كاتب من العالم: مع أليش شتيغر

كاتب من العالم: مع أليش شتيغر

02 اغسطس 2021
أليش شتيغر خلال "مهرجان أدنبره الدولي للكتاب"، 2017 (تصوير سيمون بادوفاني)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع القارئ العربي. "رغم أنَّ نسبة قرّاء الكتب السلوفينية صغيرة، فإنَّ مساحةَ النشر لدينا واسعةُ ومتنوّعة، والفعاليات الثقافية أيضاً"، يقول الشاعر والكاتب السلوفيني في لقائه مع "العربي الجديد".


■ كيف تقدّم المشهد الأدبي والثقافي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟
- متنوعٌ إلى أبعدِ حدٍّ، عالميٌّ، وحيّ، هكذا يُمكنني أنْ أصف المشهد الثقافي في سلوفينيا. يكمنُ التركيز الأساس في هذا المشهد في الموسيقى، والمسرح، وأشكال الفنون البصرية والتجريبية، والأدب. ورغم أنَّ نسبة قرّاء الكتب السلوفينية صغيرة، فإنَّ مساحةَ النشر لدينا واسعةُ ومتنوّعة، وكذلك الفعاليات التي تضمّ عدّة مهرجانات عالمية... هناك كتب تُترجَم من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى الكثير من المجلّات والدوريات الأدبية. وبودّي، هنا، أنْ أشير إلى أنَّ سلوفينيا ستكون الضيف الرئيسي في أكبر معارض الكتب في العالم؛ أي معرض فرانكفورت، في 2023.


■ كيف تُقدّم عملك لقارئ جديد، وبأي كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟
- نشرتُ حتى الآن أربعة عشر كتاباً، شعراً ونثراً. تتّسم أعمالي بالتنوُّع، كلُّ كتاب أكتبه هو بمثابة حكاية بذاتها. أكثرُ أعمالي ترجمةً هو المجموعة الشعرية "كتاب الأشياء" والكتاب النثري "برلين". مؤخَّراً، كتبتُ روايتين "الغفران" و"اللانهاية"، وثمّة أيضاً مشروع كتابةٍ تجريبي بعنوان "كُتبَ في ذات الموقع"، وهو مستمرّ منذ 2012.

ما سيبقى منا قصائد ونصوص موقَعة بـ"مجهول"


■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟
- التساؤل حول قدرةِ البشر على التدمير الذاتي. نحن نقوم بتغيير كوكبنا بشكلٍ جذري، لكنّنا غير قادرين على التحكّم في هذه التغييرات. نُغيّر المجتمعات أيضاً، ولكن إلى الأسوأ غالباً. نطوّر علاجات جديدة، لكن في ذات الوقت، أمراضاً جديدة أيضاً. نبيعُ الديمقراطية والسلاح في طردٍ واحد. لا نفكرُّ ولا نتصرّف كأنّنا في نفس القارب. نحن تناقُض يمشي على قدمَين.


■ ما أكثر ما تُحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها، وما هو أكثر ما تتمنّى تغييره فيها؟
- لا أشعرُ بأنّني أنتمي إلى حضارة واحدة "نقية". أعتقدُ أنَّه لا يوجد شيء كهذا على الإطلاق. إذا كان عليَّ أنْ أُعرّف نفسي، من المحتملِ أنّني سأقول بأنّني أوروبي. ولكن ما لا أحبُّه مُطلقاً في أوروبا هو الإحساس الخاطئ بالتفوُّق، والسلوك الاستعماري الخبيث الذي تُقابله في كُلِّ مكان تقريباً.


■ لو قُيِّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- لنْ أرغب في تغيير أي شيء. الشعر طريقي.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- على العالم أن يغدو مكاناً أكثر عدلاً في توفير الفرص المتكافئة والحرية في أن يعيش الجميع حياتهم وتقاليدهم وأحلامهم. بدلاً من استنزاف الطبيعة واستغلال البشر الآخرين، علينا أن نحوّل أنفسنا إلى حضارة خلّاقين. أعرفُ أنْ ذلك رُبّما يبدو بعيد المنال، لكنّه، في اعتقادي، الطريقة الوحيدة لنحافظ على هذا الكوكب وعلى الجنس البشري.

ما لا أحبُّه في أوروبا هو الإحساس الخاطئ بالتفوُّق


■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- في كهفٍ تحت الأرض يُطلقُ عليه "ديفجي بيب"، ليس بعيداً عن "ليوبليانا " المكان الذي أعيش فيه، وَجَدَ مُنقّبو الآثار آلةَ "فلوت" مصنوعة من عظْمة إنسان النياندرتال، يعودُ تاريخها إلى 43000 سنة خلت. لعلّها أقدمُ آلةٍ موسيقيةٍ تمّ اكتشافها حتى الآن على كوكبنا. أرغبُ في أنْ أُقابلَ الشخصَ الذي صنعها وأنْ أستمع إلى أغانيه أو أغانيها.


■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟
- التحدّي العظيم للكاتب هو في أن يتغلب على الرقابةِ الذاتية من جانب، وأنْ يُحرّر نفسه من السياسةِ اليومية ومن فيضِ المعلومات من جانبٍ آخر. في نظري، الكاتب ليس مُعلِّقاً سياسياً. الأدب يعملُ في نطاقٍ زمني مختلف كثيراً عمّا يحدثُ في الحياة اليومية.


■ ما هي قضيتك، وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟
- أنا مولع بقوةِ الخيال الإنساني، وكيف بإمكانه أنْ يتعاملَ مع فظائعِ وشرورِ زماننا. تهمُّني محاولاتُ تسميةِ ما لا يُمكنُ تسميته، والتعافي إلى حدٍّ ما من خلالِ فعلِ الكتابة.


■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أي درجة توافق على هذه المقولة، وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟
- أشعرُ بالامتنانِ الكبير لكلّ من ترجموا لي، وأنا من حينٍ لآخر أُترجمُ بنفسي أيضاً. إنّها لَواحدة من أجمل جوانب عصورنا البابلية أنّنا قادرون على الوصولِ إلى كثيرٍ من الأعمالِ المكتوبةِ بلغةٍ أجنبية. كان بمقدور الأجيال التي سبقتنا أنْ تحلمَ فقط بإمكانيةِ أنْ تقرأ أعمالَ بعضها البعض. من ناحيةٍ أُخرى، ليس ثمّةَ شيء يُشبهُ أنْ تقرأ أدباً "عالمياً"، بما أنَّ كلّ الأدب ينبعُ أصلُه من سياقاتٍ مُحدّدةٍ جدّاً. كلّ ما في الأمرِ أنْ هناكَ سياقات معيَّنة مروَّجٌ لها عالمياً، في حين تبقى الأُخرى غير معروفة لأغلبية الناس في العالم.

أُحبُّ لغتي ولم أفكّر مطلقاً في الكتابة بلغة أُخرى


■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب بها؟
- رغمَ أنّها لُغة بعددٍ قليلٍ إلى حدٍّ ما من المتحدّثين، أُحبُّ لُغتي ولمْ أُفكِّر مُطلقاً في الكتابةِ بأيِّ لُغةٍ أُخرى. كُلُّ لُغةٍ هي طريقة لتجرِّبَ العالم وتتناوله من خلالك، لِذا أعتبرُ الكتابةَ بِلغةٍ نادرة هِبةً مميَّزة جدّاً.


■ كاتب منسي من لغتك تودّ أن يقرأه العالم؟ 
- دانِه زايتس Dane Zajc، شاعرٌ ومؤلفٌ مسرحي ومفكِّر. جزءٌ من أعماله متاحٌ على الإنترنت بعدّةِ ترجمات.


■ لو بقي إنتاجك بعد 1000 سنة، كيف تحب أن تكون صورتك عند قرّائك؟
- كما حال كثيرٍ من المؤلّفين من العصورِ القديمة، لا بُدَّ أنَّ صُورتي ستتلاشى وتختفي تماماً. الشيءُ الوحيدُ الذي لا بُدَّ له أنْ يبقى هو قصائد ونصوص، موقَعةً بـ"مجهول".


■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟
- أنا شاكرٌ إلى أبعد الحدود، لأنّك لا تزال تبحثُ عن رفاق روح، وأنَّكَ تمنحُ وقتاً للتعرُّفِ على شخصٍ آملُ أنْ تكون أعماله قادرة على مخاطبتك.

 

بطاقة
Aleš Šteger شاعر وكاتب سلوفيني من مواليد 1973، ينتمي إلى جيل كتّاب ما بعد تفكك يوغوسلافيا. يحمل شهادة البكالوريوس في النقد المقارن واللغة الألمانية من "جامعة ليوبليانا" في سلوفينيا. صدرت له ستُّ مجموعات شعرية؛ من بينها: "كشمير" (1997)، و"كتاب الأشياء" (2005/ الغلاف)، و"كتاب الأجساد" (2010). من إصداراته الأُخرى روايتان هُما: "اللانهاية" (2007) و"الغفران" (2014)، وكتاب نثري بعنوان "برلين" (2017). حصل على جوائز عديدة كانت أولاها "جائزة بترارك للشعراء الأوربيّين الشباب" عام 1999.

وقفات
التحديثات الحية

المساهمون