النظام السوري يرفع سعر البنزين وسط استياء شعبي كبير

النظام السوري يرفع سعر البنزين وسط استياء شعبي كبير

09 يناير 2024
يسعى النظام لسد جزء من احتياجاته التمويلية المتصاعدة على حساب فاقة السوريين (Getty)
+ الخط -

للمرة الثالثة خلال 3 أشهر، ترفع حكومة النظام السوري أسعار البنزين من دون أي ضوابط أو دراسات اقتصادية تحقق الحد الأدنى لمعادلة الأسعار مع الدخل الشهري للفرد.

وكانت حكومة النظام اتبعت تحديد مخصصات البنزين والمازوت الشهرية وتقسيم المستفيدين من أصحاب المركبات الخاصة والعامة والفعاليات الاقتصادية إلى فئات متعددة عبر خدمة البطاقة الإلكترونية، لتجزئة الفئات الشعبية، وبالتالي التحكم بردود الأفعال أو حالات الاستنكار كلما ارتفع سعر مادة وأصاب الضرر إحداها.

وطاول الارتفاع الجديد مادة البنزين العادي ليصبح كل ليتر واحد بـ9500 ليرة بعدما ارتفع إلى 8500 ليرة في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وكذلك طاول الارتفاع البنزين 89 أوكتان ليصبح 12430 ليرة بارتفاع قدره 3 آلاف ليرة خلال شهر من الارتفاع السابق.

ورُفع سعر البنزين للمشتركين في القطاع الخاص (مسبق الدفع) إلى 10896 ليرة سورية لليتر الواحد، وذلك بعد أن كان سعره 9 آلاف ليرة سورية.

وكانت وزارة النفط في حكومة النظام قد رفعت، مطلع العام، سعر الليتر المدعوم عبر البطاقة الإلكترونية من مادة المازوت بنسبة خمسمئة بالمائة، إذ كانت حددت سعره في أغسطس/آب الماضي بنحو 2000 ليرة، ليصبح مع مطلع العام 11880 ليرة، بما يفوق سعره غير المدعوم الذي حددته الوزارة في أغسطس بأكثر من ألف ليرة، وليقارب سعره في السوق السوداء بفارق ما بين 500 إلى ألف ليرة.

يأتي ذلك في وقت تتابع فيه الليرة السورية انهيارها مقابل الدولار، إذ بلغ سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، اليوم الاثنين 8 يناير/ كانون الثاني 2024، في السوق السوداء بحسب سعر الصرف في سوق دمشق، 15300 ليرة مقابل كل دولار شراءً، و15500 ليرة سورية مبيعاً، فيما تبلغ قيمة الدولار وفق أسعار الصرف في نشرة الحوالات الصادرة اليوم عن المصرف المركزي 13 ألف ليرة لكل دولار.

الخبير الاقتصادي شاهر عواد لا يستبعد أن ترتفع أسعار المحروقات كل شهرين أو ثلاثة تقريباً، فالميزان الاقتصادي السوري يتجه نحو الانهيار.

ويشير في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ معظم المؤسسات المنتجة في الدولة قد خُصخصت بشكل أو بآخر تماماً، مثل شركات الاتصال، وأصبحت هذه الوزارات والإدارات العامة جزءاً من منظومة اقتصادية تعمل بمنطق الاحتكار والربح من دون أي دراسات لواقع السواد الأعظم من الناس.

يتابع أنّ جميع قرارات رفع أسعار الوقود لا تدخل إلا ضمن منطق الربح والحاجة، من دون الاهتمام بما سيلحق بهذا الارتفاع من زيادة في أسعار النقل والمواصلات والمواد الأولية والمعيشية والمنتجات المحلية.

ويتساءل عواد عن الغاية من وضع أرقام بأجزاء الليرة مثل 40 ليرة و96 ليرة طالما أن المشرع للقرار يُدرك تماماً عدم قيمتها وعدم تداولها منذ زمن ليس قريباً.

وبالنتيجة، يرى عواد أن هذه السياسة الاقتصادية تخدم فئة صغيرة في المجتمع السوري وتتجه بالبلد نحو انهيار سيؤدي إلى فشل في مؤسسات الدولة الخدمية، وهذا لم يعد بعيدا إذا استمرت هذه السياسة الاقتصادية.

ويصف المواطن علي حرب، الذي يعمل في تجارة الخضار والفواكه باستخدام سيارة بيك أب صغيرة تعمل بالبنزين، الواقع الحالي، مدلياً بمثل شعبي: "قالوا لفرعون من فرعنك؟ قالهم ما لقيت حدا يردني".

ويرى علي أنّ "القرارات الحكومية تأتي في سياق إذلال المواطن وسرقته أكثر فأكثر". ويعتبر أن "هذا القرار كغيره من القرارات غير المدروسة سيزيد الشرخ بين النظام والشعب، بعد تعنت الأول في منح الأخير المقومات الكافية لمجاراة الغلاء.

ويوضح، من خلال عمله، أن أسعار الخضار والفواكه ستزيد بالتوازي مع زيادة أسعار النقل، وبالتالي سيكون هنالك المزيد من المواطنين الذين سينكفئون عن شراء الخضراوات والفواكه إلا الأساسية، و"بالتالي سيقل البيع وتزداد صعوبات التسويق".

"مع ازدياد أسعار المشتقات النفطية التي تشكل مادة أساسية لسيارات نقل البضائع والسلع، فإن أسعار كل المواد ستلاقي ارتفاعاً، ما سيزيد الفجوة الكبيرة أصلاً بين الدخل والمصروف لدى الشريحة العظمى من الناس، وعليه سيتزايد التفكير بأي حل للخلاص من هذا الوضع الكارثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأحد الحلول المتوقعة ازدياد أعداد المهاجرين، وكأنما الأمر يأتي ضمن خطة محكمة تهدف لذلك" تقول المحامية والناشطة الحقوقية سلام عباس.

تضيف عباس: "لا نحمل هذه الحكومة، العاجزة أصلاً عن أي حل، سبب هذا الغلاء، إنما نحمل كل ذلك لسلطة الأمر الواقع التي لا تستطيع تقديم الحلول، ومع ذلك تتعنت في الاستمرار على رأس السلطة، غير مبالية بما ستؤول إليه الأمور".

من جهته، يقول المواطن مهند البعيني لـ"العربي الجديد": "الغلاء متوقع ولا يمكن اعتبار ذلك مفاجئاً، وهذه الدوامة التي نعيشها منذ سنوات باتت عند الغالبية العظمى منا بمثابة الواقع الأسود المفروض والذي لا حول لنا فيه أو لا قوة".

يضيف: "لا يمكن الخلاص من هذا الواقع إلا بتغيير جذري للمنظومة الحاكمة التي لا ترى البلد سوى مزرعة تمتلكها، ولا ترى الشعب إلا قطيعاً راضخاً يهز رأسه بالقبول لكلّ مذلة مفروضة".

المساهمون