عُمال غزة يحتجون ضد الحِصار الإسرائيلي: فقر وبطالة وتجويع

عُمال غزة يحتجون ضد الحِصار الإسرائيلي: فقر وبطالة وتجويع

28 سبتمبر 2023
خلال التحرك الاحتجاجي لعمال غزة (عبد الحكيم أبو رياش/ العربي الجديد)
+ الخط -

تظاهر عشرات العُمال الفلسطينيين، اليوم الخميس، أمام حاجز بيت حانون، الذي يفصل شمالي قطاع غزة عن الأراضي المحتلة عام 1948، احتجاجاً على تواصل الحصار الإسرائيلي للعالم السابع عشر على التوالي، إلى جانب تذبذب حركة فتح وإغلاق المعابر، والتي تؤثر بالسلب في عملهم.

وحمل المُشاركون في الوقفة العُمالية التي نظمها الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين "لكسر الحصار عن قطاع غزة" لافتات تدعو إلى التحرك الفوري لإنهاء الحصار الإسرائيلي الذي طاول مناحي الحياة كافة، والتوقف عن استعمال المعبر كوسيلة ضغط، لكونه يمسّ مباشرةً قوت العُمال وأسرهم.

وتوسّط اللافتة الرئيسية التي رفعها المُعتصمون التساؤل: "استمرار الحصار جريمة، 17 عاماً وغزة مُحاصرة، إلى متى؟"، وإلى جانبها: "استمرار الحصار يعني الانفجار"، و"لا لحصار غزة"، و"دعوا العُمال ليعيشوا بكرامة"، و"كفى حصار وتجويع"، و"ادعموا صمود العُمال"، و"كسر الحصار مطلب شعبي للعيش بكرامة".

وشدد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في غزة سامي العمصي، على أن الحصار الإسرائيلي "هو المُسبب الأساسي لكل الأزمات والمآسي التي يمُر فيها ويعيشها سكان القطاع، ولا سيما شريحة العمال، التي كانت الأكثر تضرراً ومعاناةً من الحصار الذي أسهم برفع نسبة البطالة إلى أكثر من 47%، وبلغت نسبتها في صفوف الشباب أكثر من 75%، فيما يعيش 60% من أسر العمال تحت خط الفقر، في الوقت الذي وصلت أعداد المتعطلين عن العمل إلى قرابة 280 ألفاً".

وبيّن العمصي، الذي ألقى بيان الاتحاد خلال الوقفة، التي نُظِّمَت أمام المعبر الذي يشهد مُغادرة وعودة العُمال، من وإلى قِطاع غزة، أن الحصار عَمّق المأساة الإنسانية لسكان القطاع، وألقى بظلاله الثقيلة على كل المجالات والقطاعات، وفي مقدمتها القطاع الزراعي والصناعي، والإنشاءات، واتساع فجوة انعدام الأمن الصحي والغذائي.

وشدد العمصي على أن الاحتلال يستخدم منذ العام الماضي ملف تصاريح العمل داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة كورقة سياسية واقتصادية ضاغطة على غزة، بهدف تحقيق مكاسب سياسية على حساب شريحة العمال التي تذهب للبحث عن قوت يومها بعد سنوات من التعطل من العمل بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي.

وأوضح أن إغلاق حاجز بيت حانون سبّب خسائر يومية تقدر بنحو 5 ملايين شيكل (نحو 1.3 مليون دولار)، بما يعادل 60 مليون شيكل خلال الأيام السابقة للعمال، البالغ عددهم أكثر من 19 ألف عامل، و"هذا ما لا يتحمله العمال الذين يعيشون واقعاً صعباً ومأساوياً في القطاع، وهم بحاجة ماسة لكل يوم من العمل، كما تعرض القطاع الصناعي للشلل جراء الحصار والحروب على القطاع، والذي سبّب تدمير أكثر من 2500 منشأة بشكل كلي أو جزئي، وتضرر القطاع الزراعي من منع التصدير الذي يشكل 25% من الاقتصاد الفلسطيني".

وحذر رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين الاحتلال من استمرار الحصار والإغلاق "الذي يُعتبر عقاباً جماعياً قسرياً، ويُخالف كل القوانين الدولية والأممية، إلى جانب أنه ينذر بانفجار الأوضاع داخل القطاع باتجاه الاحتلال وخروجها عن السيطرة، بعد تسببه بمعاناة إنسانية كبيرة لسكان القطاع، بخاصة شريحة العمال، إذ يجعل عملهم غير منتظم وغير مستقر، علاوة على الرفض الأمني المتكرر وسحب التصاريح الذي طاول الآلاف".

واستعرض العمصي خلال كلمته العديد من الأزمات التي يسببها تواصل الحصار الإسرائيلي، ومنها منع الاحتلال دخول مئات أصناف المواد الخام بحجة الاستخدام المزدوج، ما أدى إلى تعطل مئات المصانع وتسريح آلاف العمال، ومنع إدخال المستلزمات الخاصة بصيانة قوارب الصيد، ما أدى إلى انخفاض أعداد الصيادين من 5000 صياد لنحو 2000، إلى جانب منع دخول الأدوية، والوفود الطبية والإغاثية، ومحاربة المؤسسات الإغاثية وملاحقتها في البنوك.

وطالَب بيان الاتحاد العام لنقابات عُمال فلسطين الوسطاء بـالضغط على الاحتلال الإسرائيلي للفصل بين القضايا الإنسانية والسياسية، وإلزامه بالإيفاء بما تعهد به، برفع عدد العُمال في الداخل المحتل إلى 30 ألف عامل.

ودعا الاتحاد المؤسسات الدولية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" إلى تحمل مسؤولياتها، وزيادة نسبة المُساعدات المُقدمة للفلسطينيين في غزة، مُطالباً الدول العربية والمجتمع الدولي بإنهاء حالة الصمت، والعمل على كسر الحصار، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وسوء الأوضاع الاقتصادية في قِطاع غزة.

من جانبه، أوضح الفلسطيني نضال أبو عُمر أنه شارك في الوقفة "احتجاجاً على السياسة الإسرائيلية القاضية بالتحكم في أرزاق العُمال، من خلال فتح وإغلاق المعبر وفق الأهواء الإسرائيلية، والتي لا تُراعي حالة العامل، وظروفه المعيشية، والمُتطلبات اليومية لأسرته"، مشدداً على أن "الحِصار دَمّر حياة الفلسطينيين، وفاقم الأوضاع سوءاً".

وشَبّه أبو عمر، خلال حديثه مع "العربي الجديد" على هامش الوقفة الحِصار الإسرائيلي، بالسجن المفروض على أهالي القِطاع، وقال: "من الواجِب على السَجان أن يوفر الطعام والشراب والعمل ومتطلبات الحياة اليومية، نحن أصحاب الأرض، ومن غير المعقول أن يتمادى الاحتلال في سياساته العِقابية للناس، والتي باتت تمسّ قوت يومهم".

وقال الفلسطيني عبد الكريم الغرباوي، وهو عامِل مُتعطل عن عمله، ويعيل أسرة مكونة من ثمانية أفراد، لـ"العربي الجديد"، إن "من المُلِح إنهاء الحِصار، ودعم صمود العامل، حتى يعيش بكرامة مثل باقي عمال العالم بعيداً عن الحصار والتجويع".

وأضاف: "أصبحنا ننتظر شيك الشؤون الاجتماعية، والمُساعدات الإغاثية، ونعيش بالديون".

المساهمون