كلما زادت قوة الاقتصاد فإن العملة المحلية ترتفع، وبالإضافة إلى ذلك فإن العملات تميل إلى الصعود مع اتجاه السياسة النقدية للتشديد، بينما تتراجع مع تيسير السياسة. وتتجه البنوك المركزية إلى رفع معدل الفائدة مع ارتفاع النمو الاقتصادي، وخفضه مع ضعف الاقتصاد، إلا أن بعض البنوك ارتكبت أخطاءً مثلما فعلت أوروبا بتشديد السياسة المالية رغم استمرار ضعف الاقتصاد. ويشهد الاقتصاد الأميركي انتعاشة كافية تبرر رفع معدل الفائدة خلال الفترة المقبلة، في حين أن باقي الاقتصادات الكبرى تسجل تباطؤاً يدفعها لخفض الفائدة. وقامت الكثير من البنوك المركزية بتخفيف سياستها النقدية خلال الأشهر الماضية، منها أستراليا، كندا، تشيلي، الصين، الدنمارك، مصر، الهند، إندونيسيا، بيرو، بولندا، سنغافورة، السويد، سويسرا، وتركيا، بالإضافة إلى منطقة اليورو.
وأطلق البنك المركزي الأوروبي برنامجاً لشراء السندات في منطقة اليورو عن طريق طباعة أموال جديدة، ضمن عملية للتيسير الكمي تستهدف دعم النمو الاقتصادي، والتضخم.
كما تواصل اليابان شراء المزيد من السندات في الفترة الحالية، مع استمرار الركود الاقتصادي الذي تعاني منه منذ نحو عقدين من الزمن. وفي الواقع فإن ارتفاع العائد على الموجودات الأميركية خلال العام الجاري يرفع الطلب على الدولار. ويفضل المستثمرون شراء السندات الأميركية لآجل 10 سنوات التي يبلغ العائد عليها 2.13%، على السندات الألمانية التي تباع بأسعار فائدة سالبة في الوقت الراهن. وتشير تقديرات في لندن إلى أن حوالى ترليون يورو ربما تهرب من منطقة اليورو خلال العام الجاري إلى أميركا.
ويقول اقتصاديون إن هذا الوضع لن يتغير، إلا حينما يتوقف التباين بين السياسة النقدية في الولايات المتحدة، ونظيرتها في أوروبا، حيث توقع "دويتشه بنك" هبوط اليورو لمستوى 90 سنتاً أميركياً بنهاية عام 2016، ليتراجع إلى 85 سنتاً مع نهاية 2017.
وأشارت صحيفة "واشنطن بوست" إلى أن مصرف الاحتياط الفيدرالي الأميركي قد يؤجل رفع معدل الفائدة، بالرغم من هبوط معدل البطالة إلى 5.5%، حيث إنه لا يجد سببًا للتسرع بشأن تطبيع السياسة المالية، مع عدم وجود إشارات على ارتفاع التضخم، أو وجود فقاعات مالية.

اقرأ أيضا:
"التيسير الكمي" أحدث الكبسولات لإنقاذ أوروبا من الإفلاس