روسيا تتمدد في سوق الحبوب العالمي: الاستحواذ على ربع من صادرات العالم

26 مايو 2024
تحاول روسيا تطبيق حد أدنى غير رسمي لسعر محاصيلها/ بوركينا فاسو 26 يناير 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- روسيا تعزز موقعها في سوق الحبوب العالمي، مسيطرة على ربع الصادرات العالمية، بفضل استراتيجية توسع خارجي وهيمنة داخلية على قطاع الحبوب، مما قلل عدد الشركات العاملة ببعضها مرتبط بالكرملين.
- احتكار أكبر أربعة تجار روس لـ 75% من صادرات الحبوب من محطات البحر الأسود، بزيادة من 45% في السنوات الست الماضية، في ظل انسحاب شركات غربية كبرى بسبب العقوبات والضغوط الحكومية.
- الهيمنة الروسية تثير تساؤلات حول أسعار وإمدادات الحبوب المستقبلية، مع توقعات بزيادة صادرات روسيا إلى رقم قياسي ومحاولتها تطبيق حد أدنى غير رسمي لأسعار محاصيلها، مما يعزز سيطرتها وتأثيرها على السوق العالمي.

قالت وكالة بلومبيرغ الأميركية في تقرير لها اليوم الأحد، إن روسيا تتمدد في سوق الحبوب العالمي حيث باتت تهيمن على نحو ربع الصادرات العالمية من الحبوب في إطار توجه روسي إلى مزيد من الهيمنة على السوق منذ غزو أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.

وقامت خطة النظام الروسي على التمدد الخارجي في سوق الحبوب العالمي عبر الهيمنة داخلياً على قطاع إنتاج الحبوب وتصديرها على غرار ما قامت به السلطة في قطاع النفط والغاز، حيث بات عدد الشركات العاملة في قطاع الحبوب قليلاً جداً، كما أن بعضها له ارتباطات بالكرملين وفق الوكالة. وزاد من ذلك انسحاب عدد من الشركات الغربية التي كانت تعمل في السوق الروسي بضغط من حكوماتها رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا وفي إطار العقوبات الغربية المفروضة على موسكو. 

ويسيطر أكبر أربعة تجار روس الآن على 75% من الصادرات من محطات البحر الأسود الروسية، ارتفاعاً من 45% قبل ستة أعوام، وفقاً لديميتري ريلكو، مدير شركة IKAR الاستشارية ومقرها موسكو. وقال في مؤتمر GrainCom المنعقد في جنيف هذا الشهر: "لقد شهدنا عملية اندماج دراماتيكية في السوق في أيدي عدد محدود للغاية من اللاعبين".

وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في روسيا حوالي 24 مليون هكتار، وتُزرع معظم محاصيل القمح الروسي في منطقة الفولغا، ومنطقة شمال القوقاز، ومنطقة الأورال. 

وتوقفت شركات كارجيل وفيتيرا ولويس دريفوس عن توريد الحبوب من روسيا لتصديرها العام الماضي، وكانوا في السابق من بين أكبر 10 مصدرين. كما تعرضت شركة "تي دي ريف TD Rif " الروسية الخاصة لمضايقات حجمت إلى حد كبير من صادراتها منذ مارس/آذار الماضي. وأكد رئيس الشركة بيتر خوديكين في مارس الماضي إنه تعرض لضغوط لبيع الشركة التي تم تغيير اسمها لاحقاً في إبريل الماضي إلى " Rodnie Polya LLC".

واحتجزت السلطات الروسية، مطلع إبريل/ نيسان الماضي، سفينتين مصريتين محملتين بالقمح كانتا معدتين للتصدير. وقالت بلومبيرغ وقتها إن ذلك جاء "في أحدث علامة على أن النزاع الداخلي بين أحد كبار تجار الحبوب وهو تي دي ريف TD Rif والهيئة الروسية المنظمة للزراعة يعيق عمليات التسليم في الخارج". 

وبات السؤال الرئيسي هو كيف سيؤثر توحيد الحبوب في روسيا على سوق الحبوب العالمي، حيث تحاول بالفعل تطبيق حد أدنى غير رسمي لسعر محاصيلها، كما أن السيطرة الأقوى على قطاع الحبوب سيسهل على الحكومة التأثير على الإمدادات. 

ولا توجد دلائل على أن روسيا تعطل إمداداتها من الحبوب، حيث يذهب قسم كبير من صادرات الحبوب الروسية إلى الدول التي تربطها بها علاقات سياسية جيدة. وبلغ إجمال إيراداتها من الصادرات الزراعية نحو 45 مليار دولار في العام 2023.

وقال دان باس، رئيس شركة " AgResourc" الاستشارية ومقرها شيكاغو: "إن رغبات روسيا في السيطرة على عالم السلع الأساسية حقيقية، وتأثيرها على الحبوب آخذ في التزايد". 

وقال أندريه كولسنيكوف، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في موسكو: "إن الاتجاه نحو سياسات أكثر تشدداً وإيديولوجية محافظة يصاحبه حتماً تعزيز تدخل الدولة في الاقتصاد"، مضيفاً أن "الدولة أصبحت لا يمكن المساس بها سياسياً واللاعب الرئيسي في الاقتصاد". 

زيادة حصة روسيا في سوق الحبوب العالمي

وروسيا هي الدولة الوحيدة من بين أكبر مصدري القمح في العالم التي من المتوقع أن تزيد صادراتها عن العام السابق، وتوقع مجلس الحبوب العالمي في تقرير له أول من أمس الجمعة، أن تصدّر روسيا رقماً قياسياً قدره 53 مليون طن في السنة التسويقية الحالية، وهو ما يمنح القمح الروسي حصة في السوق العالمية تبلغ 26%، وهي الأعلى في تاريخ روسيا، بينما من المتوقع أن يشحن الاتحاد الأوروبي 35 مليون طن، مع قيام الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا والولايات المتحدة بتخفيض الشحنات، وفقاً للتقرير.

بينما تبلغ حصة روسيا في سوق الحبوب العالمي في العام الجاري وفقاً لتقرير بلومبيرغ نحو 24% والاتحاد الأوروبي 16% والولايات المتحدة وكندا وأستراليا 10% لكل منهم، بينما يتبقى نحو 29% لباقي دول العالم.

وفي حين ارتفعت أسعار القمح القياسية في الشهرين الماضيين، لا تزال أقل بنحو 50% عن المستوى القياسي المسجل في عام 2022 عندما عطلت الحرب تدفقات الحبوب عبر البحر الأسود، كما يتوقع ارتفاع الإمدادات الأميركية هذا العام مما يحد من ارتفاع الأسعار. 

المساهمون