ذكرى ميلاد: أمين شميل.. في تأريخ الصراع بين الشرق والغرب

ذكرى ميلاد: أمين شميل.. في تأريخ الصراع بين الشرق والغرب

24 فبراير 2022
(بيروت نهاية القرن التاسع عشر، Getty)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم الخامس والعشرون من كانون الثاني ذكرى ميلاد الكاتب والباحث اللبناني أمين شميل (1828 – 1897).


يعيد أمين شميل الذي تحلّ اليوم الخميس ذكرى ميلاده بدايات الصراع بين الشرق والغرب إلى معركة مؤتة التي وقعت بين المسلمين والروم عام 629 ميلادية، وهي وجهة نظر غلبت لدى العديد من النخب خلال القرن التاسع عشر مقابل نظرة أخرى عاينت الصراع بين الدولة العثمانية وأوروبا ضمن حدوده السياسية في اختلاف المصالح بين الطرفين.

يرى الكاتب والباحث اللبناني (1828 – 1897) في كتابه "الوافي في المسألة الشرقية ومتعلقاتها وتاريخ الحرب الأخيرة بين الروس والعثمانيين"، الذي صدر في ستّة أجزاء، بأنه لا فصل بين البواعث الدينية وبين العوامل السياسية التي تجدّد الحروب والخلاف بين شرق المتوسط وغربه على الدوام.

يعود شميل في الأجزاء الثلاثة الأولى من الكتاب إلى بدايات الدعوة الإسلامية وصولاً إلى تأسيس الدولة العثمانية وانتشارها في شرق أوروبا، ثم يخصّص الأجزاء الباقية لمناقشة وتحليل الحرب بين روسيا القيصرية والعثمانيين عام 1877، والتي أتت نتيجة سلسلة حروب بين الجانبين أفضت إلى دخول الأستانة في أزمة اقتصادية خانقة استغلها الغرب لإضعافها.

الصورة
(أمين شميل)
(أمين شميل)

ويستند في تأليفه إلى عشرات المصادر العربية إلى جانب المصادر الغربية، نظراً لإتقانه الإنكليزية واطلاعه الواسع على ما يدور في الغرب بفعل أسفاره المتعدّدة، كما يركّز على فهم الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وراء صعود الخلافة الإسلامية، واحتدام الصراعات بينها وبين إمبراطوريات الشرق والغرب، والعوامل التي قادت إلى تدّخل العديد من القوميات في شؤون الدولة العباسية بعد تراجعها في القرن الرابع الهجري، والتي عاش العرب تداعياتها حتى نهايات الحكم العثماني.

وُلد شميل في قرية كفر شيما بجبل لبنان، وتلقّى علومه الأولية في مدرسة المرسلين الأميركيين، حيث تعلّم مبادئ النحو والحساب واللغة الإنكليزية، ثم تابع درس اللغة العربية والفقه، وسافر إلى لندن عام 1854 وبدأ أعماله التجارية بالتعاون مع القنصل العثماني عبد الله إدلبي في مدينة مانشستر، ليعود سنة 1862 إلى بيروت، ومنها إلى الإسكندرية حيث أنشأ فيها محلاً تجارياً، وتوسعت مصالحه في بريطانيا ومصر وسورية، لكن خسائره ستتوالى بعد ذلك، ما ألجأه إلى مهنة المحاماة ليعتاش منها ويؤسس أيضاً جريدة سمّاها "الحقوق"، إلى جانب اشتغاله في الترجمة.

ترك العديد من المؤلّفات، منها "مقدمات تاريخية علمية"، و"بستان النزهات في فن المخلوقات" (ثلاثة أجزاء)، و"مشروع البنك الوطني"، و"نظام الحكومة الإنكليزية"، و"السدرة الجلية في المباحث القضائية"، و"سهام المنايا"، و"المبتكر" وهو يشتمل على خمسة مقامات تدعى مقامات الأوهام في الآمال والأحكام، وخمس وعشرون قصيدة مؤلفة من ألف وستة وخمسين بيتًا، شرح فيها درجات حياة الإنسان السبع من حين تصوره في الرحم إلى موته وتواريه في التراب، ورواية بعنوان "الزفاف السياسي" تمثل حالة الدول في إبَّان حرب الروس سنة 1877م.
 

المساهمون