رسالة إلى الست

03 فبراير 2015
+ الخط -

عزيزتي أم كلثوم،

سأرتكب أكبر حماقة ممكنة وسأكتب لك رسالة أخاطبك بها هكذا، بلا كلفة. أنت طبعاً لن تستغربي بريداً كهذا، فقد عشت حياتك كلّها على وقع رسائل المعجبين والمحبّين.

ولدتُ، آخر السبعينيات، بعد سنوات من رحلتك الأخيرة. لم يكن زمناً سعيداً. أما محبّتك فقد ورثتها عن أهلي. صحيح أني ورثتها ولكني بنيتها من جديد، وهي الآن محبة خاصة امتحنتها سنوات لم تكن سهلة.

أما لماذا أكتب لك الآن، فلأن اليوم مناسبة حزينة. قبل أربعين سنة كانت رحلتك الأخيرة. شاهدت التسجيلات وأنت محمولة على أمواج حزينة من البشر. إن الموت مما لا أفهمه حتى الآن (أنا بالكاد أفهم الحياة).

سنوات طويلة سمعتك فيها، كنت صغيراً، والأرجح أني سأسمعك حين أعود صغيراً من جديد وأدخل صوتك مثلما كان ولد يدخل إلى دار "ستّه"، بدفئها وغموضها وسحرها، في يوم العيد (الست، كما تعرفين، هي الجدّة بلهجة "الشوام" - نحن في فلسطين شوام أيضاً).

إن كنت لا تقرئين الأخبار فلن أثقل عليك بما لا يسر. ليس هناك أسوأ ممن يذهبون بهزائم زمنهم إلى الراقدين تحت التراب. المعذرة، أنت أيضاً راقدة في النجم وفي الليل.

كنت أود أن أحمل إليك أخباراً طيبة. وكان عندي كلام كثير كنت أحسب أني سأقوله، لكنه تبخّر. أعرف، ارتكبت حماقة وسأبدو مثل المراهقين الذين يحبّون النجمات. لا بأس، في حياتي حماقات كثيرة، لن تكون هذه إضافة نوعية لها.

المساهمون