خسائر مليارية لماكدونالدز وستاربكس .. الأرباح الفصلية تكشف تصاعد زخم المقاطعة بالشرق الأوسط

10 فبراير 2024
سعي إسرائيلي لجذب العملاء بتقديم وجبات مجانية للأطفال في ماكدونالدز تل أبيب (Getty)
+ الخط -

قدم الكشف عن النتائج المالية الفصلية لأشهر سلاسل المتاجر الأميركية في الشرق الأوسط مؤشراً جديداً على استمرار زخم المقاطعة الفاعلة لتلك السلاسل في العالم العربي ودول الخليج، خاصة سلطنة عمان والكويت وقطر، إذ أعلنت "ماكدونالدز" خسائر فصلية للربع الرابع من العام الماضي، وهو الإعلان الذي أدى إلى خسارتها، الاثنين الماضي، لنحو 9 مليارات دولار من قيمتها خلال ساعات.

كما أعلنت شركة "الشايع" الكويتية تفاوضها مع شركة الاستثمار المباشر الأميركية "أبوللو غلوبال مانجمنت" لشراء الأخيرة حصة 30% من "ستاربكس" الشرق الأوسط، التي تملك "الشايع" امتيازها في المنطقة، وذلك على خلفية إعلان "ستاربكس"، في بيان، أن "المبيعات تأثرت بشكل كبير في الشرق الأوسط على خلفية الحرب في غزة".

وانخفض سهم سلسلة القهوة الشهيرة بعد إعلان نتائج أعمالها بنسبة 9.4%، ما أطاح نحو 12 مليار دولار تقريباً من قيمتها السوقية، وفقاً لما أوردته وكالة "بلومبيرغ"، مشيرة إلى أن بيانات مبيعات "ستاربكس" أشارت إلى "تباطؤ مادي" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحسب ما كتب محلل "جيه بي مورغان تشيس آند كو"، في مذكرة.

وبحسب تقرير، نشرته مجلة "نيوزويك" الأميركية في السادس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن تيار "السخط العام" في العالم العربي، يشير إلى أن فروع الشركات الأميركية والغربية ستواجه تحدياً كبيراً خلال الفترة المقبلة.

وكانت الاستجابة لحملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأميركية في الكويت وقطر وعُمان قد دفعت "ماكدونالدز العالمية"، ووكلاءها إلى إصدار بيان، في مطلع نوفمبر/كانون الثاني الماضي، ينفي دعم سلسلة المطاعم الشهيرة أي "طرف في الصراع الدائر حالياً في الشرق الأوسط"، وذلك بعد تصاعد السخط العالمي تجاه حملة الإبادة الجماعية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والتي مر عليها شهر آنذاك.

ومع استمرار حملة الإبادة الإسرائيلية، تصاعد زخم الدعوة إلى مشاركة أكبر في حملة مقاطعة سلاسل المتاجر الأميركية الشهيرة، ما انعكس سلباً على أرباحها الفصلية المعلنة خلال الأيام الماضية.

 ودعت حركة مقاطعة إسرائيل "BDS" مؤخراً إلى تكثيف جهود المقاطعة، مشيرة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني إلى ضرورة "التعطيل السلمي المدروس لنظام الهيمنة الغربية، الذي يسلّح ويموّل ويحمي العدو الإسرائيلي من المساءلة".

كما دعت الحركة إلى تركيز المقاطعة على بضع الشركات الأكثر دعماً لدولة الاحتلال، ومنها: "بوما" للملابس والأحذية الرياضية، وسلسلة متاجر "كارفور"، وشركة "أكسا" الفرنسية العاملة في قطاع التأمين، وشركة HP، وعلامة "Ahava" لمستحضرات التجميل، و"صودا ستريم" للمشروبات الغازية.

المقاطعة زخم مستمر

ويرى الخبير الاقتصادي المصري، مصطفى يوسف، أن الخسائر الناجمة عن المقاطعة "سيطول تأثيرها وسيكون عميقاً وموجعاً للشركات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي لأسباب، على رأسها السمعة غير الأخلاقية التي اكتسبتها هذه الشركات في ظل استمرار العدوان على قطاع غزة، وضرب عرض الحائط بالشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، والقانون الدولي.

 ويضيف يوسف أن استمرار "صورة" قتل العدوان الإسرائيلي للمدنيين والأطفال والنساء وخسارته لمعركة "السردية" إعلامياً على المستوى العالمي يعود إلى نشاط كبير يقوم به المناهضون للصهيونية، سواء في الواقع الحقيقي أو على منصات التواصل الاجتماعي، وهم من يروجون للمشاركة في حملة مقاطعة سلاسل المتاجر الأميركية والإسرائيلية، وتحظى دعواتهم باستجابة واسعة.

وإزاء ذلك، تجد الشركات المالكة لهذه السلاسل نفسها لأول مرة مفضوحة إعلامياً ومعاقبة شعبياً، بحسب تعبير يوسف، الذي أشار إلى أن الزخم المستمر لحملة المقاطعة لا يعود الفضل فيه إلى التعاطف العربي والإسلامي فقط، بل أيضاً إلى كسب القضية الفلسطينية تأييد الأجيال الجديدة تحت 30 عاماً في الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.

ورجح يوسف استمرار زخم المقاطعة حتى مع محاولة هذه الشركات الاعتذار وإظهار الدعم الإنساني للفلسطينيين، مشيراً إلى أن هذا الاستمرار من شأنه دعم ظهور شركات وطنية بديلة تقدم السلع والخدمات التي تقدمها الشركات الأميركية والإسرائيلية، و"تنشر ثقافة مغايرة ومجابهة للثقافة الأميركية التي تحاول الهيمنة مادياً، وتسعى لتحقيق الأرباح عبر تعزيز الثقافة الاستهلاكية لدى الشعوب"، بحسب قوله.

إعادة هيكلة

ويرى الخبير الاقتصادي والمستشار المالي اللبناني، علي أحمد درويش، أن زخم المقاطعة للمنتجات الأميركية وحجمها مرتبطان باحتدام الصراع في منطقة الشرق الأوسط وخاصة العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي أشعل رفض المستهلكين لمنتجات البلدان الداعمة للاحتلال. وأشار إلى أن "حجم المقاطعة يختلف بين بلد وآخر، فمنطقة الخليج، على سبيل المثال، تشهد تراجعاً واضحاً في استهلاك منتجات الشركات التي أعلنت  تبرعاتها لجيش الاحتلال الإسرائيلي".

ويضيف درويش أن بعض البلدان الخليجية، مثل الكويت، تشهد "إعادة هيكلة" في ملكية هذه الشركات على إثر مقاطعة منتجاتها، خاصة بعدما جرى إعلان تراجع في مبيعاتها، ومنها "ماكدونالدز" و"كوكاكولا"، مشيراً إلى أن حالة زخم المقاطعة متشابهة في كل من مصر ولبنان.

وعن مدى استمرار "زخم" المقاطعة في التأثير على سلاسل المتاجر الأميركية والشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، يرى درويش أن هذا الزخم يرتبط بتطور مسار الحرب والرأي العام المستهلك، ثم الأمر مفتوح على عدة احتمالات، الراجح منها في ظل استمرار الحرب وتأججها بالمرحلة المقبلة هو تصاعد زخم المقاطعة وحجمها.

وقد يشمل هذا التصاعد المتوقع زيادة في عدد المنتجات والشركات المستهدفة بالمقاطعة وفق عوامل عدة، على رأسها الحركة الإعلامية التي ترافق إعلان التبرعات التي تقدمها تلك الشركات للاحتلال الإسرائيلي أثناء الحرب، بحسب درويش.

المساهمون