ما روته "شلبيّة الحكواتية" عن الخليل وبيت لحم وبيت جالا

ما روته "شلبيّة الحكواتية" عن الخليل وبيت لحم وبيت جالا

13 ابريل 2024
سالي شلبي ونظمي للوه وزينة حمارنة وليث سليمان (من العرض)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سالي شلبي، المعروفة بـ"شلبيّة الحكواتية"، تشارك تجربتها في الحرب وتأثيرها على عملها الفني، مُحولةً مشاعر الشلل إلى إبداع في عرض "وأنا شُفت..." الذي يستكشف الحياة تحت الاحتلال في فلسطين بأمل ومقاومة.
- العرض هو نتاج بحث ميداني في بيت لحم والخليل، يُعيد صياغة قصص كبار السن مع أغاني فلسطينية، مُبرزًا كيف يمكن للأفعال اليومية أن تكون مصدر إلهام في مواجهة الاحتلال.
- شلبي تُؤكد على دور الفنون والحكايات في تعزيز الوعي والصمود، مُقدمةً فلسطين بصورة مختلفة تُبرز جمالها وثرائها الثقافي، وتستخدم الفن كأداة للمقاومة والتغيير الإيجابي.

"منذ أن بدأت حرب الإبادة وأنا أَحسُّ بنوع من الشّلل والعجز، بالذات من ناحية الإنتاج الفنّي والحكي"، بهذه الكلمات تُقدّم الحكواتيّة سالي شلبي (المعروفة بـ"شلبيّة الحكواتية") لحديثها مع "العربي الجديد"، التي التقتها على هامش عرضها الجديد "وأنا شُفت..."، الذي قدّمته الأسبوع الماضي، في "دار دروزة" بعمّان.

وانطلاقاً من سؤال الفنون الأدائية ودورها في هذه اللحظة التاريخية وهواجس الفنّانات والفنّانين، تقول: "ما دورنا اليوم تجاه مجتمعنا وأهلنا وجمهورنا، وماذا أقول كحكواتيّة فلسطينية أردنية في هذا الوقت؟ في مطلع هذا العام، بدأتُ أفكّر بما يُمكن سردُه من قِصَص وما دورُها ورسالتها، سواء كانت للكبار أم للصغار. وبهذه الأفكار والهواجس بدأتُ إنتاج عرض 'وأنا شفت...' للكبار وهو يُحاكي المجتمع الفلسطيني والأردني من خلال حيوات أشخاص عاشوا في فلسطين تحت حُكم الاحتلال. أمّا عروض الصغار فقد قرّرتُ إعادة توجيه عرض 'من الفُرن' الذي يدخل سنتَه الثامنة من العروض، ومحتواه حكايات شعبيّة وقصص من أدب الأطفال ليحكي القصص والأغاني، من وعن فلسطين بشكل حصري". 

تحويل شعور العجز والفقد إلى إنتاج وعمل من جديد

مَن يُتابع عمَلَ "شلبيّة" منذ سنوات يعلم أنّ التراث الفلسطيني بمرويّاته وحكاياته الشعبية حاضرٌ دوماً في اشتغالاتها، وبالتالي "وأنا شفت..." ليس جديداً في موضوعه بطبيعة الحال. تُتابع الحكواتية حديثها عن العرض: "'وأنا شفت...' نتاج بحث ميداني قمت به في شباط/ فبراير 2023 في بيت لحم وبيت جالا والخليل، ضمن مشروع 'مسرح المكان' الذي نظّمه 'مسرح الحارة' في بيت جالا، ومن خلال هذا البحث كتبت خمس عشرة قصة مبنيّة على حيوات كبار السنّ من هذه المُدن. تم إنتاج هذه القصص كمسرحيّات وعروض حكي عُرضت في 'مهرجان مسرح المكان' في فلسطين صيف العام الماضي". 

الصورة
سالي شلبي - القسم الثقافي
سالي شلبي

وتتابع "شلبية": "في عروض 'وأنا شفت...' أعدتُ صياغة القصص ولسردها ضمن سلسلة عُروض في عمّان، بحيث يشمل كلّ عرض قصّتين يتخلَّلُهما أغنيات فلسطينية يعزفها ثلاثة موسيقيّين، هُم: ليث سليمان (ناي)، وزينة حمارنة (قانون)، ونظمي للوه (إيقاع). هذه القصص مُلهمة ومليئة بالأمل والمقاومة من خلال الحياة اليومية. في هذه القصص نجد القدوة في أُناس عاديين يعيشون حياة عاديّة ولكنّ مواقفهم وأفعالهم نماذج نحتذي بها، فهُم عاشوا تحت قَمْع الاحتلال ومع ذلك هُم صامدون ومُلهِمون بممارساتهم اليومية". 

تصفُ صاحبة "خير يا طير" (2017 - 2019) عملَها الجديد بأنّه "امتدادٌ لمسيرتي التي تتحوّل من سرد الحكايات الشعبية والمورثات الشعبية لتشمل التاريخ الشفوي والشعبي وشهادات الناس. والفرق الأساسي بهذا العرض هو أني قمتُ بجَمْع القصص من الرُّواة مُباشرة وهذه العلاقة والمعرفة بهم وبقصصهم أضاف عاملاً جديداً للمرويّات، ومن هُنا ينبع اسم السلسلة فالمُشاهَدات قد تكون على لسان الرُّواة وما 'شافوا' في حيواتهم أو ما شهدتُه وأنا معهم". 

ضرورة أن نسرُد قصصنا التي تُلهمنا الصمود والأمل

فرَض العُدوان الإبادي نوعاً من الصعوبات والضغوطات على المُمارَسة الفنّية، حيث تُشير "شلبيّة" إلى أنّ أكبرها تمثّل في "تحويل شعور العجز والفقد والغضب وفُقدان الصوت إلى إنتاج وعمل من جديد، وهو صراع دائمٌ لليوم مع استمرار الحرب. أما إيجاد المادّة المناسبة التي تُلائم الحالة التي نعيشها فهذا أيضاً كان تحدّياً كبيراً، فنحن نسمع القصص والأخبار يوميّاً من غزّة وباقي فلسطين وقد طغت صُور الموت والدّمار والتجويع والقهر على أذهاننا ومن الضروري برأيي أن نسرُد أيضاً قصصنا التي نستطيع أن نستلهم منها الصمود ونستشعر الأمل، لكي نتصدّى لما يحدُث اليوم ونُقاوم هذا الاحتلال بكلّ الطُّرق المُتاحة أمامنا".  

الصورة
وأنا شفت - القسم الثقافي
مُلصَق العرض

تلفت الحكواتيّة إلى أنّ طبيعة عملها قد وضعتها على تماسٍ مُباشر مع الأطفال، وهؤلاء يرون أقرانهم اليوم في غزّة يتعرّضون للإبادة، تقول لـ "العربي الجديد": "أطفالنا اليوم يرون ويسمعون كلّ ما يجري وقد خلقت حرب الإبادة هذه وعياً عالياً لدى الأطفال عن فلسطين والاحتلال، فنجدهم يحثّون أهاليهم على مقاطعة السِّلَع والمحلّات والمطاعم الداعمة للاحتلال مثلاً ويُريدون دعمَ ما هو فلسطينيّ أو دعم أهلنا في غزّة. لذا، دور الفنون لا يقتصر على التفريغ النفسي، بل عبر إيجاد الطُّرق المناسبة للحديث عمّا يجري من حولهم ومساعدة الأطفال للتعبير عمّا بداخلهم من أفكار". 

وتختم سالي شلبي: "أنا أعمل على سرد الحكايات التي تبني صوراً مُختلفة عن فلسطين من أماكن وأحداث وخيال، لتُغذّي مخيّلة الأطفال بالصور والكلمات والجغرافيا والأفكار والحبكات التي تجذّرهم وتقوّي علاقتهم بفلسطين ككلّ وليس فقط عند الحرب. فعلينا أن نروي فلسطين بجمالها وقوّتها وكنوزها وليس فقط بما خلّفه الاحتلال والعدوان".  



بطاقة

تبحث سالي شلبي في قصص بلاد الشام الشعبيّة، وتعمل في هذا المجال منذ عام 2005، حيث قدّمت إلى اليوم عشرات العروض المحلّية والدولية، وكتبت العديد من القصص بالعربية والإنكليزية. اشتُهرت بتقديمها فصولاً من سيرة الملك الظاهر بيبرس منذ سبع سنوات، وتعدُّ أوّل صوت نسوي أقدم على رواية هذه السيرة، كما لها عروضٌ حكواتية وإنتاجات صوتية، من بينها: "خير يا طير" (2017 - 2019)، الذي يروي قصة النكبة الفلسطينية، و"شلبيّات" (2015 - 2019)، و"حياكة الكلام" (2020)، و"رحلة في الجنون" (2021)، و"كنّا وما زلنا" (2021).

مع غزة
التحديثات الحية

المساهمون