هل تعاني الدراما السورية أزمة كتّاب؟

هل تعاني الدراما السورية أزمة كتّاب؟

31 مارس 2024
+ الخط -

عودة ألق الدراما السورية، تعافي الدراما السورية.. هي عناوين يتبناها كثير من الصحافيين والنقّاد والمتابعين للدراما السورية، وفي كلّ موسم رمضاني تتهافت تلك الأصوات المطبّلة والمزمرة لعودة الدراما، فمنهم من يضع النجم الفلاني عند القمر، ومنهم من يرفعه رفعةَ الأنبياء، ومنهم من يقارن مخرجيه بكريستوف نولن وألفريد هيتشكوك!

هل اختفت زهوة الدراما السورية؟

لا نختلف على أنّ للحالة الفنية الدرامية في سورية صولات وجولات، ولكنها تكاد تنتهي، خاصة مع بداية الأزمة في سورية، حتى الآن، فالدراما صناعة ككلّ الصناعات التي تأثرت بالحرب، عانت النقص المادي حتى البشري، وتراجع جمهورها ونقادها، يعني تأثرت بيئتها كلّها بنيران الحرب، فتفسّخ الحالة الاجتماعية التي كانت سابقاً على سوية عالية في تقييم العمل الفني، وتحول المجتمع السوري إلى مجتمع حرب وعصابات، يتوق إلى مسلسلات الفانتازيا ورش الرصاص، وتهريب الأسلحة وسحب الخناجر والعنتريات، وميليشلات الجبال الهضاب، واللازمات المكرورة، وثنائيات الخيانة التركية، والميلودراما الهندية.... جعل كل هذا الذائقة الفنية للجمهور السوري في الحضيض، فالذوق الدرامي فيما قبل الـ 2010 ليس كما بعدها.  

هل الدراما السورية شللية؟ 

يبدو من خلال الأعمال المنتجة بالفترات الأخيرة أن لكل أسرة عمل درامي شلة معينة؛ حتى إنّ أصحاب المهنة أنفسهم أحياناً يوسمون قطاعهم بأنه قطاع الشللية والمافيات، فكل مسلسل في كل سنة له  الممثلون أنفسهم والمخرج نفسه وشركة الإنتاج نفسها، لماذا؟ لأن الشركة والقائمين على العمل ينظرون إلى العمل الفني الدرامي على أنه تجارة ربحية كأي تجارة أو مصلحة يعمل بها التجار في العالم، ولذا تبدو أعمالهم أحياناً تجارية بحتة تفتقد لروح الدراما وتبدو دون ثقلٍ فني، تعتمد على ترندات السوشيال ميديا، وعلى سلب عقول الجمهور بالأبطال المتخمين بالدم وبالقتل الانتقامي ومخالفة القانون والدستور، وبالبيئة الشامية التي لا تشبه الشام، فكلُّ مسلسل لدينا عايبة (فتاة تنام مع شاب) وتقوم الحارة بمن فيه على الفتاة، ولدينا داية تنقل أخبار الحارة، ولدينا احتلال فرنسي، يتساءل متابعون بتهكم، هل كانت حالة قتال ومجاهدة الفرنسي في الحقيقة مشابهة لما يعرض في المسلسلات الشامية؟ وإن كانت كذلك فلماذا بقي الفرنسي في سورية أكثر من 25 عاماً؟ 

ممثلون في فخ التنميط

هناك ممثلون يكررون أنفسهم في كل عمل حتى إن الممثل يقحم شخصيته الحقيقية في كل عمل، وصنّاع العمل الفني لا يكلفون أنفسهم جهد تغيير هندام الممثل واللعب في كاريكتره أو تسريح شعره بطريقة مختلفة. 

هناك ممثلون يكررون أنفسهم في كل عمل حتى إن الممثل يقحم شخصيته الحقيقية في كل عمل، وصنّاع العمل الفني لايكلفون أنفسهم جهد تغيير هندام الممثل

 بالتأكيد هذا التكرار يعود إلى كون شركة الإنتاج تنظر إلى العمل الدرامي على أنه تجارة فقط، فكل شركة تراهن على مجموعة لاعبين أساسييين يجلبون لها المال من حيث يعلم هذا الممثل على أي وترٍ تجاري سيضرب

يقول متابعون بسخرية: لاتشاهدوا هذين المسلسلين بالفترة نفسها لأن الأحداث والخطوط والممثلين هي ذاتها. ستتشابك الأحداث بعضها ببعض، وسيتوه المشاهد بين العملين، إذ كيف يكون الممثل ذاته في  الموسم الرمضاني نفسه في ثلاثة أعمال؟ فمرة يكون الحارس الأمني، وفي عمل آخر يكون القاتل، ويكون مرة ابن زعيم الحارة أو أحد قبضاياتها، ألا يمل الممثل من نفسه قبل الجمهور؟ 

أين الدراما من هموم السوريين ومآسيهم؟ 

تركز الأعمال السورية الاجتماعية على الفقر المدقع وحالات الفساد في أجهزة الدولة، وفي الحقيقة هذا تصوير لواقع موجود في كل دول العالم، لكن هل تتحدث المسلسلات عن السياسة؟ لماذا تركيا في سورية، ولماذا روسيا في البحر، ولماذا الأمريكي في التنف، لماذا كل هذا الهرج والمرج بسورية ؟

بعض العاملين في الدراما لا يعملون لجمهورعربي وعالمي، تشعر وكأنهم يخاطبون جمهوراً غبياً ساذجاً لا يمل من الحبكات نفسها والممثلين أنفسهم وتنميطهم، يشعرونك أنهم يسدون إلى الجمهور معروفاً لمجرد إنتاج مسلسل أو عمل سينمائي. 

بشار دولة
بشار عبد العزيز دولة
صحافي ومخرج أفلام وثائقية سوري، يعمل في مجال الصحافة المحلية والعربية وله أفلام شاركت في مهرجانات عالمية عدة.