همّام اللوح.. حياة دائمة في غزّة

همّام اللوح.. حياة دائمة في غزّة

25 نوفمبر 2023
همّام اللوح (1987 - 2023)
+ الخط -

"هل تعتقدين أنّني درستُ الطبّ لأكثر من أربعة عشر عاماً لأفكِّر في حياتي وأترك المرضى؟ لا لن أُغادر". بهذه الكلمات أجاب الطبيب الغزّاوي همّام اللّوح (1987) مُحاوِرتَه إيمي غودمان، في لقاء له على إحدى منصّات الإعلام الأجنبيّة، بعد أن سألته عن نيّته في مغادرة القطاع الفلسطيني، مع اشتداد القصف الصهيوني والاستهداف المقصود للمستشفيات.

لم تكن كلمات الطبيب الشابّ نابعةً من فراغ، ولا تُعبِّر عن رأيه فقط، فالمُتابع العاديّ يُدرك تماماً ما تُقدّمه الكوادر الطبّية في غزّة. إنه نموذجٌ إنساني وأخلاقي قلَّ نظيرُه، هذا ما نُعاينُه جميعاً منذ بدء العدوان، وربّما يُفسِّر تفاني وانتماء الأطبّاء الفلسطينيّين التوحُّش الإجرامي في استهدافهم من قبل قوّات الاحتلال الإسرائيلي.

إذاً، كانت تلك الكلماتُ تُعبِّر عن وعي عميق بأنّ كلّ مَن في القطاع مستهدفٌ، ومن دون أيّ استثناء. وهذا ما حدث بالفعل في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، حين قصفت غارةٌ صهيونية منزلاً قرب "مستشفى الشفاء"، كان الطبيب قد أقام فيه، فاستشهد على الفور بصحبة من كان معه: والدُه ووالد زوجته وصهره.

وُلِد همّام اللوح في غزّة عام 1987، وتلقّى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارسها، قبل أن يلتحق بكلّية الطبّ البشري في "جامعة صنعاء"، ثم تخرّج منها عام 2011. لاحقاً، تخصّص في الأمراض الباطنية والكلى في الأردن، وعُيّن في "مستشفى الأردن" عام 2018. بعدها عاد إلى غزّة ليكون طبيب الكلى الوحيد في القطاع، كما عمل مستشاراً لـ"الهلال الأحمر القطري"، الذي أسهم في تنفيذ مشروع عمليات جراحية تخصّصية للمرضى في غزّة.

في العدوان الحالي، لم يكن نشاط اللوح (وهو أبٌ لطفلين)، مقتصراً على العمل الطبّي، بل كرّس جهوده لنقل الصورة الحقيقية لما يجري في غزّة من جرائم إبادة، حيث نجده يُصرّح لإحدى الصحف العالمية بعد يومين من قصف "المستشفى المعمداني"، ويُبيّن حجم الكارثة في "مستشفى الشفاء"، ومعاناة الطاقم الطبّي، قائلاً إنّ الأطبّاء يُحاولون الاستمرار في العمل رغم الخطر والحرمان من الأساسيات.

لا شكّ في أنّ الشهادات الحيَّة التي يُقدّمها أطبّاء غزّة عن واقعهم باتت تُشكّل سجلّاً تاريخياً عن جرائم العدوان اليومية، كما أنها تجاوزت نطاق التصريحات الشخصية لتعبّر عن همّ عام، جاءت المعركة الأخيرة لتكشف عنه، وهذا ما تؤكّده التفاعُلات التي نقرأها عند استشهاد أحد الكواد الطبّية. وفي هذا السياق، كتب بن طومسون، قبل أيّام، وهو طبيب كندي سبق له أن عمل مع همام اللوح: "لقد أراد أن يتمكّن أطفاله من رؤية يوم يتمتّعون فيه بحياة حرّة وعادلة ودائمة في فلسطين، دون احتلال".

المساهمون