حيفا والبحر: قبل وصول الغزاة

حيفا والبحر: قبل وصول الغزاة

04 يوليو 2014
حيفا في نهاية الفترة العثمانية، مطلع القرن العشرين
+ الخط -

يشكّل البحر محور معرض الصور الفوتوغرافية "حيفا والبحر" الذي أعده الباحث الفلسطيني جوني منصور. خمسون صورة فوتوغرافية تاريخية بالأبيض والأسود، وبحجم متوسط، ملأت صالة العرض في "مسرح الميدان" بحيفا، كاشفةً حياة المدينة العربية خلال الفترة العثمانية وفترة "الانتداب" البريطاني.

أقدم صورة في المعرض تعود إلى عام 1884، وأحدثها إلى عام النكبة أي البداية الرسمية للاستعمار الصهيوني، علماً أن هذه الصور لا تروي سوى جزء يسير من قصة حيفا، مجتمعاً ومعالم حضارية، نظراً إلى غياب مشهد المدينة العربية في فلسطين التاريخية.

تطلّب تجميع الصور من الباحث منصور عشر سنين من البحث والتنقيب، وجهداً دؤوباً في التواصل مع عائلات حيفاوية من حيفا ولبنان والشتات وكندا وأستراليا والولايات المتحدة وفرنسا، رحّبت بالتعاون معه وأتت بنتاج هذا المعرض الذي يتضمن أيضاً صوراً أُخذت من كتب ومصادر أخرى، كشبكة الإنترنت.

ويتجلى في المعرض انسجام البحر والجبل وما بينهما، كما تتجلى الحياة الاجتماعية والثقافية الغنية للمجتمع المدني الحيفاوي وكيفية تعامله مع الحيز العام، وخصوصاً البحر نظراً إلى موقع المدينة المميز على شاطئ المتوسط.

حفل افتتاح المعرض انطلق بقراءات شعرية وأدبية، فأصغى الحضور إلى قصيدة محمود درويش "النزول من الكرمل"، ثم إلى مقاطع من "عائد الى حيفا" لغسان كنفاني، وأخرى من "سرايا بنت الغول" و"المتشائل" لإميل حبيبي.


حيفا داخل الأسوار، نهاية القرن التاسع عشر

بعد ذلك، شدّد منصور على أهمية بناء العلاقة بين الإنسان والمكان ضمن الزمن التاريخي والواقعي الذي يحتم علينا حماية مقدساتنا ووجودنا وبقائنا، خصوصاً وأن المدينة أخذت شكلاً آخر بفعل السياسات العمرانية الإسرائيلية الساعية إلى التخلص من الموروث العمراني العربي الذي ميّز حيفا وسواها من مدن فلسطين.

وفي هذا السياق، وُزّعت خريطة حيفا العربية على الحضور التي تشمل "مسارات حيفا العربية" الستة من منطلق مناطقها العربية العريقة الستة: وادي النسناس، البلدة القديمة والجهة الشرقية؛ الكبابير ووادي السياح؛ ستيلا ماريس ووادي جمال؛ الشاطئ ألأزرق تل السمك؛ الحليصا ووادي روشميا؛ وحي المحطة والحي الألماني.


صيادو حيفا في فترة الاستعمار البريطاني


ويبرز في الخارطة معالم للعمارة الفلسطينية التي بقيت بعد النكبة بتعريفها العربي للمكان، وأسماء الشوارع والمناطق بالعربية، بعد أن تعبرنت وتأسرلت. والخارطة من إصدار "جمعية التطوير الاجتماعي" في حيفا.

وحول هذه الخريطة، قال منصور لـ"العربي الجديد": "ليست الخريطة مجرد إشارات وألوان وخطوط ومصورات ومفاتيح. إنها تحمل رموزاً وطنية وجودية من الدرجة الأولى. نحن خريطة هذا الوطن بما نحمله من ذكريات وتراث وحضارة وتجربة حياة وعلاقة حياة طويلة العمر مع الأرض التي عليها ولدنا ونعيش فيها ومن أجلها، محافظين على وجودنا وبقائنا بكل ما أوتينا من قدرة وإمكانيات. الخريطة هي فعل تأكيد للوجود والماضي وتطلعات المستقبل".

المساهمون