ارتفاعات جنونية في سعر القمح ... من يدفع الثمن؟

ارتفاعات جنونية في سعر القمح ... من يدفع الثمن؟

18 مايو 2022
الهند ثاني دولة منتجة للقمح في العالم بعد الصين (فرانس برس)
+ الخط -

أسعار الغذاء في العالم وجدت من يسكب مزيداً من الزيت عليها، لا من يطفئ لهيبها المستعر أصلاً منذ اشتعال الموجة التضخمية العالمية، وزيادة أسعار الوقود، ومخاطر الجفاف في جنوب الولايات المتحدة وغرب أوروبا، وزاد اشتعالها عقب اندلاع الحرب الأوكرانية في نهاية فبراير/ شباط الماضي.

فقد تعرضت سوق الحبوب لأزمة جديدة أدت إلى حدوث قفزات وارتفاعات جنونية في الأسعار، خاصة القمح الذي ارتفع سعره بنسبة 60% خلال العام الجاري، وهو ما رفع كلفة رغيف الخبز والسلع الغذائية في العديد من دول العالم، وضغط على ميزانيات المواطن قبل الدول المستوردة للغذاء.

أزمة سوق الحبوب الجديدة لم تأتِ هذه المرة بسبب تنامي المخاطر الجيوسياسية حول العالم، واستمرار الحرب الأوكرانية وعدم وجود على أي بوادر على توقفها، حيث إن الدولتين المتحاربتين، روسيا وأوكرانيا، هما أكبر موردين للقمح في العالم ويوفران ما يقرب من ثلث صادرات الحبوب.

تعرضت سوق الحبوب لأزمة جديدة أدت إلى حدوث ارتفاعات جنونية في الأسعار، خاصة القمح الذي ارتفع سعره بنسبة 60% خلال 2022

ولم تشتعل الأزمة بسبب تفاقم التضخم والغلاء خاصة في الدول الكبرى المنتجة للحبوب مثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين.

لكن جاءت هذه المرة من الشرق حيث قررت الهند، يوم السبت الماضي، حظر تصدير القمح بسبب تراجع إنتاجها جرّاء موجات الحر الشديدة وسوء الأحوال الجوية.

وجاء القرار في محاولة من الحكومة لضمان "الأمن الغذائي" لسكّانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة، خاصة بعدما قفز معدل التضخم المحلي إلى أعلى مستوى في ثماني سنوات على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو ما أزعج السلطات الحاكمة، خاصة مع ضخامة معدلات الفقر في الهند.

القرار الهندي أدى إلى حدوث قفزة في أسعار الغذاء في الأسواق العالمية، وارتفاع في كلفة شراء القمح، السلعة الغذائية الأساسية، إلى مستويات غير مسبوقة، وخاصة أن الهند هي ثاني دولة منتجة للقمح في العالم بعد الصين.

كما جاءت القفزة في ظل وجود نقص أصلاً في الإمدادات العالمية من الحبوب على مستوى العالم بسبب الحرب الأوكرانية واضطراب الأسواق وسلاسل التوريد.

ولأنّ الوضع بات خطيراً عالمياً وينذر بمخاطر اجتماعية وسياسية واقتصادية شديدة، فقد تحركت الأمم المتحدة ودول كبرى في محاولة لإيجاد حل لأزمة الغذاء العالمية وإقناع الدول التي وضعت قيوداً على صادرات القمح بالتراجع عن موقفها خاصة أنّ تلك القرارات أدت بالفعل إلى تفاقم نقص الغذاء.

القرار الهندي أدى إلى حدوث قفزة في أسعار الغذاء في الأسواق العالمية، وارتفاع في كلفة شراء القمح إلى مستويات غير مسبوقة

فالولايات المتّحدة ناشدت الهند التراجع عن قرار حظر تصدير القمح، ووزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، حذرت من أن الغزو الروسي لأوكرانيا تسبب في أزمة غذاء عالمية من خلال تفاقم مشكلات الأمن الغذائي في مختلف دول العالم.

ومجموعة السبع الصناعية الكبرى أكدت أنّ قرار الهند من شأنه أن "يؤدي إلى تفاقم أزمة" إمدادات الحبوب على المستوى العالمي، وهناك اجتماعات وزارية مكثفة تعقد في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك لبحث قضية الأمن الغذائي العالمي المعرض لمخاطر شديدة.

وخرجت مؤسسات إنسانية لتؤكد أن زيادات الأسعار قد تؤدي إلى حدوث موجة جوع عالمية خاصة في الدول النامية التي ليست لديها سيولة دولارية كافية تمكنها من شراء الحبوب بأسعار مرتفعة، وتوفر رغيف الخبز للمواطن بكلفة بسيطة.

أزمة الغذاء باتت مشكلة عالمية، خاصة أنّ أسعار القمح ارتفعت خلال العام الحالي لمستويات غير مسبوقة، بسبب القلاقل الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وتراجع إنتاج وصادرات القمح من بعض كبار المنتجين.

والأسعار مرشحة للزيادة في ظل توقعات بزيادة عدد الدول التي ستفرض قيوداً على صادراتها من الحبوب في محاولة لتلبية احتياجات السوق المحلي وكبح موجة التضخم التي باتت سمة عالمية، وتوقعات أميركية بانخفاض إنتاج القمح الأوكراني بمقدار الثلث لعام 2022-2023.

أزمة الغذاء باتت مشكلة عالمية، خاصة أنّ أسعار القمح ارتفعت في 2022 لمستويات غير مسبوقة، بسبب القلاقل الناتجة عن حرب أوكرانيا

هذا عن المنتجين، أما بالنسبة للمستوردين فإن الوضع بات مقلقاً جداً بالنسبة لهم في حال استمرار الحرب الأوكرانية لفترة أطول، مع قلة السيولة الدولارية المتاحة لدى هذه الدول، واستمرار تجاهل الحكومات الاهتمام بقضية الأمن الغذائي، وإعطاء أولويات لقطاعات وأنشطة اقتصادية أقل أهمية.

المساهمون