الصرافات الآلية في غزة.. بين قصف الاحتلال وسطوة عصابات محلية

الصرافات الآلية في غزة.. بين قصف الاحتلال وسطوة عصابات محلية

14 مايو 2024
البنوك الفلسطينية تعاني من نقص السيولة النقدية - غزة 3 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قطاع غزة يعاني من أزمة نقص حاد في الأوراق النقدية بسبب القصف الإسرائيلي الذي دمر البنوك وقلص الصرافات الآلية، مما زاد من نشاط العصابات الإجرامية وصعوبة حصول السكان على نقودهم.
- القيود الإسرائيلية على الواردات النقدية والسلع الأساسية تفاقم الوضع الإنساني في غزة، حيث يواجه السكان صعوبات في شراء الضروريات بسبب نقص المال وارتفاع الأسعار نتيجة الهجوم على رفح.
- النظام المالي في غزة يعاني من أزمة سيولة بسبب منع إسرائيل ضخ النقد، مما يجبر السكان والتجار على التعامل بعمولات باهظة للحصول على النقد، مضاعفًا الأعباء الاقتصادية على السكان.

يقول سكان وموظفو إغاثة ومصادر مصرفية إن قطاع غزة يعاني نقصا في الأوراق النقدية، وسط أزمة انتعشت فيها عصابات إجرامية وأنشطة استغلال زادت من معاناة الفلسطينيين بعدما منعت إسرائيل الواردات النقدية وتعرضت معظم البنوك في القطاع لأضرار أو دمرتها الحرب.

وبعد أكثر من سبعة أشهر من القصف الإسرائيلي المتواصل، لم يبق إلا عدد قليل من الصرافات الآلية في غزة معظمها في مدينة رفح بجنوب القطاع حيث يعيش زهاء 1.4 مليون فلسطيني. وأمرت القوات الإسرائيلية المدنيين بإخلاء أجزاء من المدينة الجنوبية، مما أثار مخاوف من هجوم وشيك، بعدما دخلت الدبابات مناطق سكنية هناك اليوم الثلاثاء.

وعادت إمدادات السلع الأساسية إلى بعض الأسواق في إبريل/نيسان وأوائل مايو/أيار للمرة الأولى منذ أشهر، بعد إذعان إسرائيل للضغوط الدولية لتعزيز السماح بدخول عدد أكبر من شاحنات المساعدات وسط تحذيرات من مجاعة.

لكن سكانا وموظفي إغاثة يقولون إن كثيرين لا يملكون المال اللازم لشراء ما يحتاجونه. وقال بعضهم إن الهجوم الإسرائيلي على رفح قطع الإمدادات مرة أخرى ورفع الأسعار.

ويتجمع المئات، وأحيانا الآلاف، من الأشخاص اليائسين أمام الصرافات الآلية في غزة وغالبا ما ينتظرون أياما للوصول إليها. وقال ثلاثة من موظفي الإغاثة الغربيين وسبعة سكان لـ"رويترز" إن عصابات مسلحة تطلب أحيانا إتاوة لتمكين المرء من الوصول إلى الماكينات، مستغلة غياب الشرطة الفلسطينية.

وقال أبو أحمد (45 عاما)، وهو من سكان رفح، إنه انتظر سبعة أيام وشعر بالإحباط الشديد لدرجة أنه لجأ لطلب المساعدة من أفراد عصابة يتسلحون بمُدى وبنادق.

وأضاف أبو أحمد الذي طلب عدم ذكر اسم العائلة مخافة التعرض للبطش: "دفعت 300 شيكل (80 دولارا) من مرتبي لواحد منهم مشان (من أجل) أصل الصراف وأسحب راتبي". ويتقاضى أبو أحمد 3500 شيكل شهريا من عمله موظفا حكوميا.

ووصف ثلاثة من موظفي الإغاثة الغربيين العصابات بأنها مجموعات تكونت حسبما اتفق، وظهرت في أنحاء القطاع مع تفاقم اليأس.

وبتاريخ 13 مايو/أيار، لم يكن هناك إلا خمسة مقرات لبنوك وسبعة من الصرافات الآلية في غزة ولا سيما في رفح، بحسب معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني، وهو منظمة غير ربحية مقرها الضفة الغربية. وقبل الحرب، كان في غزة 56 فرعا مصرفيا و91 ماكينة صراف آلي.

ويستخدم الاقتصاد الفلسطيني الشيكل الإسرائيلي. وقال مصرفيون إن النظام المالي في غزة يعتمد بالكامل تقريبا على إسرائيل التي يتعين أن توافق على التحويلات الكبيرة ونقل الأموال إلى القطاع.

ومنعت إسرائيل ضخ النقد في غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، وفقا لسلطة النقد الفلسطينية وجمعية البنوك في فلسطين، وهي منظمة غير ربحية مقرها مدينة رام الله بالضفة الغربية.

وقال عدنان الفليت، مدير منطقة غزة في البنك الإسلامي الفلسطيني الذي يدير أكبر شبكة مصرفية إسلامية في الأراضي الفلسطينية، إن البنك لم تعد لديه سيولة في غزة وإن الأمور بلغت أسوأ ما يمكن تصوره.

ولم يرد بنك إسرائيل (المركزي) على أسئلة تتعلق بحظر التحويلات. ويقول إنه لا توجد بنوك إسرائيلية في غزة وإن الشيكل كان يجري تداوله هناك في الماضي بسبب التجارة والعمال الفلسطينيين في إسرائيل.

ولم يتسن بعد الحصول على تعليق من وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية والمكلفة بتنسيق عمليات توصيل المساعدات إلى الأراضي الفلسطينية.

مقتل أفراد شرطة

وقال إسماعيل الثوابتة مدير المكتب الإعلامي لحكومة "حماس"، إن الشرطة الفلسطينية تحاول حماية ماكينات الصراف الآلي على الرغم من تعرضها لإطلاق النار من جانب القوات الإسرائيلية.

وذكر مسؤول من "حماس" رفض ذكر اسمه أن الشرطة تظل مبتعدة عن الأنظار وتجري فقط مداهمات أو دوريات مباغتة في مواقع بعينها بعد استهداف الضباط في هجمات إسرائيلية.

وفي فبراير/شباط، قال دبلوماسي أميركي كبير منخرط في المساعدات الإنسانية المتوجهة إلى غزة إن القوات الإسرائيلية قتلت أفراد شرطة فلسطينيين كانوا يحرسون قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة.

وذكر سكان أن بعض التجار يتربحون من نقص الإمدادات. وقال مصدران إن بعض أصحاب محلات الصرافة ممن بوسعهم صرف تحويلات "ويسترن يونيون" المالية، بل وبعض الصيادلة الذين يملكون ماكينات بطاقات ائتمانية، يفرضون عمولات باهظة مقابل صرف النقود.

وقال عزمي رضوان، أحد ممثلي النقابات في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن بعض التجار يفرضون عمولات نسبتها 20 أو 30 بالمائة على عمالهم في مدينة غزة وشمال القطاع نظير تسليم العمال رواتبهم.

وأضاف: "هالشي خطير، ربع راتب الموظف يا اللي المفروض يروح للقمة أولاده عم يروح لهدول التجار".

ويعمل في الأونروا في غزة نحو 13 ألفا.

ويذكر أبو محيي الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل لدواعٍ أمنية أنه أحيانا ما يقول بعض الصرافين، بعد خصم العمولات، إنه لا توجد شواكل متوفرة ويجرون عملية الدفع بالدولار بسعر صرف غير مناسب.

أموال عالقة في خزائن

تقول ثلاثة مصادر من الأمم المتحدة ومصرفية، إن هناك مئات الملايين من الشواكل عالقة داخل خزائن بنوك في شمال غزة نتيجة نقص عربات نقل الأموال المدرعة اللازمة لنقلها والخوف من النهب.

وقال المدير العام لجمعية البنوك في فلسطين بشار عودة ياسين، إن الوضع لا يزال غير آمن بالقدر الكافي ليتمكن موظفو البنوك أو الهيئات الدولية من نقل الأموال.

وأضاف أن هناك أزمة حقيقية في نقل الأموال من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، فضلا عن جلبها من خارج القطاع.

وقال سكان إن حجم الأوراق النقدية المتداولة تضاءل بوتيرة أسرع من جراء الإهلاك أو خروجها برفقة المغادرين.

وقال ريك بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية: "توجد زيادة في المواد الغذائية المتوفرة، لكن هناك بالتأكيد نقصاً في النقد اللازم لشرائها".

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون