مارك ريبو.. صورٌ أخذت نبض العالم لنصف قرن

مارك ريبو.. صورٌ أخذت نبض العالم لنصف قرن

21 يونيو 2023
خلال مظاهرة احتجاجية على حرب الولايات المتحدة ضد فيتنام، واشنطن، 1967 (من المعرض)
+ الخط -

في عام 1953، التقط مارك ريبو صورةً ستتحوّل إلى واحدة من أكثر الأعمال الفوتوغرافية شهرةً في بلده، فرنسا، وفيها يظهر رجلٌ يدهن جانباً من القسم العلوّي من برج إيفيل في باريس، ويستند بخفّة على معدن البرج، ليبدو كمَن يرقص أو يقدّم عرضاً فنّياً، لا كمَن يقف وقفةً خطيرة على علوّ يفوق 200 مترٍ ومن دون عتاد الحماية اللازم لمثل هذه الحالات.

ورغم شهرة هذه اللقطة وغيرها من أعمال ريبو، ورغم أنه كان واحداً من القلّة القليلة من الفنّانين الذين تركوا بصمة أساسية في تطوّر الفوتوغرافيا الفرنسية خلال القرن العشرين، لم ينل المصوّر حقّه الكافي من الشهرة في بلده، بعكس أسماء دخلت حيّز ما يُعرَف بـ"الثقافة العامّة"، مثل هنري كارتييه بريسون أو روبير دوانو.

حتى نهاية العام الجاري، يستمرّ في "متحف كونفلونس" بمدينة ليون الفرنسية المعرض الاستعادي "مارك ريبو: 100 صورة لـ100 عام"، والذي يُقام، منذ شباط/ فبراير الماضي، بمناسبة حلول الذكرى المئوية الأولى على ولادة المصوّر (1923 ــ 2016).

الصورة
في بكين، 1965 (من المعرض)
في بكين، 1965 (من المعرض)

خلال تجربته الطويلة التي امتدّت على نحو ستّة عقود من الزمن (بين مطلع الخمسينيات وعام 2010)، وثّق الفنّان العديد من الأحداث الكُبرى التي شهدتها المعمورة: من التحوّلات التي عاشتها اليابان خلال الستينيات إلى ما عُرف بالثورة الثقافية في الصين التي اندلعت منتصف الستّينيات، مروراً بتحرير فيتنام، وحصار الولايات المتّحدة لكوبا، وبالتقلّباب المناخية التي ألمّت بآلاسكا واضطرّت سكّانها إلى تغيير جانب من أسلوب عيشهم، وليس انتهاء بالتقاطه لجماليات إسطنبول وتغيّراتها الاقتصادية والعمرانية والاجتماعية مطلع الألفية الثانية.

لكنّ الصين تبقى البلد الذي حظي بالاهتمام والوقت الأكبر خلال مساره، حيث بقي يعود إلى هناك ليصوّر أهلها ومدنها وتحوّلاتها الصناعية، موقّعاً حولها أكثر من سبعة معارض وسبعة كتب، بل إن معرضه الأخير، الضخم، كان قد أُقيم في شنغهاي، المدينة التي احتضنت أيضاً معرضاً حوله حمل توقيع أحد تلامذته هناك: تشياو كوان.

الصورة
من المعرض (برتران ستوفليت)
جانب من المعرض (برتران ستوفليت)

جمع مارك ريبو في أعماله بين أمرين يصعب بشكلٍ عام حضورهما سوياً في التصوير الفوتوغرافي: بين البُعد الجمالي، القريب من التشكيل والشعر الصافيين، وبين التصوير التوثيقي الصحافي، الذي عليه أن يسجّل اللحظة ليقول من خلالها حدثاً بعينه، أو جانباً منه. من ذلك، مثلاً، تلك الصورة (أعلاه) التي تظهر فيها فتاةٌ تحمل زهرة تقرّبها من وجهها، بينما على بعد سنتيمترات قليلة منها نرى حربات أسلحة الجنود الأميركيين الذين جاؤوا لاحتواء وقمع الصبية وآلاف المتظاهرين الذين توافدوا، في خريف 1967، للتنديد بحرب بلدهم على فيتنام. صورةٌ قال فيها سنوات من الزمن بجمالية لا تُخطئها العين.

المساهمون