تباطؤ تدفق الأموال الروسية إلى الإمارات

تباطؤ تدفق الأموال الروسية إلى الإمارات

22 ابريل 2024
توقعات بتراجع قطاع العقارات بسبب الاضطرابات في المنطقة (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تراجعت تدفقات الأموال الروسية إلى الإمارات بسبب تشديد البنوك المحلية في تطبيق العقوبات الأمريكية، مما قلل من جاذبية الإمارات للاستثمارات الروسية ودفع الروس للبحث عن وجهات بديلة.
- الضغوط الغربية على الإمارات لتقليص تعاملاتها مع روسيا تزامنت مع إزالة الإمارات من القائمة الرمادية لـ"فاتف"، مما دفع البلاد لتشديد القيود على التعاملات المالية مع الروس.
- على الرغم من التحديات، يظل الوضع الاقتصادي في الإمارات قويًا ومتنوعًا، مع توقعات بتجاوز التحديات المتعلقة بانخفاض الاستثمارات الروسية بفضل مكانتها كمركز اقتصادي إقليمي.

تضاءلت تدفقات الأموال الروسية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وفقا لمصرفيين ومسؤولين تنفيذيين ومتخصصين في الاستثمار، خاصة مع تشديد البنوك المحلية في تطبيق العقوبات الأميركية.

وحسب مراقبين، فإن الإمارات لم تعد الواجهة الجذابة لرؤوس الأموال الروسية، إذ يفكر الوافدون الروس في الانتقال إلى أماكن جديدة أو حتى العودة إلى بلادهم، خاصة بعد مواجهة الشركات الروسية التي تنشئ حسابات مصرفية تدقيقا من البنوك الإماراتية بعد تعرض أبوظبي لضغوط أميركية متزايدة لمعالجة التهرب المحتمل من العقوبات، وفقا لما أوردته وكالة بلومبيرغ الأميركية.

وقال مصرفيون مقيمون في دبي للوكالة إنه على الرغم من أن الطبقة المتوسطة الروسية التي لا تخضع للعقوبات لم تواجه إلى حد كبير مشكلات كبيرة في فتح الحسابات البنكية في الإمارات، إلا أن البنوك رفضت العديد من الزبائن الروس الخاضعين للعقوبات. 

هجمات إيران 

ضاعفت هجمات إيران، المتحالفة مع روسيا، على إسرائيل، الضغوط الغربية على الإمارات بشأن تدفقات الأموال الروسية، بحسب المصادر التي أشارت إلى أن المسؤولين الغربيين طلبوا من أبوظبي الحد من التجارة مع روسيا وعبروا عن قلقهم من استخدام دبي روابطها العالمية لتدفقات الأموال لتجاوز العقوبات، حسب ما أورد تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.

ويعزز من حافز أبوظبي للالتزام بالعقوبات الغربية إزالة الإمارات، في أواخر فبراير/شباط الماضي، من القائمة الرمادية للهيئة الرقابية المالية العالمية "فاتف"، ما جعل الإمارات ومؤسساتها المالية أكثر صرامة في التعامل مع الشركات أو المديرين التنفيذيين الروس.

وعلى الرغم من أن مراقبين لا يعتقدون بحصول هجرة جماعية واسعة النطاق للأموال الروسية من الإمارات، إلا أنهم يرجحون تراجعا حادا للتدفقات الكبيرة، حسب ما نقلت "بلومبيرغ". ولا تقدم دولة الإمارات إحصائيات عن التدفقات الوافدة حسب الجنسية، ومع ذلك، فإن تصنيفات مشتري العقارات تظهر تراجعا لحاملي جوازات السفر الروسية إلى المركز الثالث في العام الماضي، متخلفين عن الهنود والبريطانيين، بعد أن احتلوا المركز الأول في عام 2022. يذكر أن حجم التجارة بين روسيا والإمارات في العام 2022 وصل إلى نحو 10 مليارات دولار، بزيادة نسبتها 95% عن مستوى 2021، حسب تصريحات سابقة لسفير الإمارات لدى روسيا محمد أحمد الجابر. 

تأثير هامشي 

يرى الخبير الاقتصادي الإماراتي علي سعيد العامري أن الوضع الجاري لا يمثل تباطؤا حقيقيا في تدفق في الأموال الروسية إلى الإمارات بقدر ما يمثل انعكاسا لحالة تقترب من الاستقرار في روسيا بعد أكثر من سنتين على الحرب في أوكرانيا، إذ "لا يُتوقع أن تغادر أموال روسية كبيرة إلى الإمارات"، حسب ما يصرّح لـ"العربي الجديد". ويوضح العامري أن التراجع المرصود لتدفق الأموال الروسية إلى الإمارات قد يكون ناتجًا عن عوامل متعددة، مثل التغيرات في السياسات الاقتصادية أو الجيوسياسية في العالم وتشديد القيود على التحويلات المالية من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي. 

ويؤكد العامري أن الإمارات بشكل عام، وإمارة أبوظبي خاصة، لديها اقتصاد قوي ولا يعتمد على الاستثمارات من دولة بعينها بل على استثمارات متنوعة من جميع دول العالم، وهو التنويع الذي حققته الدولة بالفعل في قواعد اقتصادها، ما مكنها من تكوين بيئة أعمال جاذبة وقدرة على جذب المزيد من المستثمرين والأموال من جميع دول العالم.

وفي السياق، نقلت "بلومبيرغ" عن الأستاذ المشارك في كلية لندن للاقتصاد ستيفن هيرتوغ أن التأثير على اقتصاد الإمارات سيكون هامشياً نسبياً نظراً إلى الاهتمام من الأثرياء في أجزاء أخرى من العالم، "ومع ذلك، فإن التأثير على دبي سيكون أكبر قليلاً مما هو متوقع على أبوظبي نظراً لاعتمادها الأكبر على الاستثمار الأجنبي والعقارات"، حسب تقديره. 

تبريد العقارات 

يشير الخبير الاقتصادي اللبناني عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان بيار الخوري، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن التباطؤ الملحوظ في تدفق الأموال الروسية إلى الإمارات، وبالأخص إلى أبوظبي، يُعزى إلى العقوبات الدولية الشاملة المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، والتي حدت من إمكانية الوصول إلى الاحتياطيات الأجنبية الروسية، واستبعدت بعض البنوك الروسية من نظام الرسائل المالية الدولية SWIFT، ما صعب على الروس تحويل مبالغ مالية كبيرة دوليًا.

ومن الناحية الاقتصادية، يلفت الخوري إلى أن الانخفاض في الاستثمارات الروسية قد تكون له تأثيرات متعددة على أبوظبي، فقد ساهمت هذه الاستثمارات تاريخيًا في عدة قطاعات في المنطقة، لا سيما العقارات والبنوك الخاصة، وقد يؤدي تراجعها إلى "تبريد سوق العقارات وتقليص رأس المال المتاح في البنوك المحلية"، حسب تعبيره.

لكن الخوري يتوقع أن يخف الأثر العام لتباطؤ تدفق الأموال الروسية بفضل استراتيجيات أبوظبي المتنوعة اقتصاديًا واحتياطياتها المالية القوية، إذ يمكنها الاستفادة من مكانتها كمركز اقتصادي إقليمي وإمارة منفقة على النمو الاقتصادي، لجذب الاستثمارات من مناطق أخرى ومواصلة تعزيز بيئتها الجاذبة للأعمال لجمهور دولي أوسع.

المساهمون