أوبك تتجه نحو الإبقاء على سقف الإنتاج في ديسمبر

أوبك تتجه نحو الإبقاء على سقف الإنتاج في ديسمبر

12 نوفمبر 2015
منشآت تخزين النفط بميناء روتردام الهولندي (Getty)
+ الخط -
فيما تبقت أسابيع على اجتماع منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك"، الذي سيعقد في 4 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، تتواصل معركة "كسر العظم" على حصص المبيعات والحصول على أكبر عدد من الزبائن في أسواق الطاقة العالمية بين كبار المنتجين دون اعتبار لتدهور الأسعار.
وحتى الآن لا تبدو، هنالك أية بوادر أن أعضاء المنظمة سيتخذون أية قرارات في اجتماع "أوبك" المقبل بفيينا لخفض سقف إنتاج المنظمة الحالي البالغ 30 مليون برميل يومياً.
وهذا لا يعني وحسب خبراء نفط غربيين، أن التيار المطالب بخفض سقف الإنتاج الذي تقوده فنزويلا وإيران وتابعها العراق والجزائر سيرفع الراية البيضاء أمام المنطق السعودي الذي يرى مواصلة "أوبك" في صراع الحفاظ على الحصص والتضحية بإيرادت النفط على المدى القصير في سبيل السيطرة على السوق في المدى الطويل.
وأكدت السعودية في تصريحات نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" عن مسؤوليين نفطيين، أنها لن تغير موقفها الرافض التضحية بحصص الأسواق العالمية في سبيل دعم الأسعار.
وترى السعودية أن منظمة" أوبك" أرتكبت خطأ في الثمانينات حينما خفضت سقف الإنتاج في سبيل دعم الأسعار وانتهت إلى فقدانها حصصاً رئيسية من مبيعاتها في الأسواق العالمية.
وتؤكد السعودية في أكثر من تصريح أنها لن ترتكب هذا الخطأ مرة أخرى، وأنها ستواصل كسب الزبائن مهما كلف ذلك. وكدليل على أن السعودية ستصر على موقفها في اجتماع" أوبك" في ديسمبر المقبل، فإن أرامكو تركت عقود زبائنها مع المشترين في أوروبا وآسيا دون تغيير.
وفي هذا الصدد، قالت مصادر مطلعة بقطاع تجارة النفط أمس إن السعودية أكبر بلد مصدر للخام في العالم ستزود اثنين على الأقل من المشترين الآسيويين بكامل كميات النفط الخام المتعاقد عليها في ديسمبر/كانون الأول وذلك دون تغيير عن نوفمبر/تشرين الثاني.

كما تواصل السعودية في ذات الاتجاه التوسع في مبيعاتها الأوروبية وكسب زبائن جدد على حساب روسيا، مستفيدة في ذلك من علاقات شركة أرامكو الواسعة مع شركات النفط العالمية التي تملك المصافي ومحطات توزيع الوقود في الدول الأوروبية. كما تستفيد أرامكو كذلك من كلفة الإنتاج الرخيصة التي تنخفض في بعض الحقول الكبيرة إلى حوالى 60 سنتاً للبرميل ولا تفوق مستويات 10 إلى 12 دولاراً في الحقول الصغيرة والمتوسطة، مقارنة مع كلفة الإنتاج المرتفعة في روسيا التي تفوق 30 دولاراً للبرميل. وقد سبب هذا التوسع السعودي إزعاجاً كبيراً لشركة "روسنفت" التي تعتبر أوروبا "حديقة خلفية" لمبيعاتها من النفط والغاز. ويلاحظ أن أرامكو كسبت عقوداً جديدة في كل من بولندا وبعض دول أوروبا الشرقية التي كانت جزءاً من الامبراطورية الحمراء قبل سقوط الشيوعي، وهذا ما أثار حفيظة المسؤولين النفطيين الروس.
وفيما تملك شركة أرامكو والمملكة العربية السعودية علاقات جيدة مع الدول والشركات الأوروبية التي تستهلك وتتاجر في النفط ومشتقاته، تعيش الشركات الروسية وعلى رأسها شركة" روسنفت"، وضعاً قاسياً وسط الحظر الغربي على روسيا من جهة ، وتوجه دول منطقة اليورو، من جهة أخرى نحو تنويع مصادر وارداتها النفطية والغازية بعيداً عن موسكو. وسط هذه الظروف يجد المستهلكون الأوروبيون في العقود الرخيصة والخصومات السعرية التي تمنحها أرامكو حالياً،فرصة ذهبية للتقليل من مشتريات النفط الروسي. ويرى العديد من خبراء الطاقة الأوروبيون أن موسكو تستخدم النفط والغاز كسلاح سياسي في صراعها مع أوروبا.
وعلى صعيد معركة السعودية مع النفط الصخري، يلاحظ أن السعودية بدأت تكسب هذه المعركة، حيث انخفض إنتاج هذه الحقول، بحوالى 130 ألف برميل في أغسطس/ آب. ومن المتوقع أن يتواصل الانخفاض مع الخصومات الكبيرة التي يمنحها المنتجون العرب وتوجّه شركات المصافي لزيادة مشترياتها من النفط المستورد الرخيص مقارنة مع كلف شراء النفط الصخري.

اقرأ أيضا:شركات النفط تطالب إيران بعقود "جذابة"

وأمام ظروف تدهور أسعار النفط إلى مستويات تحاصر "منتجي النفوط ذات الكلفة المرتفعة" والخصومات الكبيرة في أسعار النفط التي تمنحها أرامكو لزبائنها القدامى والجدد، يبدو أن السعودية بدأت تكسب الرهان رغم الكلفة العالية التي تكبدتها. ويستبعد محللون غربيون أن تغير السعودية موقفها من عدم خفض سقف إنتاج "أوبك" في اجتماع فيينا المقبل، مهما كانت درجة المعارضة من إيران ومعسكرها. ويرى بعض الخبراء أن "أوبك" بحاجة إلى السعودية وليس العكس، لأن "أوبك" بدون السعودية لن تكون مؤثرة على أسواق النفط وبالتالي مهما كانت درجة المعارضة والاحتجاج، فإن أعضاء "أوبك" سيرضخون للموقف السعودي بالإبقاء على سقف الإنتاج دون تغيير.

وتراهن السعودية صاحبة الاحتياطات الأكبر والدولة الوحيدة في العالم التي تملك طاقة فائضة "حوالى 2.5 مليون برميل يومياً" ، يمكن إستخدامها في أية لحظة لإعادة الاتزان للسوق العالمي في أوقات الأزمات، تراهن على أنها ستكسب السباق ضد المنتجين الآخرين، خاصة شركات النفط الصخري في أميركا وروسيا ودول النفوط ذات الكلفة العالية في كندا والمياه العميقة.
وفي هذا الصدد أكد نائب وزير البترول السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن الوضع الحالي لأسعار النفط المنخفضة ليس جديداً وليس مستداماً، مبيناً أن الأسعار المنخفضة لا يمكن أن تستمر لفترة طويلة، كما أن الأسعار العالية السابقة كانت غير مستدامة أيضاً.
وأوضح الأمير عبدالعزيز أمام وزراء طاقة الدول الآسيوية في الدوحة يوم الإثنين، أن الطلب سيستمر في النمو، فيما سينخفض الإنتاج العالمي من النفط، إذ لا يمكن أن يستمر الإنتاج بدون استثمارات، ولا يمكن أن يستمر الاستثمار في مشاريع الطاقة في ظل الأسعار المتدنية الحالية. وقال: في الواقع، بعد ثلاثة أعوام من النمو الإيجابي، فإن من المتوقع أن تنخفض إمدادات الدول المنتجة من خارج منظمة أوبك في 2016، أي بعد عام واحد فقط من تخفيض الاستثمارات.
وتوقع الأمير عبد العزيز أن انخفاض إمدادات الدول المنتجة من خارج "أوبك" سيكون بوتيرة أسرع، في العام المقبل. لأن إلغاء المشاريع الاستثمارية وتأجيلها سيظهر تأثيره على الإمدادات المستقبلية، كما سيتلاشى تدريجياً تأثير الاستثمارات في مجال إنتاج البترول التي جرت خلال السنوات الماضية. وأضاف أن فورة إنتاج النفط التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة قد لا تستمر لفترة أطول، وسيبدأ الإنتاج من خارج دول" أوبك" في الانخفاض في العام المقبل، وسيتزايد هذا الانخفاض في الفترة التي تلي ذلك. ولكن رغم هذا التفاؤل، فإن الفوائض النفطية في الأسواق والتي تفوق مليوني برميل والتدهور في الاقتصاد الصيني وانعكاساته على آسيا تجعل من الصعوبة تحسن الأسعار في المستوى المنظور.

اقرأ أيضا: 338 مليار دولار خسائر منتجي النفط في 2014

المساهمون