متاحف القيروان.. هل تجاوزنا مرحلة الترميم؟

08 نوفمبر 2022
جانب من الفِناء الداخلي لجامع عقبة بن نافع في القيروان، 15 حزيران/ يونيو 2019 (Getty)
+ الخط -

يرتبط اسم مدينة القيروان التونسية - عند كل حديث عن المتاحف فيها -، بـ"المتحف الوطني  للفن الإسلامي" (تأسّس عام 1986)، والذي يقع في منطقة رقادة، ويشغل موقعاً مركزياً في الخريطة المتحفية للبلاد بعمومها، لاحتوائه على لُقى وآثار مدن ثلاث، هي: القيروان، ورقادة، والمنصورية، وهذه كلها لعبت أدواراً سياسية ومعرفية في التاريخ الإسلامي.

أُعلن، قبل أيام، في المدينة (160 كم جنوب تونس العاصمة) عن بدء "المعهد الوطني للتراث" بتهيئة متحفين جديدين لينضمّا إلى المشهد الثقافي والتراثي العمومي.
 
ورغم أنّ الحدث لم يتسابق إلى إعلانه وزراء ومسؤولون كما هي العادة، وتُرك الأمر للمتفقّد العلمي في الولاية فتحي البحري ليكاشف به وسائل الإعلام، إلا أنّ القرار باتخاذ كلّ من "المدرسة الوحيشية" و"المدرسة العوانية"، كمقرّين للمتحفين الجديدين، يُحيلان بشكلٍ ما إلى إجراءات الترميم التي أعلنت عنها وزيرة الثقافة حياة قطّاط القرمازي في السابع من آذار/ مارس لهذا العام، وشملت إلى جانب المدرستين (أو الزاويتين) جامعَ عقبة بن نافع، و"فسقية الأغالبة".

ترميم الأبنية التراثية غايته حماية الناس وصون الجوار قبل أي شيء 

بمعنى آخر، جاء هذا الإعلان الأخير ليقول إن الترميم قد أخذ مداه، وما المتحفان الجديدان سوى نتيجة تؤكّد صلاحية المكان لاحتواء اللقى والآثار. صلاحية وإن كانت مأمولة اليوم فعلاً، إلّا أنها تأخّرت كثيراً، وتأخّر الترميم في أماكن تراثية كالزاويتين طالما شكّل خطراً على الجوار أو حتى المصلّين والمرتادين الذين يؤمّونها، (ما زال تذكّر حادثة انهيار أجزاء من "زاوية سيدي الرنان" في 9 آب/ أغسطس 2019، الواقعة في حي الرحيبة وسط القيروان، يُثير الكثير من القلق لا حول أسباب تأخّر الترميم بل مدى شموليته أيضاً).

هذا ولم نقل شيئاً بعد عن أنّ عملية الترميم ما كانت لتنطلق أصلاً لولا التمويلات والمِنح الأجنبية، وهذا يُعيدنا إلى مربع التساؤل الأوّل؛ إن كان من يبتُّ بمثل هكذا قرارات جهاتٌ أجنبية، فهل يقتصر دور الوزارة على الإعلان مثلاً؟
 
من جهته أكّد البحري أنّ "متحف الوحيشية" سيخصّص للطب على مختلف عصور البلاد السياسية، منذ الحقبة الرومانية وصولاً إلى الفترة الاستعمارية في العصر الحديث، ويحمل اسم "متحف ابن الجزار" نسبةً للطبيب أحمد بن الجزار الذي وُلد في القيروان وعاش في القرن التاسع للميلاد. أمّا المتحف الثاني فسيُخصّص للفنون المعاصرة، وستُنقل إليه قرابة 15 ألف لوحة، من مخازن وزارة الثقافة في العاصمة، وأغلب هذه الأعمال تعود إلى مستشرقين اتَّخذوا من المدينة موضوعاً فنياً لهم.

بعدما سبق، وبالعودة إلى "متحف رقادة"، فبدوره قد نال نصيبه من هذه "الحزمة التجديدية" إن صحّ الوصف. فصحيح أنّ القرارات المُعلن عنها لم تُشفع بمدّة زمنية للتنفيذ، إلا أنّ البحري لفتَ إلى أن موادّ وطرائق العرض في "متحف رقادة" متقادمة "ولم تعد تتلاءم مع الوقت الحالي"، وأن 1388 نقشاً سيرى النور قريباً فيه، كما أنّ الحديقة الخارجية ستُعاد تهيئتها لاستيعاب لُقىً من الحقبة الرومانية.

المساهمون