تونس: فشل استعادة الأموال المنهوبة.. والفساد يكلف مليار دولار سنوياً

25 فبراير 2023
تزايد صعوبة استراداد الأموال (Getty)
+ الخط -

رغم أن مكافحة الفساد المطلب الشعبي البارز في تونس منذ اندلاع الثورة قبل أكثر من 12 عاما ضد نظام وصم باستغلال النفوذ والفساد والكسب غير الشرعي، لم تكسب سلطات تونس الحالية رهان إخراج البلاد من التصنيفات الدولية الحرجة في مؤشرات الفساد ولا استعادة أجزاء من الأموال المنهوبة.

ويعتبر الرئيس قيس سعيّد أن "الفساد ينخر في البلاد كالسرطان"، وأن "مشاكل الشعب الحقيقية تتمثل في البؤس والفقر والتهميش". جاء ذلك في كلمة له الأربعاء الماضي، خلال زيارة أداها إلى، مركز التكوين المهني والشركة التونسية للصناعات الصيدلية بالضاحية الجنوبية للعاصمة، وفق ما نشرته الرئاسة التونسية على صفحتها الرسمية على "فيسبوك".

ويبدو أن رهان سعيّد على اللجنة الوطنية للصلح الجزائي من أجل استعادة "أموال التونسيين" المنهوبة في غضون الأشهر القادمة القليلة سيواصل تعثره، وخاصة أنه أعلن منذ نحو سنة الحرب على الفساد، وكشف عن خطة لاسترداد مليارات الدولار المنهوبة.

وجاءت تونس في مرتبة متأخرة بمؤشرات محاربة الفساد عالميا عام 2022 لتحتل المرتبة 85 عالميا من أصل 180 دولة وهي أدنى مرتبة تحصل عليها منذ سنة 2012. وتقدر سلطة تونس حجم الأموال المنهوبة بنحو 13 مليار دينار (الدولار = نحو 3.1 دنانير)، ويتعيّن على اللجنة استعادتها في غضون 6 أشهر من بدء أعمالها وفق المرسوم الذي يحدد مهامها والصادر في مارس/ أذار 2022.

في الأثناء، يقول عضو الهيئة التسييرية لمنظمة "أنا يقظ" (مدنية) مهاب بن القروي، إن انطباعا شعبيا تشكل لدى التونسيين بفشل السلطات في مكافحة الفساد بينما يظل تقييم النتائج نسبيا، حسب تقديره. ويؤكد بن القروي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الرئيس سعيّد يحتكر خطاب مكافحة الفساد ما تسبب في إقصاء المؤسسات والهيئات المكلفة بمكافحة الفساد، مشيرا إلى أن السلطة لم تحقق أي نتائج في استعادة الأموال المنهوبة أو استصدار أحكام قضائية باتة لإجبار المتهمين باختلاس الأموال على الدفع.

ويعتبر عضو الهيئة التسييرية لمنظمة "أنا يقظ" أن تونس باتت تعاني من فراغ مؤسساتي في مجال مكافحة الفساد بعد إغلاق سعيّد للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد منذ أغسطس/آب 2021، مؤكدا أن للهيئة المجمدة دور كبير في فرز ملفات الفساد وإحالتها على القضاء وحماية المبلغين. ويرجح بن القروي أن يتواصل التعثر في استعادة الأموال المنهوبة داخليا وخارجيا نظرا لضعف آليات التقاضي وعدم قدرة الدولة على مجابهة الكلفة العالية لمتابعة ملفات التقاضي في الدول التي تتضمن أرصدة مجمدة من أموال رجال النظام السابق وعائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي.

وكانت رئاسة الجمهورية شكّلت لجنة خاصّة لاسترجاع الأموال المنهوبة الموجودة بالخارج، بتاريخ 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. وحسب تقارير لمنظمات مستقلة، تعاني تونس من ارتفاع منسوب الفساد الذي يكلف اقتصادها أكثر من مليار دولار سنويا نتيجة تفشي شبكات التلاعب بالمال العام وتراجع سلطة المراقبة الحكومية، فيما تحيل هيئة مكافحة الفساد سنويا على أنظار القضاء المالي مئات الملفات والشكاوى التي يودعها مبلغون أو تكشفها المهمات الرقابية لمصالح الرقابة العامة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، دعا عدد من ممثلات وممثلي منظمات المجتمع المدني المجتمعات والمجتمعين في المنتدى السنوي الخامس لرابطة الهيئات العمومية المستقلة السلطة السياسية إلى التراجع عن تعطيل عمل هيئات عمومية مستقلة في مقدمتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد و"التي أدى إغلاقها التعسفي إلى الإضرار بجهود الدولة التونسية في مكافحة الفساد وفرض قيم النزاهة".

المساهمون