الغاز ورقة ضغط إسرائيلية على الأردن: هل يملك بدائل؟

31 أكتوبر 2023
مظاهرة سابقة ضد غاز الاحتلال (ليث الجناد/الأناضول)
+ الخط -

لا يستبعد خبراء طاقة واقتصاد أن تستخدم حكومة الاحتلال الإسرائيلي الغاز الطبيعي المسال الذي تزود به الأردن عبر أنبوب نفط تم مده قبل عدة سنوات بين الجانبين كورقة ضغط اقتصادية على حكومة عمّان، في سياق العدوان على قطاع غزة ومهاجمة كافة المواقف المعارضة لها.

لكن خبراء يرون أن الأردن تمكن خلال السنوات الماضية من تعزيز أمن التزود بالطاقة وتعدد مصادرها المحلية والخارجية ما يجعله بمنأى عن التأثر بالضغوط الإسرائيلية إذا تمت في هذا السياق، ويقولون في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الكلفة الاقتصادية لاحتمال وقف تزويد الغاز من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي ربما تكون مرتفعة بعض الشيء على الجانب الأردني بسبب فروقات قيمة التزود بالغاز عبر الأنبوب من استيراده بالبواخر، إلا أن المصادر متعددة ومتاحة لتأمين احتياجات البلاد من الغاز.

وكان الأردن قد وقع مع حكومة الاحتلال اتفاقية لشراء الغاز لمدة 15 عاما بقيمة مقدرة بحوالي 15 مليار دولار وذلك لتعزيز مصادر التزود بالطاقة وسهولة تأمين احتياجات البلاد من الغاز الطبيعي لتوليد الطاقة الكهربائية بكلف أقل من استخدام الوقود الثقيل.

وقوبلت تلك الاتفاقية برفض من الشارع الأردني ومجلس النواب الذي صوت مرتين على مطالبة الحكومة بإلغاء الاتفاقية، لكن ذلك لم يكن ملزما من الناحية القانونية.

الخبير في قطاع الطاقة هاشم عقل قال لـ"العربي الجديد"، إن الأردن لديه إنتاج غاز يومي يصل إلى 30 مليون قدم مكعبة ويمكن زيادته إلى 50 مليون قدم مكعبة. وأضاف أن هنالك أيضا اتفاقيات استيراد الغاز من مصر موقعة في عام 2007 لتزويد الأردن بالغاز اللازم لتوليد الكهرباء.

ولكن انقطاع الغاز المصري بسبب التفجيرات المتلاحقة التي عطلت الأنبوب الناقل عام 2011 أجبر الأردن على إيجاد مصادر بديلة، وتم توقيع اتفاقيات عام 2014 مع شركة شل لشراء 150 مليون قدم مكعبة من الغاز المسال يوميا بكلفة إجمالية 500 مليون دولار سنويا، وهي تشكل 15% من حاجته من الطاقة و25% من حاجة الشركة الكهرباء الوطنية.

يتابع عقل: "توجد في ميناء العقبة البري الوحيد للأردن ويقع جنوب البلاد باخرة لتخزين الغاز المستورد بسعة تخزينية 715 مليون قدم مكعبة، وهناك مشروع ميناء الغاز البترولي في العقبة أيضا". وعن خيارات الأردن في حال انقطاع الغاز الإسرائيلي، أوضح عقل أن اتفاقية السلام مع إسرائيل عمرها 28 عاما والخيار الاقتصادي الأردني والتعاون مع إسرائيل لم يكن موجودا، وهذا يؤشر إلى الخيارات المتعددة التي كانت وما زالت متوفرة في العديد من الدول المنتجة للغاز، مثل مصر والجزائر وقطر والأسواق الفورية.

وأضاف عقل: علينا أن ندرك أن تدني الكلفة الاقتصادية لغاز العدو لا يعني أنه خيار ناجح على المدى البعيد، وهذا ما قد نشهده من توقف الغاز في حال إطالة أمد الحرب أو تعرضها لهجمات تؤدي إلى وقف الغاز، ولفت إلى أن الكلفة الاقتصادية قد تكون أقل من خيارات أخرى، ولكن من المؤكد أن الثمن السياسي والاقتصادي كبيرا جدا في حال لجوء إسرائيل إلى قطع الغاز او استعماله كورقة ضغط سياسي.

واتجه الأردن، بحسب عقل، لتطوير مصادر طاقة محلية وعدم الاعتماد على المصادر الخارجية، ولعل أبرز هذه المشاريع هو مشروع الصخر الزيتي لتوليد الكهرباء.

ويسعى الأردن إلى تعزيز اعتماد الطاقة المتجددة، حيث تم إنشاء العديد من المشاريع الكبيرة، مثل شمس معان ورياح الطفيلة وغيرها، حيث بلغت نسبة مساهمتها من الطاقة الكلية 30% وستصل إلى 50% في عام 2030، وهي من الدول الرائدة في التحول إلى الطاقة المتجددة.

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد"، إن إسرائيل مستعدة للقيام بأي تصرف لمواجهة المواقف المعادية لحربها الإجرامية بحق قطاع غزة، بما في ذلك التلويح بوقف الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع بعض البلدان، وأضاف أن إسرائيل تدرك أن قيامها بهذه التصرفات سيفقدها المزيد من مصداقيتها وعدم الوثوق بها من ناحية إبرام الاتفاقيات وبالتالي ستفكر ألف مرة قبل الإقدام على خطوة إيقاف تزويد الأردن بالغاز.

وأشار إلى أن ذلك سيجعل الدول العربية، التي تقيم معها علاقات تطبيعية حاليا وأخرى على الطريق وبدأت بتنفيذ مشروعات استثمارية، تفكر بمستقبل تعاونها الاقتصادي مع الكيان المحتل.

وقال عايش إنه في حال إقدام حكومة الاحتلال على وقف تزويد الأردن بالغاز، فإن الجانب الأردني وصل إلى مرحلة متقدمة في مجال تعزيز أمن الطاقة والتزود بها من مصادر مختلفة سواء محلية أو خارجية ولديه مخزون كاف منها، إضافة إلى توفر البنية التحتية التي تمكنه من استيراد الغاز مباشرة وتلبية احتياجاته دون نقص.

وزارة الطاقة الأردنية أكدت أن المخزون الاستراتيجي من النفط الخام يغطي احتياجات الأردن لأكثر من 44 يوما، ومخزون المشتقات النفطية يكفي لأكثر من شهرين.

وتواصل وزارة الطاقة مساعيها لزيادة استخراج الغاز الطبيعي من خلال زيادة الاستطاعة الإنتاجية للآبار العاملة حاليا في منطقة الريشة الأردنية وما يعرف بآبار حمزة للغاز، إضافة إلى إنجاز مشروع استخلاص النفط من الصخر الزيتي وتعزيز مصادر الطاقة المتجددة.

المساهمون