"رايتس ووتش" تحذر من مخاطر التقشف والفساد في خطة صندوق النقد الدولي لمصر

31 يناير 2023
يواجه المصريون أزمة غلاء جعلت الملايين يكافحون للحصول على الغذاء (Getty)
+ الخط -

قالت "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة "الديمقراطية الآن للعالم العربي" اليوم الثلاثاء، إن اتفاق القرض الجديد الذي أبرمه "صندوق النقد الدولي" مع مصر بقيمة 3 مليارات دولار، يتبنى النهج الاقتصادي المستمر ذاته الذي يترك الحقوق الاقتصادية للملايين بلا حماية.

واعتبرت المنظمة أنه على الرغم من أن الاتفاق يتضمن جهوداً محسّنة لمعالجة المشاكل الهيكلية المتجذِّرة، مثل انعدام الشفافية بشأن دور الجيش في الاقتصاد وكذلك الحماية الاجتماعية غير الكافية؛ إلا أن ثمة بنوداً أخرى تخاطر بالإضرار بالحقوق، مثل التقشف وبيع أصول الدولة. 

ويعد هذا القرض الرابع تحصل عليه مصر من صندوق النقد منذ العام 2016. وسيوفر اتفاق القرض لمصر قرابة 3 مليارات دولار على مدى 46 شهراً، لمساعدة الحكومة في الوفاء بميزانيتها وميزان مدفوعاتها وسط التدهور المتسارع للأوضاع الاقتصادية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

من جانبها، قالت سارة سعدون، باحثة أولى في الفقر وعدم المساواة في هيومن رايتس ووتش: "يواجه المصريون أزمة غلاء جعلت الملايين يكافحون للحصول على الغذاء وباقي حقوقهم الاقتصادية. رغم أن توسيع برنامج المساعدات عبر التحويلات النقدية في إطار برنامج صندوق النقد الدولي الجديد خطوة إيجابية، لكنها غير كافية لحماية الناس من التكاليف المتصاعدة التي يفاقمها البرنامج".

وشهدت مصر ارتفاعاً حاداً في الأسعار وحماية غير كافية على مدار العام الماضي. وقد أدى الارتفاع الحاد في التضخم وأسعار المواد الغذائية والسلع إلى إضعاف  قدرة ملايين المصريين على الوصول إلى حقوقهم الاقتصادية. 

في أكتوبر/تشرين الأول، أعلن "البنك المركزي المصري" عن الانتقال إلى سعر صرف مرن، وهو الركيزة الأساسية في برنامج صندوق النقد الدولي، ما تسبب في انخفاض إضافي في قيمة الجنيه بنسبة 23% ليصل إجمالي الانخفاض منذ فبراير/شباط 2022 إلى حوالي 50%. فاقمت ذلك زيادة تكلفة استيراد المواد الغذائية، ما عرّض الأمن الغذائي للخطر. بحلول أكتوبر/تشرين الأول، كانت أسعار المواد الغذائية قد ارتفعت 37% عن العام المنصرم، وما زالت ترتفع. 

وفي 2020، وهو آخر عام تتوفر عنه بيانات، أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مصر أن واحدًا من كل ثلاثة مصريين، أي حوالي 30 مليون شخص، تحت خط الفقر الوطني.

وقالت سعدون: "يبدو الحد الأدنى للإنفاق الاجتماعي المتزايد في قرض صندوق النقد الدولي الجديد رائعا على الورق، لكن هذه الزيادة في الحقيقة ما هي إلا سراب، إذ فرّغها من محتواها انخفاض قيمة العملة المصرية. كان ينبغي لصندوق النقد ومصر تعديل الحد الأدنى للإنفاق لضمان أن يكون كافيا لحماية حقوق الناس".

ويُتوَقع ازدياد الإنفاق على دعم المواد الغذائية في اتفاقية القرض بالقيمة الاسمية، ولكنه سينخفض من 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 1%، ما يشير إلى إصلاحات محتملة.

كما اعتبرت المنظمة أن انعدام الشفافية في التعاملات التجارية للجيش، يعتمد تحسين المشاكل الاقتصادية المزمنة في مصر إلى حد كبير على معالجة سوء الإدارة المتأصل النابع من أن الحكومة تعطي الأولوية لسيطرتها السياسية، بما في ذلك الدور المتنامي وغير الخاضع للمساءلة الذي يلعبه الجيش في الاقتصاد. لكن العبرة في التنفيذ، إذ تقاعست الحكومة المصرية في ظل البرامج السابقة عن تقليص دور الجيش في الاقتصاد أو جعله أكثر شفافية وخضوعا للمساءلة. 

وحذرت المنظمة من أن تركيز البرنامج الشديد على بيع الأصول الحكومية قد يؤدي إلى خطر الفساد الذي يصب في مصلحة البلدان ذات السجلات الحقوقية التعسفية. يُتوقع أن تجمع مصر من بيع أصول مملوكة للدولة قرابة 8 مليارات دولار، معظمها من دول الخليج.

واعتبرت أنه "في حين يتضمن اتفاق القرض بعض الخطوات المهمة للحد من مخاطر الفساد، مثل إيداع عائدات هذه المبيعات في حساب مخصص في البنك المركزي المصري، فإن الصندوق له قدرة محدودة على ضمان دقة التقييمات".

وعلق جون هوفمان، مدير الأبحاث في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي: "يشكل الدور الواسع وغير الخاضع للمساءلة للجيش المصري في الاقتصاد مخاطر حقوقية جسيمة، ومن الجيد أن صندوق النقد الدولي أخيرا يسلط الضوء على ذلك. لكن بيع أصول الدولة على نطاق واسع بدون تنظيم فعال ورقابة شفافة يهدد بإفادة الدول التي لديها سجل من الانتهاكات الحقوقية".

المساهمون