مصر: أزمة حادة في المعروض من السكر ترفع أسعاره

06 سبتمبر 2023
توقعات بموجة جديدة من ارتفاع الأسعار في مصر (Getty)
+ الخط -

تشهد الأسواق المصرية أزمة حادة في المعروض من السكر المحلي والمستورد، أدت إلى ارتفاع أسعاره بمعدلات متضاعفة خلال أسابيع، مع توقع زيادة هائلة بالأسعار الفترة المقبلة. 

اتهمت الشركات المنتجة، كبار التجار بافتعال أزمة عبر خفض الكميات المعروضة بالأسواق، لدفع الأسعار إلى أعلى، والتي بلغت معدلات قياسية، بينما يتهم التجار الشركات التي تشرف عليها الجهات الحكومية بخفض التوريد للموزعين والأسواق، مستهدفة توجيه جزء من الإنتاج إلى الأسواق الدولية، لبيعه بالعملة الصعبة. 

كشف انسحاب مفاجئ لوزير سابق و3 رؤساء أكبر شركات حكومية، منتجة للسكر عن حضور ندوة، مساء أمس الثلاثاء بنقابة الصحافيين، مجدولة منذ أسبوعين، تحت عنوان "صناعة السكر في مصر بين الواقع والتحديات" عن إدارة الحكومة لأزمة السكر، ورغبتها في استمرارها بالأسواق. 

وقال محمد خراجة أمين الصندوق نقابة الصحافيين والمشرف على تنظيم الندوة، لـ"العربي الجديد"، إنه فوجئ باعتذار مختار خطاب رئيس شركة النوبارية العامة لبنجر السكر ووزير قطاع الأعمال السابق، ومعه اللواء عصام بديوي رئيس شركة السكر التكاملية، وأحمد أبو اليزيد رئيس شركة الدلتا للسكر، وهم أكبر جهات رسمية منتجة للسكر في مصر، عن مناقشة الموضوع قبل دقائق من انعقاد الندوة. 

أضاف خراجة أن المسؤولين تعهدوا بالإفصاح عن الأطراف المسببة لأزمة السكر، في وقت تتوافر بالمصانع كميات هائلة من السكر تكفي احتياجات البلاد، لعشرة أشهر، وبينما يباع كيلو السكر من المصنع بسعر 13 جنيهاً (نحو 0.4 دولار) للحكومة والموردين، وتطرحه الحكومة بسعر 22 جنيهاً، ويزيد في القطاع الخاص إلى 34 جنيهاً. 

أفصح خراجة عن وجود جهات عليا وراء ممارسة الضغوط على المنتجين، الذين طلبوا من الحكومة أن تساعدهم في خفض الخسائر بالمصانع، مع ارتفاع تكلفة الإنتاج للكيلو بالمصنع إلى 15 جنيهاً بينما تفرض عليهم سعراً للتوريد لا يزيد عن 13 جنيهاً للكيلو، ليعاد بيعه لكبار التجار ما بين 28 و30 جنيهاً للكيلو، بما يضع ضغوطاً على المصنعين، ويصطنع أزمة في سلعة تتوافر محليا. 

أضاف خراجة أنّ منع المسؤولين المتحمسين لحماية حقوق المستهلكين من مناقشة القضايا الاقتصادية الحيوية، يظهر وجود جهات تعمل على حرمان المجتمع من معرفة المعلومات المرتبطة بحياته اليومية، ويتحمل توابعها من موجات غلاء حادة، تحول دون قدرته على مواجهة أعباء المعيشة. 

مسؤولية حكومية

يحمّل خبراء الحكومة مسؤولية أزمة ارتفاع أسعار السكر، بإعلانها عن استيراد كميات إضافية من الخارج، لتبريد أسعار السوق، بينما حصلت عليها من المصانع المحلية، بسعر جبري، مع توجهها إلى تصدير السكر والأزر المحلي إلى الدول المجاورة، لمساعدتها في الحصول على الدولار، الذي تسعى إلى تدبيره بنهم لدفع أقساط الديون المستحقة للجهات الدائنة. 

يباع كيلو السكر بسعر 34 جنيهاً في الأسواق، إثر تجدد موجة غلاء أصابته بنسبة 80٪ في يوليو/ تموز الماضي، وارتفاعات سابقة على مدار العام، رفعت الزيادة من 16 جنيهاً إلى ما يزيد عن ضعف الأسعار السائدة خلال نفس الفترة من العام الماضي. 

أعلنت وزارة التموين المصرية عن طرح كميات من السكر المدعم، بسعر 12.6 جنيهاً لتوزيعه على بطاقات الدعم التمويني بواقع كيلو للفرد، وبحد أقصى 6 كيلوغراماً للأسرة.  

وتعهدت الوزارة بطرح كميات إضافية من السكر عبر المجمعات الاستهلاكية، بسعر 22 جنيهاً للكيلو، لحاملي بطاقات الدعم التمويني، مشيرة إلى وجود احتياطي استراتيجي من السكر يكفي البلاد، حتى إبريل/ نيسان 2024. 

يقول أحمد أبو اليزيد رئيس شركة الدلتا العامة لإنتاج السكر من البنجر، في تصريحات صحافية، إنّ أزمة السكر مفتعلة، وسببها جشع التجار الذين يسعون إلى تحقيق أرباح طائلة، عبر تقليل الكميات المعروضة بالأسواق، مبيناً رفع سرع الجملة ما بين 100 جنيه و150 جنيهاً للطن. 

وأنتج 64 مصنعاً للسكر نحو 2.8 مليون طن من سكر القصب والبنجر والذرة عام 2022، بزيادة 400 ألف طن عن عام 2021، بينما يصل حجم الاستهلاك الكلي إلى 3.2 مليون طن، بمعدل 34 كيلوغراماً للفرد سنوياً. 

رفعت وزارة الزراعة سعر توريد كن قصب الشكر من 1100 جنيه إلى 1500 جنيه، وسعر توريد طن بنجر السكر من 875 جنيه إلى 1500 جنيه، مستهدفة زيادة عدد المنتجين، ووقف استيراد السكر من الخارج. 

تشهد أسواق السكر العالمية تراجعاً طفيفاً، مع تحسن إنتاج السكر في البرازيل وتراجع الاستهلاك العالمي، خلال العام الحالي. 

رفعت شركات السلع الغذائية أسعار السكر والمنتجات الغذائية الأساسية، مطلع سبتمبر/ أيلول الجاري. 

موجة غلاء جديدة

وأرجع حازم المنوفي عضو اتحاد الغرف التجارية، في تصريحات إعلامية، زيادة أسعار السلع بمتوسط 20٪، إلى رغبة الشركات في الحصول على المزيد من الأرباح على منتجاتها، داعياً الحكومة بفرض المزيد من الرقابة على الأسواق وكسر الاحتكار، الذي يمكنهم من فرض الأسعار التي يفرضونها بالأسواق. 

ويتوقع أعضاء شعبة المواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، موجة غلاء جديدة بأسعار الزيوت والسمن المهدرج، متأثرة بتطورات الحرب الروسية على أوكرانيا، وزيادة سعر الدولار في السوق السوداء بنسبة 30٪ عن سعره في البنوك والقنوات الرسمية، وندرة السلع المتوافرة بالأسواق، مع استمرار حجز الجمارك كميات هائلة من الواردات السلعية، لم يقدر أصحابها على دفع قيمتها كاملة بالدولار للموردين. 

نظمت وزارة التموين حملات على الأسواق، خلال الأسبوع الماضي، استهدفت مراقبة بيع الدخان بأعلى من الأسعار المحددة من قبل الجهات الموردة، ومصادرة مضبوطات مخالفة للمواصفات الفنية، دون أن تدفع بأي كميات بديلة للسلع الأساسية، التي ترتفع أسعارها على فترات متقاربة.

وتظهر الحملات على صفحات الجرائد، دون أن يكون لها أثر على حركة الأسواق، التي تدار عبر آلية العرض والطلب ويحدد السعر وفقاً للندرة، وقدرة الموردين على تدبير بدائل للسلع، وتسارع عمليات البيع من عدمه. 

المساهمون