النساء الفلسطينيات.. تاريخ من مواجهة الإبادة الصهيونية

11 مارس 2024
من مظاهرة نسوية في تونس العاصمة تنديداً بالإبادة الصهيونية، 8 آذار/ مارس 2024 (Getty)
+ الخط -

لمناسبة "اليوم العالمي للمرأة"، عقد "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" فرعُ تونس، مساء الجمعة الماضي، ندوةً بعنوان "المرأة الفلسطينية والمقاومة: نحو جندرة ما بعد كولونيالية"، شاركت فيها أربع باحثات فلسطينيّات: راوية الناظر، ونوار ثابت، ونور بدر، وسمر عبد العظيم، وقدّمتها الباحثة التونسية عائشة الشايب، وبُثّت عبر منصّة "زووم".

بدأت الندوة بمداخلة للباحثة راوية الناظر، التي تناولت "المرأة الفلسطينية وإعادة الإنتاج الاجتماعي"، لـ"ما يعكسه الموضوع من تعدُّد، فالحروب لا تُخاض عبر البنادق فقط"، ونبّهت إلى "أنّ المرأة الفلسطينية تُجابه ما يفرضه الاحتلال من أنماط حداثية استعمارية على النساء، والمتوافقة ضمناً مع السردية الصهيونية"، ولفتت إلى "دور المرأة الفلسطينية المركزي في المقاومة كما في عمليات النُّطف المُهرّبة، وهذا الدور ينسحب على العدوان الأخير الذي بلغت نسبة الشهيدات فيه 70 بالمئة. مع ذلك، فإنّ وعياً عميقاً من النساء بدورهنّ في إعادة إنتاج الوطن هو السائد حاليّاً. وضمن هذا الإطار يمكن القول إنّنا أمام مشهد للمقاومة النسوية".

وتحدّثت الباحثة عن "ضرورة اقتراح مقاربة جديدة للنظر إلى واقع النساء الفلسطينيات، وعدم اختزالهنّ بالمقاربة الطبقية أو النيوليبرالية، بل من خلال النسوية التشاركية، التي عبرها يُمكننا فَهْم الواقع العربي ككلّ بعد الثورات العربية، وكذلك مسألة المُقاطعة المطلوبة والمُلحّة اليوم أكثر من أي وقت آخر".

تشكّل النساء 70% من مجمل شهداء العدوان الإسرائيلي على غزّة

"المرأة الفلسطينية: من الهزيمة إلى الثورة" عنوان مُداخلة الباحثة سمر عبد العظيم، التي تناولت "الجندرية الفلسطينية بوصفها حالةً خاصّة في الحفاظ على الهوية، موضّحة أنّ مقاومة المرأة الفلسطينية قد بدأت قبل المشروع الاستيطاني الإحلالي، حيث شاركت عام 1893 برفض بناء أول مستعمرة على أرض العفولة، و"بالتالي نحن أمام سيرورة ممتدّة إلى هذا اليوم".

وانتقلت عبد العظيم للحديث عن إنشاء أوّل جمعيّة اجتماعية عامّة للمرأة عام 1903 في عكّا، التي تأسّست على يد نبيهة مُلكي، و'جمعية زهرة الأقحوان' التي بدأت بتنظيم النساء عسكرياً للمقاومة، كما تنامى هذا الدَّور مع الجمعيّات التي نشأت في الشتات بعد نكبة 1948. وبعدها أصبحنا أمام نموذج المرأة الفدائية مثل أمينة دحبور، وريما طنوس، وليلى خالد، وتيرز هلسا، وأمل حنبلي وسهيلة أندراوس".

يأخذ التاريخ طابعاً مُختلفاً حين يُروى على لسان النساء

بدورها، قرأت الباحثة نور بدر واقع النساء من خلال مداخلتها "رحلة الموت في حياة النساء الفلسطينيات: في سوسيولوجيا السجن والحصار"، مُبيّنةً أنّ "النساء والأطفال هم المستهدفون الرئيسيون في حرب الإبادة، ويتكامل هذا مع تدمير البُنية الطبّية من أجل قطع الطريق على استعادة الوجود الفلسطيني". وتابعت: "العدوّ الإسرائيلي أدرك أنّ الفلسطينيّ ينظر إلى الجسد وفقاً لجدلية الأرض والعِرض، وبالتالي بثّ خطابه حول انتهاك أجساد النساء واغتصابهنّ، من أجل تخويف المجتمع وإجباره على الرضوخ للتهجير. وما الصور التي تصل إلينا اليوم من فظاعات يرتكبها جنود الاحتلال إلا مثالٌ على ذلك، وتندرج ضمن مفهوم التحديق الاستعماري، حيث روّج الاحتلال لقدرته على اقتحام تفاصيل حياة الإنسان الفلسطيني".

كذلك عرضت الباحثة تسجيلاً وثائقيّاً يُظهر معاناة نساء غزّة المُصابات بالسرطان في تأمين علاج لهنّ، في أثناء الحصار، وربطت هذه المعاناة برغبة عارمة في تحطيم "حاجز إيرز" الاحتلالي لدى المقاومة الفلسطينية، وهذا ما تبدّى مع بدء عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023.

وختمت الباحثة نوار ثابت الندوة بمداخلتها حول "صوت الهامش في إنتاج المعرفة النسوية"، لافتةً إلى أنّ "التاريخ حين يُروى على لسان النساء يكون له طابع آخر"، وتحدّثت عن تجربة الاستماع إلى أمّهات الأسرى والشهداء، والنساء الشاهدات على العدوان من طبيبات وصحافيات وكذلك المريضات والحوامل.

المساهمون