بيتكوين والضربة القادمة

بيتكوين والضربة القادمة

27 ديسمبر 2020
بيتكوين الأشهر بين العملات الرقمية/Getty
+ الخط -

في أقل من مائة عام شهد العالم نحو 10 أزمات مالية واقتصادية كبرى كاد بعضها أن يطيح بالاقتصاد الدولي كاملا، فقد بدأ القرن بواحدة من أسوأ الأزمات على الإطلاق وهي أزمة الكساد الكبير في عام 1929 والتي تبعها تدهور اقتصادي وركود كبير.
وفي بداية الستينيات شهد العالم تهاويا سريعا للبورصات وأسواق المال الأميركية خلال فترة حكم الرئيس جون كينيدي، واستمر الانهيار من نهاية 1961 حتى منتصف 1962.
ثم وقعت أزمة النفط الشهيرة عام 1973 عقب حرب أكتوبر التي شنتها مصر وسورية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وما صاحبها من تضامن عربي واسع مع مصر، وقطع الدول المنتجة للنفط، خاصة السعودية، السلعة عن الأسواق الدولية، وهو ما أدي إلى حدوث قفزة في أسعار الخام الأسود أثرت سلبا على المؤشرات الاقتصادية وزيادة الأسعار وتكلفة السلع حول العالم.
وعرف العالم في العام 1987 ما أطلق عليه بالإثنين الأسود، حيث تبخرت الأموال من كبريات البورصات العالمية، وتهاوت معها أسعار الأسهم والأوراق المالية، وتكبدت أسواق المال وقتها خسائر مالية ضخمة قدرت بمليارات الدولارات.
إلى أن وصلنا في العامين 1996-1997 إلى ما اصطلح على تسميته بأزمة النمور الآسيوية، وما تبعها من انهيار اقتصادات وعملات دول جنوب شرق أسيا الصاعدة مثل ماليزيا وتايوان وهونغ كونغ وبنغلاديش وغيرها، وصاحب تلك الأزمة وقتها انهيار في البورصات العالمية خاصة مؤشرات "وول ستريت" الأميركية.
وفي الفترة بين 1998 و2001 شهدت الاقتصادات أزمة امتدت لدول عدة منها روسيا والأرجنتين والبرازيل وغيرها. 

ومثلت الأزمة المالية التي اندلعت في شهر سبتمبر/ أيلول 2008 نقطة فارقة في الاقتصاد العالمي، خاصة وأنها بدأت من الولايات المتحدة وامتدت لاقتصادات كبرى منها الأوروبية والآسيوية والخليجية، ثم تركت آثارا مدمرة على اقتصادات الدول النامية، كما صاحبها انهيار بنوك ومؤسسات عالمية كبرى وشركات تأمين وعقارات منها ليمان براذرز وهو واحد من أكبر بنوك الاستثمار في العالم.
وفي عام 2020 تعرض العالم لأزمة مزدوجة، اقتصادية ومالية وصحية واجتماعية، نتجت عن تفشي وباء كورونا في كل دول العالم، وما أحدثه الوباء من خسائر فادحة للاقتصاد العالمي قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 28 تريليون دولار، في حين قدرتها مؤسسات أخرى بأزيد من هذا الرقم، إضافة إلى كلفة إغلاق الاقتصادات والمطارات والحدود وتراجع إيرادات الدول وتفشي حالات الكساد والتعثر المالي وإفلاس الشركات والحزم المالية التي تكبدتها الحكومات للحيلولة دون انهيار الاقتصاد والتي بلغت نحو 5 تريليونات دولار في الولايات المتحدة وحدها.
وقبل أن يودع العالم أزمة كورونا ظهرت مؤشرات أزمة أخرى يمكن أن تتسع رقعتها في العام 2021 وهي ناتجة بشكل أساسي عن ضعف فرص الاستثمار حول العالم، وتدني أسعار الفائدة على العملات الرئيسية ومنها الدولار واليورو، وهو ما أدى إلى الاندفاع غير المحسوب نحو الاستثمار في العملات الرقمية والتي جذبت مليارات الدولارات في فترة وجيزة.

موقف
التحديثات الحية

وفي ظل غياب الرقابة على تلك العملات الافتراضية، وعدم اعتراف معظم الحكومات والبنوك المركزية بها، وقفزات العملات السريعة، وزيادة مخاطرها، فإن فقاعة من المتوقع أن تنفجر في وجه الجميع، دول واقتصادات وأفراد، في أي وقت، خاصة أن عملة بيتكوين الأشهر لا تزال تواصل قفزاتها ليتجاوز سعرها 27 ألف دولار وقيمتها السوقية 500 مليار دولار.
وفي حال تهاوي العملات الرقمية، كما حدث في أوقات سابقة، فإن المتضرر الأكبر هم الأفراد وصغار المدخرين، في حين سيهرب كبار المستثمرين والمليارديرات وبنوك الاستثمار وشركات ادارة المحافظ المالية في الوقت المناسب، وبعد حصد المليارات من جيوب الأفراد الباحثين عن الربح السريع. 

المساهمون